أكد محللون محليون على حاجة لبنان إلى حكومة مستقلة يشكلها مهنيون وذلك عقب استقالة حكومة رئيس مجلس الوزراء حسان دياب.
فقد أعلن دياب استقالة الحكومة بعد الانفجارات الضخمة التي دمرت مرفأ بيروت يوم الثلاثاء الماضي وأسفرت عن مقتل 160 شخصا على الأقل وإصابة نحو 6 آلاف آخرين.
ثم واجهت الطبقة السياسية الحاكمة انتقادات شديدة من قبل اللبنانيين الذين اتهموا الحكومة بالإهمال والتراخي من خلال تخزينها كمية ضخمة من نترات الأمونيوم في المرفأ والتي ربما تسببت في حدوث الانفجارات الضخمة.
كما عزا دياب استقالته إلى انتشار الفساد في البلاد، الأمر الذي منع حكومته من تبني خارطة طريق مناسبة ومن العمل في الوقت نفسه على تنفيذ الإصلاحات الضرورية لإنقاذ لبنان من أزمته الحالية.
وفي أعقاب الانفجارات، نزل الناس إلى الشوارع للاحتجاج على الحكومة والطبقة السياسية الحاكمة كلها مطالبين في الوقت ذاته بتشكيل حكومة مستقلة تماما قادرة على العمل لمصلحة لبنان بالإضافة إلى إجراء انتخابات برلمانية مبكرة.
وقال إبراهيم حلاوي، المحاضر في سياسات الشرق الأوسط في رويال هولواي بجامعة لندن، لوكالة أنباء ((شينخوا)) إنه ينبغي تشكيل حكومة مستقلة ذات سلطة تنفيذية، ما سيسمح لها بتنفيذ الإصلاحات الضرورية دون أن يتلاعب بها الزعماء الطائفيون.
ورأى حلاوي أنه يتعين على لبنان تفادي عودة الوضع الراهن، وإحياء الدولة من خلال السماح للحكومة الجديدة ببناء أسس دولة مدنية، بدءا من إجراء دراسة مالية ومحاسبية سريعة وشاملة لخسائر الدولة واحتياطياتها، فضلا عن إجراء تعداد سكاني، والذي لم يتم منذ عام 1932 وجعلها الدولة الوحيدة في العالم التي لم تقم بدراسة ديموغرافية على مدى هذه الفترة الطويلة.
إن "التعداد السكاني يتيح للحكومة فرصة إعادة تأسيس علاقتها مع المواطنين الفعليين، وليس مع أحجام مجردة للطوائف؛ فيما تسمح الدراسة لها باتخاذ قرارات مستنيرة حول كيفية توزيع الموارد بشكل عادل والاستعداد للمفاوضات مع صندوق النقد الدولي"، حسبما قال حلاوي.
ومن ناحية أخرى، شدد حلاوي على أن الانتخابات المبكرة لن تؤدي إلا إلى إعادة إنتاج شرعية الزعماء الطائفيين، ما يؤدي إلى محدودية المقاعد للمعارضة المستقلة، لأن الزعماء الطائفيين أحكموا قبضتهم على المجتمع، ووزعوا الموارد على طوائفهم، وخلقوا ولاءات طائفية على حساب سياسات يقودها المواطن.
وذكر أن "هؤلاء القادة أنفسهم يملكون سلطة إملاء قواعد الانتخابات، بما في ذلك قانون الانتخابات".
ومن جانبه، قال راجح خوري، وهو كاتب عمود في صحيفة ((النهار))، إحدى الصحف الرائدة الصادرة باللغة العربية، لـ((شينخوا)) إن لبنان بحاجة إلى حكومة تكنوقراط لا علاقة لها بالأحزاب السياسية في لبنان.
وأضاف أن "هذه الحكومة ستُمنح سلطة تنفيذ إصلاحات قصيرة المدى لكسب التأييد بعد الانفجارات التي شهدها مرفأ بيروت، وإصلاحات طويلة الأمد لجذب الدعم من صندوق النقد الدولي من أجل إنقاذ اقتصاد البلاد من الانهيار، ثم الخروج بقانون جديد للانتخابات مع إجراء انتخابات برلمانية مبكرة".
وأشار خوري إلى أن الحكومة الجديدة ستتعامل أيضا مع تداعيات الانفجارات وستدير التبرعات من الدول الأجنبية.
أما هلال خشان، رئيس قسم العلوم السياسية في الجامعة الأمريكية ببيروت، فقال لـ((شينخوا)) إنه يتعين على السلطات تسهيل عملية تشكيل حكومة جديدة في القريب العاجل لإعادة البلاد إلى مسار الإصلاحات.
وأضاف خشان قائلا إن "البلاد مفلسة. يجب أن تكون الحكومة الجديدة قادرة على اتخاذ قرارات دون وضع أي عقبات أمام الإنجازات... يجب أن تكون هناك إرادة وتصميم وانعدام للجشع من جانب أعضاء الحكومة".
فقد شهد لبنان في الماضي فترات متعددة من الفراغ السياسي، وهو ما أثر سلبا على اقتصاد البلاد.
ويواجه حاليا أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه، الأمر الذي يستدعي تشكيل حكومة قادرة على تنفيذ إصلاحات هيكلية جادة.