وكالة "الاونروا " الحاضر الغائب

بقلم: فتح وهبه

الاونروا
  • فتح وهبه  

 يُحمِّل اللاجئين الفلسطينيين في لبنان وكالة "الاونروا" المسؤولية عمّا آلت إليه الأوضاع في مخيماتهم، حيث إنتشر الفقر والبطالة والجوع والحرمان بينهم بشكل مخيف، وساءت أوضاعهم الصحية والنفسية ليجدوا أنفسهم غير قادرين تأمين إحتياجاتهم نتيجة عدم تحمل وكالة الاونروا مسؤولياتها تجاههم في ظل تداعيات جائحة كورونا والأزمة الإقتصادية الصعبة التي يعيشها لبنان إلى يومنا هذا .
نعم اليوم غالبية اللاجئين الفلسطينيين في لبنان يتهمون وكالة "الاونروا" بممارسة التضليل والتسويف بحجة نقص التمويل، لتبرير تقاعسها في تقديم المساعدة والعون لهم، وهم اليوم يطالبون وكالة "الاونروا" بإعلان حالة الطوارئ ورفع التغطية الإستشفائية إلى مئة بالمئة، ويطالبونها أيضاً بمساعدة مالية جديدة ترتقي لحجم المأساة التي يواجهونها لكي يستطيعوا النفاد بأرواحهم لأن المساعدة النقدية السابقة ألتي خصتها وكالة "الاونروا" لهم لمرة واحدة ( 112ألف ليرة لبنانية لكل فرد ) ما يعادل قيمته اليوم ( 14دولار امريكي فقط ) هي مساعدة هزيلة لا تسمن ولا تغني من جوع وهي بمثابة إهانة صريحة لهم أمام ملايين الدولارات التي تتلقاها هي على شكل مساعدات، باﻹضافة إلى أن هذا المبلغ فقد قيمته الشرائية أمام إرتفاع سعر صرف الدولار وبالكاد يسد حاجة الفرد لأربعة أيام ولكي أكون أكثر صراحة إن غالبية من إستلموا هذه المساعدة سدوا بها ديونهم .
أليوم معظم اللاجئين الفلسطينيين في لبنان باتوا غير قادرين تأمين قوت عيشهم اليومي وتسديد فاتورة الإستشفاء والكهرباء وإشتراك الموتور وثمن مياه الشرب، ولم يعد أيضاً بمقدور المستأجرين منهم دفع إيجار المنازل التي يسكنونها وعلى وجه الخصوص الذين لم يستلموا بيوتهم بعد في المخيم القديم، وأكثر من ذلك الكثير من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان إن تم فتح المدارس من جديد لن يستطيعوا تأمين المستلزمات المدرسية والقرطاسية لأبنائهم الطلاب لأن أسعارها تضاعفت عما كانت عليه في السنة الماضية بشكل جنوني، مما قد يدفع الكثيرين منهم إلى إعادة التفكير في إرسال أطفالهم إلى المدرسة، هذا غير فاتورة النت والموبايل والإشتراك بالقنوات الفضائية وجميعها من الضروريات في زماننا هذا، فماذا تفعل هذه المساعدة النقدية الشحيحة أمام كل هذه المصاريف والمدفوعات وأمام كل هذه التحديات والمعطيات والأوضاع المأساوية التي يعيشونها ؟ مقارنة بباقي اللاجئين الفلسطينيين في الدول المستضيفة الأخرى وفي ظل غياب أي دور إغاثي فاعل تجاههم من طرف وكالة "الاونروا" المسؤول الأول عن إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين أو من طرف "السلطة الفلسطينية" المسؤولة عن ملف اللاجئين الفلسطينيين أو حتى من طرف "منظمة التحرير الفلسطينيه" .
يقول لاجئ فلسطيني أب لثلاثة أطفال "إن سياسة التقليصات ألتي تنتهجها وكالة الاونروا زادت من مأساتنا مأساة وحولت حياتنا إلى جحيم، من في هذا العالم يرضى أن يعيش بهذا الذُل الذي نحن فيه ؟!" ويُتابع قائلاً  "يجب على الاونروا أن تتعامل مع جميع أبناء شعبنا في لبنان على أنهم "عسر شديد" ولا يجب تحت أي ذريعة أو مسمى أن تتجاهل معاناتهم وإحتياجاتهم المعيشية كي لا يموتوا جوعاً، لأنهم أصحاب حق وقضية وليسوا متسولين يرجون صدقة وبصفة الاونروا مسؤولة عن اللاجئين عليها ان تتحمل مسؤولياتها تجاههم جميعا، بينما يقول لاجئ آخر في العقد الثامن من عمره "وكالة "الاونروا" اليوم غائبة كُلياً عن المهام الأساسية التي أُنشئت من أجلها والشئ الوحيد ألتي هي فالحة به هو إصدار البيانات وتقدبم الإرشادات وأهمها الطلب من اللاجئين الفلسطينيين غسل اليدين بالماء والصابون لتفادي عدوى كورونا دون أن تُقدِّم لهم الصابون في مشهد يدعو للإستغراب والدهشة وحتى للضحك وهي تنطبق عليها مقولة "جعجعة بلا طحن"، والجعجعة هي صوت الطاحونة الحجرية الفارغة التي لا يتمخض عنها طحن تتحدث كثيراً ولا تعمل وتعد ولا توفي " هُنا يصمت الرجل لثواني معدودة، يأخد نفساً عميقاً، ويكمل حديثه قائلاً "يا ليت الشباب يعود يوما"ً فقلت له "وما الذي كنت ستفعله حينها ؟" قال لي بصريح العبارة "كنت سأُهاجر" وفي خضم الموضوع أيضاً يقول لاجئ آخر " أحاول جمع المال المطلوب للهجرة، وفي حال توفره، لن أترك فرصة للهحرة إلى اوروبا حتى لو إضطريت لبيع بيتي، لم أعد قادراً على إحتمال الواقع الحالي في المخيم، في أوروبا كلّ ما يحتاج إليه الإنسان متوفّر، من تعليم وطبابة وعمل والأهم من ذلك الكرامة "، ويتابع قوله " أنا أنصح جميع الشباب الذين لديهم القدرة على الهجرة أن يُهاجروا ويُسعفوا ذويهم، أنا أقول هذا لأن أحوال شبابنا لا تُبشر بالخير والقادم أعظم" ويُنهي كلامه قائلاً "الله يتلطف فينا ويرحمنا برحمته".

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت