اقتحم عشرات جنود الاحتلال، في الساعات الأولى من فجر الخميس، منزل المنسّق العام للجنة الوطنية الفلسطينية لمقاطعة إسرائيل (BDS)، محمود النواجعة، و اقتادوه مكبّل اليدين ومعصوب العينين بعيداً عن زوجته وأطفاله الثلاثة.
وُلد محمود النواجعة، 34 عاماً، في يطا جنوبيّ محافظة الخليل، وهو حاصلٌ على درجة الماجستير في العلاقات الدولية.
شهد أطفال نواجعة عملية الاعتقال، وحاول طفلاه البالغان من العمر 7 و 9 سنوات، التصدّي لاعتقال والدهما بشجاعةٍ وتحدّي، فصاح الابن الأكبر بالجنود قائلاً: "اتركوا أبوي. الكلاب ما بتخوّفني. اطلعوا من بيتنا".
وحسب اتفاقية الأمم المتحدة الدولية لقمع جريمة الفصل العنصري والمعاقبة عليها، فإن "اضطهاد المنظمات والأشخاص، بحرمانهم من الحقوق والحريات الأساسية، لمعارضتهم للفصل العنصري"، يعتبر "أحد الأفعال اللاإنسانية المرتكبة لغرض إدامة نظام الفصل العنصري".
انطلقت حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها (BDS) في عام 2005، بنداءٍ صدر عن الغالبية الساحقة في المجتمع الفلسطيني في الوطن والشتات، وتشمل النقابات والحركات الجماهيرية والمنظّمات النسائية والحملات الفلسطينية والقوى السياسية.
تدعو حركة المقاطعة (BDS)، بقيادة اللجنة الوطنية الفلسطينية لمقاطعة إسرائيل، إلى إنهاء الاحتلال ونظام الفصل العنصريّ الإسرائيلي، وإلى انتزاع الحق الذي نصّت عليه الأمم المتحدة بعودة اللاجئين الفلسطينيين، الذين هُجّروا قسّراً خلال نكبة العام 1948، إلى ديارهم.
وفي بيانٍ سابقٍ للجنة الوطنية الفلسطينية للمقاطعة، يرحّب بإدانة العشرات من خبراء حقوق الإنسان في الأمم المتحدة لخطّة الضمّ الإسرائيلية، باعتبارها بلورةً لـ "نظام الأبارتهايد في القرن الحادي والعشرين"، صرّح محمود النواجعة:
"على مدار عقود، سمح التقاعس والتواطؤ الدوليان لإسرائيل بانتهاك القوانين وتصعيد استعمارها للأراضي الفلسطينية المحتلّة، فضلاً عن فرضها نظام الأبارتهايد، وهو نظامٌ منصوصٌ عليه في القانون الداخلي الإسرائيلي.
حان الوقت لجميع الدول والمنظّمات الدولية للامتثال لالتزاماتها القانونية عبر اتخاذ إجراءاتٍ مضادّةٍ فعّالة، بما في ذلك فرض العقوبات على إسرائيل من أجل مواجهة الضمّ الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية ونظام الأبارتهايد والإنكار المستمرّ لحقنا غير القابل للتصرف في تقرير المصير".
وخلال السنوات الأخيرة، نمت حركة المقاطعة (BDS) عالمياً، وتنامى تأثيرها ليصل إلى مختلف البرلمانات حول العالم، من جنوب أفريقيا إلى الكونغرس الأمريكي، وإلى الأحزاب السياسية والنقابات العمّالية والكنائس وحركات العدالة العرقية، وصولاً إلى الشخصيات الثقافية والفنية الشهيرة.
أمّا الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرّفة، فتشنّ منذ سنواتٍ حرباً على حركة المقاطعة (BDS)، معترفةً بتأثيرها الاستراتيجي، إلى الحدّ الذي خصّصت فيه موارد مالية وبشرية هائلة لمحارية الحركة.
داعياً للضغط العالمي لإطلاق سراح محمود النواجعة على الفور، قال المدافع عن حقوق الإنسان وأحد مؤسّسي حركة المقاطعة (BDS)، عمر البرغوثي:
"كمدافعٍ رائدٍ عن حقوق الإنسان، يحظى محمود بتقديرٍ كبيرٍ في فلسطين وحول العالم لشغفه في الدفاع الدؤوب عن الحقوق الفلسطينية. وكقائدٍ شابٍ في المجتمع المدني، يُعتبر محمود نموذجاً يُحتذى به للفلسطينيين، صغاراً وكباراً، وهو مصدر إلهامٍ لدعاة الحقوق الفلسطينية في كلّ مكان.
يحاول نظام الاستعمار-الاستيطاني والاحتلال العسكري والفصل العنصري الإسرائيلي يائساً ترويع نشطاء المقاطعة وعائلاتهم، بعد أن فشل في إبطاء نموّ الحركة. وبينما تصبح إسرائيل نموذجاً يُحتذى به في أقصى اليمين العنصري الاستبدادي حول العالم، أصبحت حركة المقاطعة (BDS) مكوّناً رئيسيّاً في الموجة التقدّمية العالميّة التي تُحارب من أجل عدالة الشعوب الأصلانيّة والعدالة العرقيّة والاقتصادية والاجتماعية والجنسانية والمناخية.
ليس على الدول الدفاع عن المدافعين عن حقوق الإنسان، مثل محمود، فحسب، بل آن الأوان لأن تتحرّك الدول حول العالم لفرض عقوباتٍ قانونيةٍ وموجّهةٍ لإنهاء جرائم الحرب الإسرائيلية والجرائم ضدّ الإنسانية، فضلاً عن نظام الاضطّهاد الإسرائيلي بأكمله. الحريّة لمحمود، والحريّة لكافة الأسرى والأسيرات ومعتقلي ومعتقلات الحريّة في فلسطين والعالم".