- بقلم : جبريل عوده*
دويلة الإمارات تشق طريقها للإصطفاف مع فريق الأعداء لشعبنا وقضيتنا وأمتنا , إنسلاخا كاملا من كل القيم العروبية والإسلامية , وتجاوزاً كل الثوابت الراسخة في الوعي العربي, وضرباً للأمن القومي العربي وإستهتاراً بالتاريخ ومغامرة بالحاضر وتفريط بالمستقبل عبر الولوج في سرداب الولاء المظلم لمشروع العدو الصهيوني في فلسطين الذي يستهدف الإنسان والأرض والمقدسات والغوص في مستنقع التطبيع الآسن.
لم يكتفي مغتصبي الحكم في الإمارات بإرتكابهم المجازر في البلاد العربية " اليمن , سوريا , ليبيا " وغيرها والتحريض على الفتنة والقتل وتمزيق الشعوب وإثارة النعرات والإنقسامات من أجل تمرير مخططاتها الخبيثة تنفيذاً لرغبات أسيادهم الأمريكان والصهاينة في إستهداف الأمة ومحاولة منع وإحباط نهضتها الحتمية , فأقدمت اليوم على إرتكاب الخيانة العظمى بحق العروبة وخذلان شعوب الأمة من جاكرتا إلى الدار البيضاء عبر المساس الآثم بقداسة قضيتها المركزية الممثلة بفلسطين . إتفاق العار بين ( الإمارات وكيان الإحتلال ) الذي أعلنه ترامب الخميس 13-8 , لم يشكل مفاجئة للمتابعين والمراقبين لخطوات الإمارات التطبيعية وحرصها على القيام بدور المدافع عن الرواية الصهيونية وصولاً لتبرير جرائمها ضد الشعب الفلسطيني , في أكثر من مناسبة أو مؤتمر دولي , وعلى لسان وزير خارجيتها قرقاش , كما لعب سفير الأمارات يوسف العتيبة بتوجيهات من حكام أبو ظبي دور كبير في الترويج للتطبيع مع الكيان الصهيوني , وأبدى الرغبة صراحة في إقامة علاقات دبلوماسية كاملة مع كيان الإحتلال , بل أن العتيبة أعلن تأييد بلاده لصفقة القرن الأمريكية عبر حضوره مؤتمر إعلان صفقة التآمر على فلسطين في البيت الأسود الأمريكي في يناير 2020م ,وهو ينطق بلسانه حكامه.
كما حرصت حكومة الإمارات على إستقبال وفود التطبيع الصهيوني التي وصلت الإمارات للمشاركة في مؤتمرات ولقاءات, بعناوين علمية ورياضية لكسر حالة الرفض الشعبي الإماراتي والعربي للتطبيع مع الصهاينة , وبالتالي تكرار الزيارات وتبادلها تحت عنوان الفائدة والمصلحة المتبادلة قد يسهل تمرير التطبيع الكامل كما هو مخطط , وبكل تأكيد فالشعب الإماراتي الأصيل يرفض التطبيع مع كيان العدوان الصهيوني ,وهذا عهدنا به كما كل الشعوب العربية الرافضة لأي تقارب مع العدو الصهيوني ,الذي يغتصب أرض عربية إسلامية بدعم قوى الإستعمار الغربي.
الهرولة المخزية لحكام الإمارات نحو التطبيع مع الكيان الصهيوني كان علاماتها واضحة في المسار الآثم لسياسات الفريق المغتصب للسلطة في أبو ظبي, ولعل من أبرز البوابات التطبيعية كانت العلاقات الإقتصادية والتبادل التجاري بين الإمارات وكيان العدو الصهيوني حيث شكلت دعماً سخياً لخزانة الصهاينة وساهمت في إستمرارية وبقاء الإحتلال , في تقرير لمنظمة مديري الاقتناء واللوجيستية في الكيان الصهيوني لعام 2008 أكدت الأرقام أن الإمارات تستورد ما قيمته 25,5 مليون دولار من البضائع الصهيونية ، وهذه الأرقام لم تتضمن صادرات المجوهرات من كيان الإحتلال لسوق دبي فقط والتي بلغت 200 مليون دولار.
كما مارست الإمارات التطبيع الثقافي عبر إنتاج أفلام وثائقية وسينمائية داعمة لمشروع التطبيع مع الصهاينة بحجج التعايش وقبول الآخر , في طمس للحقيقة الراسخة في عقول الأجيال والتي تقول بأن جريمة الإحتلال لفلسطين لن يمحوها إلا زوال الإحتلال , كما عملت سفارات الإمارات في عدة دول، على تقديم التهاني لليهود بمناسبة احتفالهم بما يسمى "عيد الحانوكا" (الأنوار) وهذا نص الرسالة "أطيب تمنياتنا لأصدقائنا في الديانة اليهودية بمناسبة اليوم الأول من عيد الأنوار"، وهو ما أنعش الصهاينة وتم وصف الرسائل بـ"الدافئة لانها تأني في سياق دعم روايتهم الزائفة . وفي سياق الترويج للتطبيع والإعتراف بالصهاينة , حرصت الأمارات على بناء أول معبد يهودي رسمي والأكبر بالمنطقة، والذي سيكتمل في ثلاث سنوات ويُفتتح عام 2022< وكالة الأنباء الإماراتية التي أعلنت الخبر قالت أن المعبد اليهودي سيقع ضمن نطاق مجمع للأديان يطلق عليه "بيت العائلة الإبراهيمية" في أبوظبي .
كل الدلائل والشواهد كانت تشير إلى هذه النهاية الفضيحة لزمرة من مغتصبي السلطة في الإمارات , فلا عجب أن يهرول الأوغاد إلى حظيرة الفسق التطبيعي , ولا غرابة أن ينحاز الأشرار إلى بؤرة الإفساد العالمي , ثور جديد من الحظيرة يفر إلى مستوطنة الأعداء, لعله يرتع هناك حيث الخمر والنساء, ثور جديد يهرول وقد غطاه الروث والرائحة النتنة , فلا تستغربوا أبداً فقد سبقتهم ثيران إلى حيث المعلف الحرام وستلحق بهم أخرى تحمل نفس جيناتهم الخبيثة.
السؤال الذي يفرض علينا الإجابة عليه بلا تأخير , أمام هذا المشهد البائس ماذا نحن فاعلون ؟ , أليس وحدتنا فرض عين , وإستعادة قضيتنا لجذورها التاريخية واجب لا تأخير فيه , وإعلاء راية مقاومتنا سبيلاً للعزة والشموخ , أي تأخير للنهوض الوطني في مواجهة المؤامرة يعتبر مشاركة فيها ومساهمة في تمريرها , فالعودة لفلسطين بوابتها بالوحدة والمقاومة .
كاتب وباحث فلسطيني 13-8-2012
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت