في شوارع بيروت ..متطوعون يرفعون الركام ويدعمون المتضررين من الانفجار

في وسط حي الجميزة ببيروت وقف الشاب اللبناني وسيم كرباج، ينسق مع أقرانه لإزالة الركام ورفع الأنقاض من المنازل ومداخل المباني المهدمة في العاصمة "المنكوبة"، وذلك في خطوة تبناها متطوعون وجمعيات مدنية لدعم المتضررين من تفجير المرفأ الضخم.

ويعد حي الجميزة من "بين المناطق الأكثر تضررا" من الانفجار لقربه من مرفأ بيروت، وبات الحي ، الذي كان يعج برواد المطاعم والسياح من جميع أنحاء العالم، غارقا في الدمار والركام.

وضرب انفجار هائل مرفأ بيروت عصر الرابع من أغسطس الجاري بعد حريق في مخزن يحوي 2750 طنا من "نترات الأمونيوم" شديدة الانفجار كانت مخزنة منذ عام 2014 من دون وقاية.

وهز الانفجار المباني في جميع أنحاء العاصمة اللبنانية، وتسبب بأضرار مادية هائلة في بيروت وضواحيها.

وقدر محافظ بيروت مروان عبود، قيمة الخسائر الناجمة عن انفجار بيروت بأنها قد تتراوح بين 10 و15 مليار دولار.

كما تشير تقديرات إلى أن حوالي 300 ألف شخص فقدوا منازلهم بسبب الانفجار.

وأعلنت السلطات اللبنانية بيروت "مدينة منكوبة"، وفرضت حالة الطوارئ في البلاد لمدة أسبوعين قابلة للتجديد.

وأمام هذا الدمار، تطوعت جمعيات وشباب لبنانيون لإزالة الركام والزجاج المحطم من المنازل والشوارع في أحياء بيروت.

ويقول الشاب المتطوع وسيم كرباج، البالغ من العمر (17 عاما)، وهو يقف في وسط شارع الجميزة لينسق مع زملائه المهام، لوكالة أنباء ((شينخوا)) "نحمل مكانس ورفوش لمساعدة المتضررين من الانفجار".

ويتابع "ندخل إلى المباني والمنازل والمحال التجارية لرفع الأنقاض والأبواب والنوافذ والزجاج المحطم".

ويضيف كرباج، الذي يقيم في منطقة الشوف في جبل لبنان، أن الانفجار لم يؤثر على منطقته، لكنه أتى وزملاؤه للمساعدة "لأن أي أزمة تحدث في أي جزء من لبنان تؤثر على البلد بأكمله"، مشيرا إلى "أن العائلات بحاجة للدعم والمساعدة".

وفي سبيل دعم المتضررين، يعمل الاتحاد النسائي التقدمي، وهو منظمة غير حكومية في لبنان، بالتعاون مع بلدية بيروت، لتقييم الأضرار بالمنازل والمباني في منطقة الجميزة.

وتقول عضو الاتحاد ريما أبو خزام، ل(شينخوا) "إن الجميزة من بين المناطق الأكثر تضررا من الانفجار لقربها من مرفأ بيروت".

وتضيف "عندما ننتهي من المسح والإحصاء للأضرار سنرسلها إلى البلدية، التي ستؤمن بعد ذلك الدعم للأشخاص، الذين دمرت منازلهم جزئيا أو كليا".

وتشير أبو خزام إلى أن جمعيتها تساعد أيضا في أعمال التنظيف ورفع الأنقاض في المنطقة.

وأظهرت صور ومقاطع فيديو نشرها الإتحاد النسائي التقدمي على صفحته الرسمية في (فيسبوك) عضواته، وهن يشاركن في أعمال الإغاثة ومسح الأضرار في عدة مناطق ببيروت.

وعززت الكارثة قيمة التكافل بين اللبنانيين، إذ دفعت العديد من المواطنين ممن لديهم أماكن إقامة متعددة وأصحاب فنادق إلى الإعلان عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن مرافق سكنية للمتضررين والمحتاجين.

وليس هذا فحسب، فقد كانت أكثر المشاهد شيوعا في حي الجميزة لشباب يحملون صناديق تحتوي على طعام ومياه وأدوات تنظيف وأكياس قماشية سميكة لوضع حطام النوافذ والأبواب الزجاجية.

ويقول المنسق المركزي في جمعية "بسمة وزيتونة" للإغاثة والتنمية محمد طالب، إنه جاء من منطقة البقاع بشرق لبنان مع متطوعين للمشاركة في حملة التنظيف والمساعدات، التي أطلقها شباب مستقلون وجمعيات أخرى في البلاد.

ويضم فريق طالب حوالي 200 متطوع، ويساعد هؤلاء في أعمال التنظيف وتقديم المساعدة من طعام ومياه ومأوى للناس ممن فقدوا منازلهم، حسب ما يقول.

ولم يقتصر عمل المتطوعين على حي الجميزة بل شمل مناطق عديدة في بيروت.

ففي منطقة الأشرفية والشوارع المحيطة بها، عمل الطالب اللبناني بينيتو مبارك البالغ من العمر (18 عاما) مع رفاقه ومجموعة من الأساتذة في تنظيف المدارس.

ويقول مبارك لـ(شينخوا) "علينا أن نساعد بعضنا البعض قدر الإمكان خلال هذه الأوقات الصعبة".

بينما عملت "جمعية التنمية من أجل الناس والطبيعة" جنبا إلى جنب مع جمعيات أخرى في أحياء الأشرفية والجميزة والكرنتينا لإجراء تقييم سريع للخسائر لتأمين مساعدات عاجلة.

ويقول زكريا البابا، وهو مدير مشروع في الجمعية المدنية، التي يمولها الاتحاد الأوروبي وشركاء آخرون إن جمعيته "تساعد أيضا في أعمال التنظيف، وإعداد وتوزيع وجبات الطعام على من يحتاجون إليها".

وكان الرئيس اللبناني ميشال عون، قد وعد يوم الجمعة الماضي ببدء أعمال إعادة الإعمار في أقرب وقت ممكن، في وقت تعاني فيه البلاد من أزمة اقتصادية ومالية حادة وغير مسبوقة.

كما أعلن رئيس الوزراء اللبناني حسان دياب مساء أمس الإثنين استقالة حكومته، تحت وطأة احتجاجات اندلعت بعد انفجار مرفأ بيروت.

وفي خطوة دولية لمساندة لبنان، تعهدت دول ومؤسسات مانحة خلال مؤتمر دولي افتراضي أول أمس الأحد بحشد "موارد مهمة" خلال "الأيام والأسابيع القادمة" لدعم الشعب اللبناني، بعد الانفجار الضخم الذي ضرب مرفأ بيروت وأوقع 171 قتيلا وأصاب 6 آلاف بجروح.

وتوافق المانحون على "أن تكون مساعداتهم سريعة وكافية ومتناسبة مع احتياجات الشعب اللبناني ومنسقة جيدا تحت قيادة الأمم المتحدة، وأن تسلم مباشرة للشعب اللبناني بأعلى درجات الفعالية والشفافية".

وذكرت تقارير أن المؤتمر أسفر عن تعهدات بنحو 253 مليون يورو على المدى القصير لمساعدة لبنان عبر الأمم المتحدة.

المصدر: وكالة قدس نت للأنباء - بيروت (شينخوا)