شهدت الأوضاع الأمنية والعسكرية على حدود قطاع غزة، خلال الساعات الأخيرة، توتراً ملحوظاً في وقت يواجه الوسطاء الدوليون صعوبات بالغة في إحداث اختراق مواقف الاحتلال وانتزاع موافقة منه لتنفيذ الحد الأدنى من مطالب تقدمت بها حركة حماس عبر الوسيط المصري منتصف الأسبوع الماضي للتخفيف عن سكان القطاع.
وبلغ التوتر ذروته مساء أمس، حيث أفاد الجيش الاسرائيلي أن مسلحين أطلقوا قذيفة من غزة باتجاه الأراضي المستوطنات الحدودية في وقت متأخر من مساء أمس.
وأضاف الجيش في بيان إن منظومة القبة الحديدية اعترضت المقذوف الذي تسبب بإطلاق صفارات الإنذار في جنوب إسرائيل.
يأتي ذلك فيما وافق رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، أفيف كوخافي، مساء أمس، على خطة لسيناريوهات محتملة في ما يخصّ "التوتّرات الأمنية"، في محيط قطاع غزة، في أعقاب تصاعد إطلاق البالونات الحارقة من القطاع المُحاصَر باتجاه المستوطنات الإسرائيلية المحيطة، خلال الأيام الأخيرة، بالإضافة إلى صواريخ زعم الاحتلال أنها أُطلقت من القطاع، وقال وزير الدفاع الإسرائيليّ، بيني غانتس، إن فصائل المقاومة ستتلقى "ضربة قويّة".
وقال غانتس، خلال اجتماعه بكوخافي، بالإضافة إلى قائد المنطقة الجنوبية في جيش الاحتلال: "الجيش الإسرائيلي مستعد، ويدافع، وسيواصل حماية سكان الجنوب، وسيهاجم من يهاجموننا وسيُلحق أضرارًا بالغة بهم".
وفي نهاية الاجتماع الذي شمل مراجعةً استخباراتية، وافق كوخافي على خطة معدة لسيناريوهات محتملة في المنطقة الجنوبية، لم تورد هيئة البثّ الرسميّة الإسرائيليّة (كان "11")، أي تفاصيل بشأنها.
وأغلق الجيش الإسرائيلي، عدة طرق في محيط غزة بالقرب من السياج الحدودي، بالإضافة إلى تغيير الطرق المؤدية إلى مناطق قريبة من السياج، "لتحسين الحماية للقادمين إلى المنطقة"، وفق موقع "واللا" العبري.
وأُعطيَت تعليمات للمزارعين المستوطنين، بعدم العمل بالقرب من السياج الحدودي، فيما اندلعت خمسة حرائق في محيط غزة، نتيجة انفجار بالونات حارقة، لم تتسبّب بأي إصابات.
وفي ساعة مبكرة من فجر أمس، شنت طائرات الاحتلال غارات جوية على اهداف زراعية وأخرى تتبع للمقاومة التي أطلقت من جانبها سبعة صواريخ على الأقل صوب بلدات إسرائيلية قريبة من حدود القطاع.
ومن المتوقع خلال الساعات القادمة أن تتسع دائرة التصعيد العسكرية بين المقاومة ودولة الاحتلال لتعزيز مواقفهما السياسية ومن اجل انتزاع تنازلات في زحمة الوساطات المختلفة التي انبرت خلال الأيام الأخيرة للاتصال والتواصل مع الطرفين.
ولوحظ خلال الساعات الثماني والأربعين الماضية توسيع الاحتلال من دائرة قصفه واستهدافه لمواقع المقاومة والتي قابلته هي الأخرى بتوسيع دائرة اطلاق الصواريخ والمقذوفات باتجاه بلدات غلاف غزة، في وقت تناقصت اعداد البالونات الحارقة والمتفجرة التي تطلق باتجاه البلدات الإسرائيلية والتي لجأ اليها النشطاء منذ أسبوعين للضغط على الاحتلال لتنفيذ تفاهمات الهدوء التي توصل اليها الاحتلال وحركة حماس قبل عامين برعاية مصرية واممية وقطرية.
وعلمت "الأيام" أن حركة حماس رفعت حالة التأهب وسط قواتها وعناصرها الى اعلى المستويات تحسباً من اقدام الاحتلال على ارتكاب عدوان جديد، لا سيما بعد قراره نشر المزيد من بطاريات القبة الحديدية في منطقة غلاف غزة وحظره للنشاط الزراعي للمستوطنين في المناطق المحاذية للقطاع، وتمثلت حالة التأهب في إخلاء كافة المراكز والمواقع العسكرية، بالإضافة الى انتشار مقاتلين في مواقع وخطوط جديدة ترافقت مع تحرك وتنقل معدات عسكرية.
ووصف صلاح البردويل عضو المكتب السياسي لحركة حماس خلال حديث خاص لـ"الأيام" تهديدات الاحتلال الأخيرة للقطاع ولحماس ونصبه لبطاريات إضافية لمنظومة القبة الحديدية بأنها "تأتي في إطار الضغط والحرب النفسية التي يمارسها ضد الشعب الفلسطيني والمقاومة التي تدرك أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يعيش في مأزق وأزمة سياسية حقيقية"، ولكنه لم يستبعد إقدام الاحتلال على زيادة حدة تصعيده العسكري ضد القطاع خلال الساعات القادمة كنوع من الضغط على المقاومة للتراجع عن مطالبها الإنسانية التي حملها الوفد المصري.
وحول التحركات السياسية وجهود الوساطات التي تقودها مصر وقطر والأمم المتحدة لانتزاع فتيل الانفجار، قال البردويل إن نتائج هذه الجهود تكاد تكون معدومة ولا تزال متواضعة جداً وضعيفة بسبب التعنت الإسرائيلي ورفضه تنفيذ المتطلبات الإنسانية التي طلبتها حركة حماس عبر الوسيط المصري الذي قدم الى غزة الاثنين الماضي.
وأضاف البردويل إنه وبالرغم من الصعوبات الكبيرة التي تواجه الوسطاء بسبب التعنت الإسرائيلي الا انهم مستمرون في وساطاتهم من اجل تحقيق اختراق حقيقي ينهي جولة التصعيد الإسرائيلية ويلجم العدوان الإسرائيلي.
وقال البردويل إنه لا يمكن بعد الآن السكوت او تحمل استمرار فرض الحصار على سكان القطاع، مشيراً إلى أنهم في غزة بانتظار عودة الوفد المصري حاملاً رداً إسرائيلياً بالموافقة على جميع الطلبات والمتمثلة في تحسين أوضاع الكهرباء وصولاً الى إنهائها، والسماح بدخول عشرات آلاف العمال والتجار الى إسرائيل، والسماح بالاستيراد والتصدير الحر للبضائع من والى القطاع، بالإضافة الى تنفيذ مشاريع تنموية وإغاثية تسمح بتشغيل مائة ألف خريج وعامل، وتوسيع مساحة الصيد.
المصدر صحيفة الأيام