- بقلم عدنان الصباح
يبدو ان لا احد معني بالاستيقاظ مبكرا وقد تكون حالة السبات التي اتت بها جائحة كورونا قد طالت السياسة قبل الاقتصاد في بلادنا حيث يسود الانشغال بالجائحة دون نتيجة حقيقية فوق كل القضايا النائمة تحت الرماد وفي المقدمة منها حالة العنف والفوضى المتنامية دون حلول حقيقية تذكر على الارض.
تقول الاحصائيات الرسمية وعلى لسان الناطق بلسان الشرطة ان حالة العنف في تنامي حقيقي فقد قتل في الخلافات والشجارات الداخلية خلال الشهور السبعة الاولى من العام 2020 اكثر من 35 ضحية وهذا الرقم يفوق نفس الفترة من العام الماضي واخطر ما في الامر ان الضحية الاخيرة في مدينة البيرة لم يكن مواطنا عاديا بل هو شقيق لشخصية مركزية في السلطة وفي حركة فتح وبالتالي فقد لا تمضي الامور بهذه البساطة وقبل ذلك كانت الضحية شخص مسئول في فتح في منطقة نابلس وابن لعشيرة ممتدة ويبدو ان الامور تتعاظم دون ان يبادر احد لقرع الخزان الذي مل شعبنا ترداد صرخة غسان كنفاني دون ان يستجيب احد للنداء ودائما بقي الموت الاسود سيد الموقف.
الاف البنادق ومئات الاف الاعيرة النارية موجودة في ايدي ابناءنا في الضفة الغربية دون ان تجد أي استخدام لها سوى الاستخدام في الشجارات والنزاعات الداخلية وعادة ما يكون القتل هو النتيجة وعادة ما تتدخل الجاهات العشائرية لتسكن الامر لا لتلغيه ولم تجري اية مبادرة وطنية لا سياسية رسمية من الحكومة ولا سياسية حزبية من الفصائل والمنظمة ولا عشائرية لاحتواء الموقف قبل انفجاره بشكل قد يكون انفجار بيروت لا يساوي شيئا امامه فكل الجراح ممكن ان تلتئم الا الجرح في الشعب والوطن كما كان جرح غزة والضفة الذي ادى الى تسريب القدس من بين ايدينا حتى دون ان تهتز لنا رقبة على راي مظفر النواب.
اليوم يسود القتل والصراعات والنزاعات والخلافات كل ارجاء الوطن فقد لا يخلو حي فلسطيني من هذه النزاعات وبعضها ظهر الى السطح والبعض الاخر ينتظر تحت رماد السنين دون ان ينطفئ فإلى اين نقود شعبنا وبلادنا بهذا المت وعدم الاكتراث ويجري التعاطي مع احداث القتل والجريمة بتبويس اللحى وتخدير اللحظة دون ان يجري اجتثاث السبب وايجاد الحل الوطني الجمعي القائم على منع ظاهرة السلاح المنفلت والذي لا اب ولا هدف له ووقف ظاهرة تجارة السلاح التي باتت تجارة رائجة في زمن الكساد والركود والحالة الاقتصادية المزرية.
ان المطلوب اليوم من القوى السياسية جميعها وقبل السلطة ان تقدم الاثبات الاهم على جدوى وجودها حتى الان وان تبرر لشعبها انها الحاضنة الحقيقية للمشروع الوطني القادر ان تم استنهاضه من جديد على لجم كل البنادق المنفلتة ووأد الفتنة القادمة لا محالة ان بقي حال الصمت وعدم الاكتراث وادارة الظهر لقضايا الشعب والوطن اليومية وترك الوطن والشعب لعبة بيد حفنة من المنتفعين والمرتزقة يعربدون كيف شاءوا ومتى شاءوا في وطن احوج ما يكون للوحدة والثبات والانتصار على اعداءه من كل حدب وصوب وأخطرهم اعداء الداخل الذين باتوا يحملون شرعية لم يمنحها لهم احد بل هم وحدهم من سطوا عليها في غياب الجميع.
اليوم في فلسطين الحارة اكبر من الأمن والجهة اكبر من السلطة والعائلة فوق الوظيفة والعشائرية فوق الفصائلية والقرش سيد المباديء ولا احد يريد ان يصدق ولا ان يفعل شيئا وهو ما يعني اننا بكل غباء او تواطؤ ننتظر وقوع الفأس بالرأس وهذه المرة سيكون رأس الوطن والشعب والقضية برمتها بعد ان تم تغييب القيم والاخلاق والمباديء والمثل وحتى الايمان الديني الذي لم يعد يشكل رادعا ضد الجريمة والفوضى والفلتان بكل الالوان والاشكال فيا ويلنا ان نحن واصلنا دفن رؤوسنا في التراب.
ان انكشاف الحالة المزرية للبنية السياسية اللبنانية على اثر فاجعة المرفأ والتي جعلت من رئيس دولة اجنبية يستقبل بالترحاب والهتافات من شعب لبنان ترحيبا به ومناداة بإسقاط حاكميهم هي ناقوس خطر موجه ضد أي حالة ترهل او فساد او فوضى اينما كانت وهي تأكيد على ان لا احد يستطيع مواصلة اللعب بالنار الى ما شاء الله دون ان يجد سببا او احدا او موقفا لردعه وبالتالي فان دم ابناءنا وشبابنا الذين يسقطون بشكل مستمر برصاص الفلتان الذي بات يقترب من الحصول على شرعية العشيرة والشارعان لم تبح العصابة غدا مقابل غياب اية شرعيات اخرى سيكون يوما ان لم يجري اقتلاعه بوابة الدمار للشعب والوطن والقضية وبذا فان مواصلة السبات وعدم معاودة الامساك بدربنا واهدافنا موحدين خلف هدف حرية شعبنا وبلادنا وانتصار قضيتنا التي باتت تغيب مقابل خلافاتنا المنفلتة والتي سيصبح الانقسام السياسي بين فتح وحماس امنية لن نطالها مقابل انقسام منفلت لا ضوابط ولا حدود له على الاطلاق.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت