أعلن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو يوم الأربعاء عن إطلاق خمسة خطوط جديدة من الجهود في إطار ما يسمى ببرنامج "الشبكة النظيفة" لـ "حماية البنية التحتية الحيوية للاتصالات والتكنولوجيا في أمريكا"، ليخطو خطوة إلى الأمام في قمع شركات التكنولوجيا الصينية.
ووفقا للخطوط الخمسة، سوف تسعى واشنطن إلى إزالة التطبيقات الصينية "غير الموثوق بها" مثل "تيك توك" و"ويتشات" من متاجر تطبيقات الأجهزة المحمولة في الولايات المتحدة، مما يحد من قدرة مزودي الخدمات السحابية الصينيين مثل ((علي بابا)) و((بايدو)) و((تينسنت)) على الوصول إلى الأنظمة القائمة على السحابة في البلاد، وضمان أن الكابلات تحت سطح البحر "لا يتم تخريبها لجمع المعلومات الاستخبارية" من قبل الصين.
وطبيعة هذه الخطوة هي فك ارتباط فعلي في هذه المجالات بين الصين والولايات المتحدة، وكذلك تلك الدول التي كان بومبيو يضغط عليها للوقوف إلى جانب واشنطن. وعلى الرغم من أنه يطلق عليها اسم "شبكة نظيفة"، فإن الأفكار التي تقف وراءها والوسائل التي استخدمها للوصول إليها قذرة.
ليس هناك أي سبب مبرر لهذه الإجراءات. وتتمثل أعذار بومبيو في أن الشركات الصينية تسرق التكنولوجيات الأمريكية، وتجمع البيانات، وتهدد الأمن القومي الأمريكي، رغم أنه لم يُظهر أبدا أي دليل مقنع على الإطلاق.
بل على العكس من ذلك، تتمتع الولايات المتحدة بسمعة سيئة في التجسس على العالم بأسره، حتى على حلفائها. وربما يكون بومبيو قد اختلق هذه التهم الموجهة إلى الشركات الصينية بناء على تجاربه الخاصة، حيث تبجح ذات مرة في خطاب بقوله "لقد كذبنا وخدعنا وسرقنا".
وسوف تكون لهذه الإجراءات عواقب وخيمة ولن تكون الشركات الصينية هي الوحيدة التي ستعاني. كما ستواجه شركات الدول الأخرى، بما في ذلك الأمريكية، خسائر بسبب تعطل سلاسل التوريد العالمية والتعاون العلمي والتكنولوجي الدولي.
وستضر هذه الإجراءات بمصالح مستهلكي المنتجات التقنية أيضا. وقد قوبل التدقيق السياسي والتهديد بالطرد أو البيع القسري لتطبيق مشاركة مقاطع الفيديو الشهير "تيك توك" من قبل الحكومة الأمريكية بالفعل باعتراضات قوية من الشباب في أمريكا، وتعرض لانتقادات واسعة داخل وخارج البلاد.
وستزيد هذه الإجراءات من تشويه سمعة بيئة الاستثمار والأعمال في الولايات المتحدة، كما حذر محللون بشأن قضية "تيك توك"، التي تم تشبيهها بأعمال القرصنة.
وقد تبجح بومبيو بوجود أكثر من 30 دولة وإقليما في قاربه، ملتزمين باستخدام "بائعين موثوق بهم" حصريا في شبكاتهم النظيفة. من الواضح أنه يحاول نسج شبكة عالمية لقمع شركات التكنولوجيا الصينية وعرقلة التنمية في الصين.
لكن مخططه محكوم عليه بالفشل. سوف تجد هذه "الدول النظيفة" التي ذكرها بومبيو في نهاية المطاف أنها الخاسرة برفضها للتكنولوجيات الصينية. ومن خلال مراجعة تنمية الصين في العقود الماضية، يمكن للناس أن يروا بسهولة أن حيل بومبيو لن تؤدي إلى إبطاء وتيرة التنمية في الصين.
لطالما كانت الولايات المتحدة حاملة لواء مبدأ السوق الحرة والتعامل النظيف في التبادلات الدولية، ولكنها الآن تسحق كل جزء منها بيديها. باعتبارها القوة العظمى الوحيدة في العالم، تتنمر الولايات المتحدة على أي بلد أو أي شركة أو أي فرد يُنظر إليه على أنه تحد محتمل، دون أي احترام للقواعد واللوائح الدولية.
وقد وصفت تعليقات نشرتها مؤخرا العديد من وسائل الإعلام الأمريكية الرئيسية بومبيو بأنه "أسوأ وزير خارجية" في العصر الحديث، أو حتى على الإطلاق، وذلك أساسا بسبب شعوره السافر بالتفوق وتحديه للآداب الدبلوماسية في العلاقات الثنائية والدولية.
ووفقا لاستطلاع للرأي أجرته "أيه بي-نورك" مؤخرا، فإن 80 في المائة من الأمريكيين يقولون بأن البلاد تسير في الاتجاه الخاطئ، وهو أعلى مستوى على الإطلاق.
وهذا ليس مفاجئا، لأنه في ظل قيادة سياسيين في البيت الأبيض مثل بومبيو، من المستحيل على البلاد أن تسير في الاتجاه الصحيح.