أكدت الصين وأوروبا استعدادهما للدعم المشترك للتعددية، في وقت تتزايد فيه الأحادية، ولتقوية التعاون بعد الوباء، وفقا للتوافق الذي تم التوصل إليه بين وزير الخارجية الصيني وانغ يي ومضيفيه الأوروبيين.
اختتم وانغ، وهو أيضا عضو مجلس الدولة الصيني، جولة استغرقت أسبوعا في أوروبا، زار خلالها إيطاليا وهولندا والنرويج وفرنسا وألمانيا.
-- مكافحة الوباء
جاءت زيارة وانغ في وقت تتم فيه السيطرة الفعلية على وباء كوفيد-19 في الصين، وتعمل أوروبا على كبح عودة انتشار الفيروس.
وهكذا، أصبحت المكافحة المشتركة لفيروس كورونا الجديد أول موضوع مشترك. في روما، استذكر وانغ أنه عندما كانت الصين في خضم تفشي الوباء، أرسلت إيطاليا بسرعة جوا شحنات من الإمدادات المضادة للوباء.
وبينما كانت إيطاليا في وضع خطير، استجابت الصين بحشد كميات كبيرة من الإمدادات وهرعت لمساعدتها، وأرسلت أيضا ثلاثة فرق من الخبراء الطبيين إلى المناطق الأكثر تضررا، وتبادلوا تجاربهم في مكافحة الوباء، وفقا لوانغ الذي أضاف أن الصين لن تنسى أبدا مساعدة أوروبا، ولن تقف مكتوفة الأيدي عندما تواجه أوروبا صعوبات.
وفي هولندا والنرويج، وإلى جانب الإجراءات الوقائية المستمرة، صوّب المسؤولون أنظارهم فعلا إلى التعاون مع الصين في مرحلة ما بعد الوباء.
قال وزير الخارجية الهولندي ستيف بلوك إن هولندا مستعدة لمواصلة العمل مع الصين لمكافحة الوباء، من أجل تسريع الانتعاش الاقتصادي للبلدين.
وأعربت وزيرة الخارجية النرويجية إين إريكسن سوريد، عن الأمل في تعزيز تطوير اللقاحات، والتعاون البحري مع الصين، وتعزيز التبادلات والتعاون في الرياضات الشتوية، وأعربت عن دعمها للصين من أجل الاستضافة الناجحة للألعاب الأولمبية الشتوية لعام 2022.
وصرح فولكر تشابكه، الرئيس الفخري للجمعية البروسية الألمانية، لـ((شينخوا))، قائلا إن زيارة وانغ تظهر أن الصين تستأنف تدريجيا تبادل الأفراد الفعلي مع شركائها.
وأضاف أنه "لدى الصين والاتحاد الأوروبي العديد من المشاريع التي نتطلع إليها، وقد أظهر الوباء أن الصين مستعدة للرد عند تقديم المساعدة. إنها طريقة لطيفة للتعامل مع علاقاتها الخارجية".
-- تسهيل التجارة
لقد دأب المحللون الأوروبيون ووسائل الإعلام الأوروبية المحلية على إيلاء الاهتمام الوثيق للمحادثات بين الصين وأوروبا بشأن إقامة بيئة استثمارية عادلة وغير تمييزية.
قال وانغ خلال زيارته لباريس إنه من الممكن تماما للجانبين استكمال مفاوضات اتفاقية الاستثمار خلال هذا العام.
ويعرب أندرياس نيكولين، رئيس قسم ترويج التجارة الخارجية بوزارة الشؤون الاقتصادية والطاقة الفيدرالية في ألمانيا، عن الأمل بأن يسهم الإكمال المبكر لاتفاق الاستثمار، في "استعادة تعافي الاقتصاد وتعزيز التنافسية والابتكار وخلق فرص عمل ورخاء جديدة".
ويتوقع أولريش أكرمان، رئيس قسم التجارة الخارجية برابطة صناعة الهندسة الميكانيكية في ألمانيا، يتوقع أيضا التوصل لاتفاق بين الجانبين.
وقال أكرمان إنه "خاصة في أوقات الحمائية بالعالم، والتي تفاقمت بسبب وباء كوفيد-19، نحتاج إلى إشارة إيجابية للتجارة العالمية".
ولأن الاقتصاد العالمي يواجه ركودا بسبب تفشي الوباء وتزايد مشاعر الحمائية، أكد وانغ مجددا على أن الصين ستبقى متمسكة بالانفتاح.
ومن خلال إصلاحات أعمق، ورسوم جمركية أقل، وقوائم سلبية أقصر، ووصول أكثر راحة للأسواق، وقواعد سوق أكثر شفافية، وبيئة أعمال أكثر جاذبية، ستربط الصين سوقها المحلية، وهي الأكبر في العالم، بالسوق العالمية بشكل أوثق، وتعزيز دورة حميدة من النمو المتبادل، ستكون أكبر وأكثر كفاءة وحيوية، إضافة إلى خلق مساحة تنمية أوسع والمزيد من الفرص للصين نفسها وللدول الأخرى في أرجاء العالم، وفقا لقول وانغ.
وخلال اجتماع مع رئيسة الوزراء النرويجية إرنا سولبرغ، تعهد الجانبان بإكمال المفاوضات بشأن اتفاقية التجارة الحرة الثنائية، في أقرب وقت ممكن.
-- الدفاع عن التعددية
لقد قدمت الصين سلسلة من المقترحات للتعاون الملموس، وأظهرت صدقا للحديث، ودعمت الثقة بين دول الاتحاد الأوروبي، في وقت يشعر فيه كثيرون بالقلق إزاء تزايد المواجهات العالمية واحتمالية الانحدار نحو "حرب باردة جديدة"، في أعقاب الجعجعة التي أثارها مؤخرا بعض المسؤولين الأمريكيين رفيعي المستوى ممن دعوا لتحالف ضد الصين، حسبما ذكر مراقبون.
وأكد وانغ مجددا أن الصين لا تعتزم الدخول في مثل هذا الصراع، وترفض بحزم أي صخب حول ما يسمى "بالحرب الباردة الجديدة" التي من شأنها "أن تعكس مسار التاريخ وتخطف العالم كله".
قال وانغ خلال محادثاته مع وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، إنه "بدون التعددية، ستتضرر الآلية المتعددة الأطراف والنظام الدولي الذي أقيم منذ الحرب العالمية الثانية، بشكل خطير، وستعاني الدول الصغيرة والمتوسطة الحجم من أثر هائل".
كما أشار وانغ إلى أن التمسك بالتعددية هو أكبر توافق تم التوصل إليه خلال جولته في أوروبا.
قال رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي إن إيطاليا تدعم بقوة التعددية، وتدعو إلى حل المشاكل والتحديات التي تواجه العالم من خلال وسائل متعددة الأطراف وليس بالأحادية.
أما المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، فقالت يوم الجمعة الماضي خلال مؤتمر صحفي صيفي سنوي، إن ألمانيا والاتحاد الأوروبي يرغبان في مواصلة المحادثات مع الصين وطرح نموذج للتعددية.
قال يان زاراديل، رئيس مجموعة الصداقة بين الاتحاد الأوروبي والصين في البرلمان الأوروبي، إن قادة الاتحاد الأوروبي وميركل، التي تتولى الرئاسة الدورية لمجلس الاتحاد الأوروبي، قد أوضحوا أن أوروبا لا تريد اتباع خط المواجهة، بل السعي وراء التعاون.
وأضاف أنه "بالطبع، نحن نتفق على بعض الأشياء. وقد نختلف في بعض الأشياء الأخرى. هذا طبيعي تماما. ولكن حتى لو اختلفنا على شيء ما، فهذا لا يعني أنه يتعين علينا مقاطعة بعضنا البعض، أو طرح نوع من المواجهة الجديدة".