- بقلم / أ. رزق عروق
على وقعِ انغامٍ ثوريةٍ، وحفاوةٍ بالغةٍ، واستقبال منقطع النظير، إستقبل أهل مخيم عين الحلوة في جنوب لبنان، القائد الكبير اسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، في مشهدٍ يعيد للأذهان حرارة اللقاء ودفء المشاعر الجياشة لاهل قطاع غزة لحظة عودة الرئيس الشهيد ياسر عرفات إلى أرض الوطن، وبينهما رحلة ٢٦ عاما قد مضت.
لعل أهل المخيمات الفلسطينية لاسيما في اماكن اللجوء، هم الاكثر تعلقا بقضيتنا الفلسطينية، وهم اصحاب الذكرى التي لا تغيب عن الوجدان، والحلم الذي لا يكاد يفارقهم، وهم اليوم اكثر تعلقا من اي وقت مضى، للعودة الى فلسطين وقراها ومدنها.
فالفقر والتضييق والتجهيل ومحاولة سلخهم عن قضيتهم، وتكالب المآسي عليهم، لم يُنسهم فلسطين، وكلها محاولات مُنيت بالفشل، ليقينهم ان المهاجر حتما سيعود لداره، مهما تزايد المحبطون والمثبطون والمتخاذلون.
صورةٌ بهيةٌ، ساطعةٌ، متألقةٌ، يملؤها الصدق والحب و العشق والاخلاص لفلسطين، صنعها شبيبة حماس وفتح وكل الفصائل الفلسطينية في عين الحلوة، وهم يتحلقون بك بل ويحتضنونك.
فهنية يحمل بين ضلوعه ووجدانه وخاطره، مخيم الشاطيء الذي ولد فيه، أينما حل وارتحل، متباهيا ومفاخرا به، وبما يحمله اهل المخيم له من ودٍ ومحبةٍ، وان طالت المسافات بين عين الحلوة ومخيم الشاطيء، إلا أن حبل الود والوصل كان متينا.
لم نشهد في واقعنا المعاصر استقبال لقائد فلسطيني، كالذي حظي به ابو العبد، غير الرئيس الشهيد ياسر عرفات رحمه الله، وهذا ما يُلقى على كاهله مسئوليات جسام وأمانة ثقيلة لا تطيقها الجبال، الا رجال قد خصهم الله بحمل امانته ليسيروا وسط كل هذه التحديات والمغريات والخطوب والمؤامرات ليؤديها كما وُجبت، وتصل إلى بر الامان.
خرج أهل عين الحلوة ليقولوا لإسماعيل هنية، وغيره من الصادقين، المتوشحين بفلسطين، ان ابقٓ على عهدك ووعدك أننا سنعود يوما ما، ونرى فلسطين من خلالكم وعبركم، ومن فوهة بندقيتكم، ومن نصلِ سيوفكم ورماحكم، وإننا قد حمّلناك أمانة أن تخرجنا من واقعنا المظلم وحياتنا المنسية.
يا أبا العبد، قد جئتنا محمولا على اكتاف واعناق رجالنا، وقد نثرنا الورود حولك، وعزفنا اعذب الالحان، وابتهج اطفالنا ونساؤنا وشيوخنا وشبابنا فرحا بك، فقد منحتنا إتصالا عميقا بفلسطين، فظلّ على عهدنا بك، ان عودتنا قادمة لا محالة، لا نريد شرقا او غربا، لا نريد سوى فلسطين بيتا ومأوى.
فلا شك ان صورة القائد هنية بما تحمله من معانٍ بالغة الأثر، إلا أنها لتؤكد بما لا يدع مجالا للشك، أن هذا استفتاء على المقاومة، وأن هذه دفعة قوية لمواصلة ما بدأته المقاومة في فلسطين، حتى دحر هذه الاحتلال والخلاص منه.
أخيراً، يُدرك رئيس حماس، ان ما بعد عين الحلوة ليس كما قبله، ويكاد أنه بدأ العمل للتو، فما حمّله اياه اهل المخيمات لهو حِملٌ ثقيلٌ، ونحن واثقون بأنه أهل له وكل من اتخذ المقاومة سبيلا لفلسطين.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت