- بقلم / علي طقش ..
- مستشار وخبير تخطيط استراتيجي
الحلقة الأولى
أيام ماضية في ذاكرتي... ترسخت بقوة .. توغلت في تفاصيلي حتى أصبحت أنا... إنها ذرات كينونتي... تسطرت حرف، حرف ... ومضت تسافر بي وتحملني من قصة إلى قصة... ومن حدث إلى حدث...
ذلك الوقت البعيد القريب نسجني وجعل للوقت معنى يحكي حكايات كثيرة ... وكانت تلك البداية...
ولدت في 5/أيار مايو 1946 في قرية سدود أو* سد الروم* أطلق علي أخي الأكبر الأستاذ "عبد الحميد طقش" اسم علي تيمنا باسم أستاذه "علي عيسى السيد الحداد" القادم من المجدل والمولود في غزة...
الأستاذ "علي الحداد" كان أستاذاً وخطيب مفوه وثائر، شاعر ومربي أجيال .
كنت المولود السادس، لمحمد عبد الحميد سليمان علي طقش .
ولدت في الدار الجديدة، التي بناها الوالد على الشارع أو الطريق المسمى الآن الشارع الشرقي والذى كان ولا يزال الطريق القطري الذى يربط لبنان مارا بفلسطين شمالا الى مصر جنوبا .
كان بناء الدار الجديدة تعبير عن رغبة الوالد في تحقيق نقلة ثقافية في حياته وحياة أسرته، كان أبي يشعر ببعض النقص لأنه لا يعرف القراءة والكتابة، وكان لابد من سد هذه الثغرة بعد أن بلغ سن الاربعين، كان ينتظر ابنه الأكبر عبد الحميد عند عودته من مدرسة القرية على باب الدكان، ويطلب منه أن يخرج كتب المدرسة ويعلمه ما درس ذلك اليوم، وكان الدكان بجوار المقهى الوحيد في القرية ( قهوة غبن ) موجودة حتى اليوم في الطريق الثانوي، كان المقهى ملتقى أساتذة القرية سواء من السدود أو ممن جاءوا من قرى أو مدن أخرى، مما أتاح للوالد فرصة لا تعوض للتعلم... سواء الكتابة أو القراءة أو سماع ونقاش الوضع السياسي والثقافي.
بعد مولدي بعام قتل والدى وستة من قريتنا داخل سيارة أجرة كانت تنقلهم إلى يافا، من قبل جيش الاحتلال.
أصبحت قبل أن أكمل عامي الثاني يتيما وأصبحت والدتي أرملة مسؤولة عن ابنتين وأربع أبناء أكبرهم في السادسة عشر من عمره .
لم تفق صديقة، أو تستوعب صدمة وفاة زوجها الذي كان بالنسبة لها الحياة كلها ، نشأت صديقة يتيمة الأب والأم، وعاشت في رعاية أختها هنيه .
فجأة وجدت صديقه نفسها أرملة وهي في العشرينيات من العمر لديها ستة أبناء أكبرهم في سن الشباب المبكر، رحل عنها الزوج والأخ والحبيب.
مر عام تلاحقت فيه الأحداث وعاش الكل في بطن العاصفة والحرب والرعب والخوف والضياع، عصابات الهاجانا ، هجمت قتلت الجيش المصري الجيش العراقي، النشامى ؟؟؟؟؟ نهرب، نبقى، المفتي قال !! حمل الجميع ما خف وخف، رعب وخوف سيطر على الجميع، لم أكن في عمر يسمح لي بتذكر ما حصل، ولكن هذا بعض ما سمعته من الأهل وكل منهم له رواية مختلفة حسب ما رآه أو سمعه أو تخيله ما رسخ في وعيي هو حالة الهلع والتشتت والقوة الخفية التي تدفع الجميع للخروج طلباً للأمان.
خرجت صديقة "بكوم اللحم" إلى الجنوب، سارت هي وأبنائها على طول شاطئ البحر وقد سيطر عليها رعب الفقد مرة أخرى، وبعد مشقة ومعاناة وصلوا إلى حدود قطاع غزة .
يتبع
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت