كشف دبلوماسي فلسطيني تفاصيل إسقاط مشروع قرار بجامعة الدول العربية كان يسعى لإدانة اتفاق التطبيع الإسرائيلي الإماراتي.
وقال الدبلوماسي مهند العكلوك، الذي يشغل منصب السفير المناوب لفلسطين في جامعة الدول العربية في حديث لوكالة "الأناضول" إن "نقاشا استمر نحو ثلاث ساعات في اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية، تم خلاله إسقاط مشروع قرار فلسطيني يقضي بإدانة اتفاق التطبيع".
وأضاف أنه "كان هناك بند فرعي على جدول أعمال المجلس سيبحث تحته البيان الثلاثي الإماراتي الإسرائيلي الأمريكي (الذي صدر في 13 أغسطس/آب المنصرم)".
وأوضح أن فلسطين طلبت بأن تكون مناقشة البند تحت عنوان "بحث تداعيات اتفاق التطبيع على القضية الفلسطينية، ومبادرة السلام العربية".
وأشار العكلوك إلى أن فلسطين تعرضت خلال الأيام الماضية لـ "ضغوط كبيرة" من دول لم يسمها بشأن العنوان السابق، بهدف تحويله إلى "التطورات السياسية للقضية الفلسطينية".
واستطرد السفير المناوب في الجامعة العربية: "ومن باب أن يصدر قرار توافقي من الجامعة العربية على البيان الثلاثي وافقنا على تبديل عنوان مناقشة البند".
واستدرك: "لكن قدمنا مشروع قرار يفند اتفاق التطبيع ويخرجه عن الشرعية العربية، بكونه يتخلى عن الأرض مقابل السلام وينتقص من الحقوق الفلسطينية، بما فيها حق السيادة وعاصمتها القدس الشرقية".
وأوضح أن مشروع القرار تضمن "فقرة ترفض المضامين التي جاءت في البيان التطبيعي"، لكنها لاقت اعتراضا من قبل بعض الدول العربية التي لم يسمها.
وأضاف العكلوك: "بتعليمات من الرئيس محمود عباس، قلنا: نوافق بالحد الأدنى على صدور قرار من الجامعة العربية يتضمن تأكيد التمسك بالمبادرة العربية للسلام، وإدانة الخروج عنها (أي إدانة التطبيع)".
واستدرك: "لكن واجهتنا مجموعة من الدول العربية (لم يسمها) ورفضت هذه الإضافة".
وأشار إلى أن وزير الخارجية الفلسطيني، رياض المالكي، اقترح تعليق الجلسة "ساعات أو أيام أو إسقاط بند إدانة التطبيع كليا، وهنا أجمعت الدول على عدم تعليق الاجتماع، وبالتالي سقط مشروع الإدانة تلقائيا".
ورغم أن العكلوك لم يذكرها صراحة، فإنه أكد أن الدول التي أيدت ورحبت باتفاق التطبيع الإماراتي الإسرائيلي هي من دافعت عن الإمارات ورفضت إدانتها.
وفي وقت سابق يوم الأربعاء، كشف دبلوماسي فلسطيني آخر فضّل عدم الافصاح عن اسمه لوكالة "الأناضول"، أن جامعة الدول العربية أسقطت مشروع القرار الذي قدمته فلسطين في اجتماع وزراء الخارجية العرب بهذا الشأن.
وفي كلمته خلال رئاسته الاجتماع، دعا المالكي، الدول العربية إلى رفض اتفاق التطبيع الإسرائيلي الإماراتي، وقال: "نرفض خطوة التطبيع الإماراتي ونأمل منكم عدم قبولها".
وقال الأمين العام المساعد للجامعة العربية حسام زكي للصحفيين "تم حوار جاد وشامل حول مشروع قدمته فلسطين، رئيس الدورة الحالية لمجلس الجامعة، حول الإعلان الثلاثي وأخذت مناقشة الأمر بعض الوقت، ولكن لم يؤد النقاش في النهاية إلى التوافق حول مشروع القرار المقدم من فلسطين".
وفي تصريحاته عن الإمارات خلال اجتماع ، أطلق المالكي أوصافا على الاتفاق من قبيل "المفاجأة" و"التطبيع" و"الزلزال" الذي أصاب الإجماع العربي.
لكنه تجنب استخدام تعبيرات قوية على غرار "الخيانة" التي استخدمها الزعماء الفلسطينيون في أعقاب الإعلان مباشرة.
واستخدم المالكي لهجة أشد حدة وصرامة إزاء إسرائيل عندما أشار إلى "الاحتلال الاستعماري العنصري" واتهم الولايات المتحدة بممارسة الابتزاز والضغط على الفلسطينيين وعلى دول عربية.
وأعرب المالكي عن استيائه لغياب الإجماع العربي الذي منع انعقاد قمة طارئة بناء على طلب الفلسطينيين عقب إعلان 13 أغسطس آب. ودعا إلى الرفض الفوري لاتفاق التطبيع قبل حفل التوقيع المقرر في البيت الأبيض الأسبوع المقبل.
وقال العكلوك لوكالة "رويترز"، "كان في إصرار من جانبنا على نقطة واحدة فقط.. إدانة الخروج على مبادرة السلام العربية".
وأضاف "سعوا جاهدين على مدار ساعتين من النقاش أن يسقطوا هذه النقطة. معالي الوزير رياض المالكي رفض إسقاطها وقال في عندكم حلين: إما تعليق الاجتماع لساعات أو أيام حتى نتوافق عليها وإما بتسقطوا البند من جدول الاعمال. وعندما رفضوا التعليق سقط البند من جدول الاعمال".
وفي مقابلة مع قناة قناة "العربية" يوم الأربعاء، قال وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش في إشارة للفلسطينيين إن "لغة الشجب أفسدت مسودة القرار العربي".
وقال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، "إن خطة السلام التي تضمنتها مبادرة السلام العربية والتي اعتمدتها القمة العربية في العام 2002 لا تزال الخطة الأساس المتفق عليها عربيا، لتحقيق سلام شامل وعادل بين العرب وإسرائيل".
وشدد ابو الغيط في كلمته خلال اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية افتراضيًا،على "أن القضية الفلسطينية كانت ولا تزال وستظل محل إجماع عربي، والغاية التي تسعى إليها دولنا العربية كافة، ومن دون استثناء، هي إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو 67، وعاصمتها القدس الشرقية".
وأوضح، أن السلام هو الخيار الاستراتيجي للعرب منذ القمة العربية في 1996، والسلام الذي تفهمه الشعوب العربية وتقبل به لن يتحقق بصورة كاملة وشاملة قبل أن يحصل الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة، مؤكدا أن هذا المجلس رفض في أبريل الماضي خطة الضم الإسرائيلية، بل واعتبرها جريمة حرب، وأجدد في هذا المقام الرفض الكامل لهذه الخطط جملة، وتفصيلا، جزئيا أو كليا، في الحال أو في المستقبل.
وتابع، كما أجدد رفضنا لأي خطط او ترتيبات مطروحة دولياً يكون من شأنها الانتقاص من الحق الفلسطيني، أو المساس بوضعية مدينة القدس، التي ينبغي أن تُحل قضيتها في إطار التسوية النهائية.
وقال: "هذا هو أساس موقفنا العربي، وهو موقف ثابت، ويحظى بالإجماع، ومؤيد بقرارات صدرت عن هذا المجلس، وعن القمم العربية المتوالية، ومعروض على معالي الوزراء قرارٌ يتناول هذا الموضوع، وهو حصيلة جهدٍ دبلوماسي شاركت فيه أمانة الجامعة، ولا أظن أن القرار يخرج عن هذه الثوابت، أو يحيد عنها، بل هو يؤكدها، ويُشدد عليها".
وتابع، أود الإشارة هنا إلى أن حق كل دولة السيادي في مباشرة سياستها الخارجية بالصورة التي تراها هو حق لا جدال فيه، وهذا أمرٌ يحترمه هذا المجلس، ويقره، وإنما نحن نؤكد في نفس الوقت على الثوابت محل الإجماع، والتي لا تنال منها متغيرات سياسية أو قرارات سيادية.