السلام مقابل السلام وهم اسرائيلي

بقلم: هاني العقاد

هاني العقاد
  • د. هاني العقاد

كانت امنية قادة اسرائيل ان تظهرصورة لسياسي اسرائيلي علي شاشة فضائية عربية دون ان يطلق علي اسرائيل " العدو الاسرائيلي"  , سعت اسرائيل منذ عقود لتسويق نفسها عربيا  وتغير نمط وصفها في المحطات الاعلامية العربية  بالعدو حتي نجحت قبل اكثر من عقد  واستضافت بعض القنوات العربية دون ذكر للاسماء ساسة اسرائيلين وناطقين باسم جيش الاحتلال  ومحللين وكتاب اسرائيلين يعادو العرب ويحتقروا الفلسطينين وينكروا حقوقهم ويشككوا في التعايش معهم ضمن اطار دولتين متجاورتين . الاخطر ان وصول بعض قادة اسرائيل سراً للبلاد العربية لم يحجبه اي حاجب بل ان بعض الاقطار العربية  افتتحت مكاتب اسرائيلية تجارية واستثمارية واعلامية علنية وتعدي الامر ذلك حتي عقدت اتفاقيات  امنية مختلفة واتفاقيات في مجال تكنولوجيا والمراقبة والتجسس . اليوم تريد اسرائيل علاقة علينة وليس سرية في اطار اتفاق يؤسس لحلف استراتيجي بالمنطقة يخدم مصالح تمرب اولا ومن ثم اسرائيل ,علاقة تثبت فيها للفلسطينين ان العرب لم يعودوا يكترثوا اذا ما انتهي الاحتلال الاسرائيلي للارض الفلسطينية ام  لا, علاقة  تقول للفلسطينين ان كثير من العرب لم يعودوا يعتبروا اسرائيل عدو في اشارة واضحة للبدء بمرحلة سلام وتفاهم مشترك بعيدا عن  الاعتراف بالحقوق الفلسطينية  لتقول اسرائيل انها استطاعت ان توجد تحالف مع العرب ينهي العداء  مع اسرائيل ينقل الصراع  وهما لايران باعتبارها عدو مشترك .

السلام مقابل السلام مفهوم جديد اسست له اسرائيل في العلاقة مع العرب حتي جاء للعلن باتفاق ( ابراهام ) الاماراتي الاسرائيلي   الذي سيوقع باحتفال كبير بحديقة البيت الابيض قريبا , اتفاق سلام بلا ثمن ولا تنازلات اسرائيلية وكأن الجيش الاماراتي كان يدك  المواقع الاستراتيجية في تل ابيب بالصواريخ ليل نهار وكأن الامارات خسرت الاف الشهداء في الحرب الطويلة بينها وبين اسرائيل , السلام مقابل السلام وهم اسرائيلي تريد من خلالها اسرائيل تحقيق معادلة فصل القضية الفلسطينية عن محيطها العربي عبر بناء حلف استراتيجي يحول المصالح الاستراتيجية للعداء مع ايران فقط   . السلام مقابل السلام ليس سلاما وانما علاقة دبلوماسية قائمة علي المصالح المشتركة بين البلدين وهو للايحاء للجمهور الاسرائيلي ان اسرائيل اصبحت دولة صديقة لكل العرب في المنطقة وبعض الفلسطينين الذين ياخذوا تمويلهم من هذه الدولة وبالتالي لا قيمة لاي رفض فلسطيني لمباردة ترمب وصناعة السلام علي هذا الاساس لانهم في النهاية سيأتوا زاحفين علي ركبهم يطلبوا الجلوس والتفاوض علي اساس مرجعية وحيدة وهي صفقة ترمب التي اسست لتصنع اسرائيل سلام مقابل سلام مع الدول العربية التي هي بالاساس تحت الوصاية الامريكية .

وهم اسرائيلي يسوقه ساسة اليمين الاسرائيلي الحالكم ليشكل لهم رافعة للبقاء في الحكم ويمنح اصوات اليهود الامريكان الانجليكين الي ترمب الذي سيخسر الانتخابات برغم ذلك لانه يريد هو الاخر ان يصور للامريكان واغبياء السياسة ان ترمب حقق اختراق فعلي في الصراع بالشرق الاوسط وبني سلاما قائم علي تحالف استراتيجي بين اسرائيل والعرب , هذا وهم وكذب وخداع سرعان ما سيكشف نفسه امام الحقيقة التي لن يستطيع ترمب ولا نتنياهو حجبها عن كلا من الشعبين الامريكي والاسرائيلي . سرعان ما يعرف الامريكان والاسرائيلين ان جوهرالصراع  بقاء الاحتلال الاسرائيلي للارض الفلسطينية ولا سلام يفيد الاسرائيلين ما الاحتلال قائما  ويصبحوا ويمسوا علي صوت انفجارات ورصاص وقنابل دخان وحجارة وقبل ان ينتقل المستوطنين من "معالية ادوميم " او غوش عتصيون الي تل ابيب  يناموا ليلتهم وهم يتخيلون ان باصهم قد احترق بفعل قنبلة ملتوف فلسطينية واحترقت ارجلهم و وجوههم  وهرب الملثم الفلسطيني بين الحقول وعندما يتحرك الجنود لاعتقال فلسطيني من مخيم الامعري تنصب فوق رؤوسهم الالاف من قطع الحجارة وقد يخرجوا هاربين الي حيث اتوا . فوق كل هذا سيقاطع العالم منتجات بلادهم لانها لم تتخلي عن الاحتلال ومازالت تمارس ابشع الجرائم بحق الفلسطينين الشعب المحتل الذي تصادر اسرائيل حريته بالقوة العسكرية , وبالطبع سيبقي يسمع الجمهور الاسراييلي التلفزة الفلسطينية وهي تعرض مشاهد هذه الجرائم وتقول للعالم ان هذا هو العدو الحقيقي للانسانية والعدو الحقيقي لشعبنا الفلسطيني .

سوف يذهب نتنياهو يوما من الايام  وسوف يكتشف الساسة الجدد الحقيقة عندما يعرفوا ان مفهوم السلام مقابل السلام لم يحقق  الامن والاستقرار للشعب الاسرائيلي  ولم يجلب للمنطقة الا مزيد من الكراهية وتعميق الصراع   ,وسوف ينتهي ترمب وياتي غيره وتدرك  ادارة البيت الابيض  الجديدة  ان هذا الرجل لم يصنع سلاما ولم يحقق امنا ولا استقرار في الشرق الاوسط  بقدر ما عقد من صفقات تجارية لصالحه , سرعان ما تعلن ادارة البيت الابيض  ان السلام من اجل السلام صفقة خاسرة لانها بنيت علي اساس صفقة ترمب الكبري ( صفقة القرن) التي سقطت يوم ولادتها , وسوف  يدرك الشعب الاسرائيلي  ان نتنياهو واليمين الحاكم  ضللوهم وصنعوا لهم وهما وزيفوا الحقائق وقلبوا المنطق وشوهوا السلام الحقيقي ,وسوف يدرك الشعب الاسرائيلي ان السلام مقابل الارض هو القاعدة الحقيقية للسلام  وان السلام  العادل والشامل  لن يتحقق الا بالاعتراف بحقوق الفلسطينين كاملة ويقبلوا بان ينتهي الاحتلال الاسرائيلي اولا وعندها سوف تنطلق عربة السلام رسميا ويقبل الفلسطينين  بالجلوس علي الطاولة علي مبدأ السلام مقابل الارض بمرجعياته الدولية  التي لن تشطبها فكرة ترمب ولا مبادرة صنع السلام مقابل السلام مع العرب ولا التطبيع مع كل عربان الخليج حتي لو تعدي  ذلك مرحلة العلاقة التجارية والسياحية و وصل الي حد المصاهرة والنسب وانجاب صهيوعرب جدد  .

[email protected]   

 

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت