- محمد السهلي
لأسباب متداخلة، يمتلك نتنياهو على رأس الليكود الكلمة الفصل بخصوص الانتخابات المبكرة التي يخشاها كثيرون من بينهم حلفاء قبل الخصوم .وفيما يجمع المحللون على أن نتنياهو قد حسم أمره باتجاه عدم الاستمرار في الحكومة القائمة حتى نهاية ولايتها المفترضة في نهاية أيار 2023 ، يؤكد كثيرون منهم أنه لن ينتظر حتى يأتي موعد تسليم رئاسة الحكومة إلى بيني غانتس رئيس «كاحول لافان»، يوم 21 تشرين الثاني 2021 بحسب الاتفاق الائتلافي بين الطرفين.
وفي الطريق إلى الانتخابات هناك عدد من المحطات تكشف كل منها أجندة نتنياهو في هذا الشأن، أولها موعد23 كانون الأول الذي تأجل إليه مناقشة الميزانية العامة في الكنيست بدلا عن الموعد المفترض في 25/8/2020. وعلى الرغم من اتفاق الليكود و«كاحول لافان» على هذا التأجيل، إلا أنهما بقيا مختلفين حول مدة الموازنة لعام واحد كما يريد الأول أم لعامين كما يقول الثاني.
وعلى الرغم من تأخر الموعد الموعد المذكور للبت في ميزانية عام واحد وقد أوشك العام على الانتهاء، إلا أن المراقبين يقدرون أنها فرصة أمام نتنياهو كي يرفض إقرار الميزانية ، وهذا يعني حل الحكومة والكنيست والتوجه إلى الانتخابات بعد 90 يوما من ذلك التاريخ.
وهنا تأتي مسألة محاكمة نتنياهو التي ستبدأ تكثيف جلساتها في منتصف الشهر الأول من العام القادم. وإذا أراد نتنياهو أن تأتي الانتخابات قبل ذلك، فهذا يتوجب عليه أن يتقرر حل الحكومة في منتصف الشهر الجاري كأبعد تقدير وعدم الانتظار إلى موعد إقرار الموازنة. وإلا سيترحل موعد الانتخابات إلى الصيف القادم في حال قرر نتنياهو الاتفاق مع «كاحول لافان» بشأن الموازنة، وقرر كذلك التعايش مع مشهد الجلسات المكثفة لمحاكمته بعدما ضمن إلى نحو 6 أشهر قادمة، تقريبا، عدم طرح مشروع قانون يقول بعدم أهليته في قيادة الحكومة بسبب ملفه القضائي، بعدما سقط في الكنيست اقتراح من هذا النوع قبل فترة وجيزة.
هذا يعني أن نتنياهو بات أكثر جرأة في التحرك مابين عدة خيارات تتعلق بموعد الانتخابات المبكرة. وهو أمر اتضح على نحو أكبر منذ الإعلان عن الاتفاق مع الإمارات، وتأكيد فريق ترامب عدم ارتباط الاتفاق بمخطط الضم من ناحية تجميده أو تأجيله، وهو ما دعم تصريحات نتنياهو حول هذا الموضوع وعزز موقعة. وقد لاحظ المراقبون ارتفاع شعبية الليكود ورئيسه في استطلاعات الرأي عقب الإعلان عن الاتفاق. ويرى نتنياهو وفق هذه المعطيات أن وطأة محاكمته باتت أقل حتى في اهتمامات الرأي العام الإسرائيلي. وقد نقلت عنه أوساطه سخريته واستهتاره من تأثير التحركات التي تجري ضده في الشارع على اعتبار أنها جمهور خصومه لا أكثر، وأن الأمور ستكون أفضل بالنسبة له ولحزبه عندما يستطيع التحرر من «كاحول لافان» في انتخابات مبكرة هو من يقرر موعدها وفقا لمصلحته.
الرئيس الأميركي ترامب فتح أيضا جعبته ليجمع فيها حصته من الرصيد الذي ينتظره منذ الخطوة العربية الرسمية الأولى في التطبيع مع دولة الاحتلال. ومن الطبيعي أن يرى في كل خطوة تطبيعية علامة انتصار لخطته المسماة «صفقة القرن»، لذلك كان حريصا أن يبدأ هو الاعلان عن الاتفاق الإماراتي ـ الإسرائيلي باعتباره إعلانا ثلاثيا تم ترتيبه بجهود إدارة ترامب ، وسيتم ترسيمه تحت نظرها وإشرافها. كما لفت الانتباه مبادرة إدارة ترامب للإعلان عن قرب إقامة علاقات رسمية بين إسرائيل وكوسوفو وعزم صربيا نقل سفارتها إلى القدس صيف العام القادم. ومن المعروف أن وزير الخارجية الأميركي بومبيو يضع مسألة التطبيع وتعزيز العلاقات مع إسرائيل على رأس أجندة زياراته الخارجية.
وكما يعتبر نتنياهو أن التطبيع يعني كسر المألوف في التعامل العربي الرسمي مع إسرائيل واختفاء مبدأ المقاطعة من قوانين عدد من الدول العربية، يرى ترامب أن التطبيع ونقل سفارة أي دولة إلى القدس هو بمثابة كسر العزلة عن صفقته، والتي تبدت بشكل واضح في عدد من اجتماعات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة وخارجها. فبدت إدارته وحيدة ومعزولة عندما رفض جميع أعضاء مجلس الأمن الآخرين ومعظم أعضاء الجمعية العامة مقترحاتها بشأن القضية الفلسطينية وخاصة فيما يتعلق بقضية اللاجئين الفلسطينيين والقدس والاستيطان ومخطط الضم.
وكل من ترامب ونتنياهو على مرمى قريب من الانتخابات، ويجد كل منهما فيما يجري على صعيد التطبيع خدمة كبيرة لفرصه في نتائج هذه الانتخابات، وخاصة أن « صفقة القرن» هي مشروع مشترك صاغه ووضع آليات تنفيذه الشريكان؛ إدارة ترامب وحكومة نتنياهو.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت