- د. فايز أبو شمالة
لم يلتفت كثير الشعب الفلسطيني للقاء قادة التنظيمات الفلسطينية، فجائحة كورونا حبست أنفاس الناس، وتكرار تجربة الاجتماعات واللقاءات والإعلان عن المصالحة بين التنظيمات الفلسطينية، ومن ثم الفشل، جعل الناس أقل اهتماماً باللقاء الأخير، رغم توفر الأجواء العامة المساعدة على تحقيق المصالحة الفلسطينية، والمشجعة على الخروج من بين أنياب الوحش الإسرائيلي، وأهمها، العمل المكشوف على تذويب القضية الفلسطينية، والتجاهل المكشوف للقيادة الفلسطينية، وغياب أي أفق لأي حل يرضي أقل الفلسطينيين انتماء للوطن.
ورغم بلاغة الخطابة لدى قادة التنظيمات، ورغم حسن النوايا الذي ظهر أمام وسائل الإعلام، تبقى الأفعال هي الحكم على صدق الأقوال، وذلك لا يتحقق إلا من خلال ثلاثة ملفات رئيسة أحيلت إلى اللجان، ضمن مدة زمنية حددت بخمسة أسابيع، وهذه مهلة زمنية كافية إذا صدقت النوايا، وإن لم تصدق النوايا، فكل الزمن الذي ضاع، وكل الأزمنة القادمة لن تكفي للخروج من نقطة نقاش واحدة، فيها من المطبات ما يعرقل التقدم باتجاه الملفات الأخرى، وأقصد بذلك ملف القيادة الوطنية الموحدة للمقاومة كما وصفها السيد عباس، ومهمات هذه القيادة الموحدة، ومرجعية هذه القيادة، وصلاحيات هذه القيادة الوطنية الموحدة، ومن ثم تمويلها.
قد ترى قيادة التنظيمات الفلسطينية أن القيادة الوطنية الموحدة للمقاومة فرصة لتشكيل جسم وطني فلسطيني ميداني، له حرية العمل في الاشتباك مع الاحتلال، ومرجعية هذه القيادة الميدانية هم قادة التنظيمات الفلسطينية أنفسهم، وهم من يطور عمل هذه القيادة، ومن يراقب سلوكها، ويشرف من بعيد على كافة الفعاليات والأنشطة الميدانية الهادفة إلى تصعيد الاشتباك مع الاحتلال بكل الأدوات والامكانيات المتاحة.
وقد ترى قيادة منظمة التحرير أنها المرجعية السياسية لهذه القيادة، وهي الأب الروحي لها، وهي الموجه والمرشد والمراقب لأعمالها ونشاطها، وهي صاحبة القرار في تجميد عملها، وشطبها إن استوجب الأمر إذا تعدت الخطوط الحمراء التي ترسمها قيادة المنظمة، وهذا ما لا يرضى به قادة التنظيمات الباحثين عن استقلالية عمل القيادة الوطنية الموحدة، وتطويرها كجسم وطني ميداني صاعد، وهو سيد أمره من خلال فعله ومصداقيته لدى الشعب.
الحديث عن القيادة الوطنية الموحدة معقد جداً، وقد يأخذنا إلى الحديث عن منظمة التحرير الفلسطينية، كجسم قيادي جامع، وكقاسم مشترك تلتف حوله كل القوى السياسية الفلسطينية، وهنا تضع التنظيمات شروطها المعروفة، أهمها؛ إعادة صياغة المجلس الوطني بحيث يضم كل الأطياف السياسة الفلسطينية، وهو المخول بعد الإصلاح في انتخاب قيادة المنظمة، ليكون لها الحق في توجيه القيادة الوطنية الموحدة للمقاومة، ضمن رؤية شمولية.
وما سبق من حديث عن إعادة تشكيل وتصحيح مسار منظمة التحرير يأخذنا إلى البرنامج السياسي الذي تأتلف حولة القوى السياسية، وتتحرك بموجبه على الأرض القيادة الوطنية الموحدة، وهل نحن بحاجة إلى برنامج سياسي مرحلي يأخذ بعين الاعتبار المتغيرات الإقليمية، أم أن الفلسطينيين بحاجة إلى برنامج سياسي أكثر عمقاً، لا يفرط بالثوابت كما ترى بعض التنظيمات الفلسطينية.
الشاهد في كل ما سبق يشير إلى إن عمل اللجان المكلفة بحل قضايا الخلاف الفلسطيني متشابكة، وملخص الحوار بين اللجان يعتمد على حسن نوايا القيادة الفلسطينية، وجديتها في إشراك تنظيمات المقاومة في القرار السياسي، وتحمل نتائج ذلك، فهل القيادة على استعداد للشراكة، والتسليم بحق الكل الفلسطيني في تقرير مصير الشعب الفلسطيني؟
هذا هو مربط الفرس، وهذا هو السؤال الذي يعرف الشعب جوابه مسبقا!
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت