- د. طلال الشريف
زمان وأنا في العشرين وامتد ذلك إلى الثلاثين من العمر كنت متعصباً لفكرة القسم العلمي وأن زبدة العقول في كل جيل هم غالبية من المتفوقين من الثانوية العامة القسم العلمي، طبعا هناك بينهم تفاوت في معدلات الذكاء، لكن كما قلت زبدة العقول في أي جيل هم غالبية من هؤلاء، وهذه حقيقة..
من كان يذهب للقسم الأدبي في الغالب هو هارب من تعقيدات العلوم والرياضيات لأنه يكرهها، ويكرهها لإن معدلات الذكاء لديه أقل من غالبية من يذهبون للقسم العلمي، وهذه أيضا حقيقة. في سن الأربعين إلى الخمسين زاد تعصبي لحد وصل أن أكتب في حينها بعض المقالات بعنوان " لو كنت المسؤول" وفي مقال لو كنت المسؤول عن التعليم العالي، سأصدر قراراً بمنع طالب التوجيهي الأدبي من الحصول على شهادة الدكتوراة، ويمكن أن يحصل على ماجستير فقط، بعد فحص دقيق لعقليته ومعدلات ذكاء معينة.
وقلت في حينها، قبل النكبة كانت مشكلتنا في قياداتنا هو مستوى التعليم المتدني، وبعد إنطلاق الثورة الفلسطينية في العام 1965 رفد شعبنا ومجتمعنا الثورة والأحزاب بالشهادات العليا والمتعلمين تعليما جامعيا عاليا، رفعوا من مستوى الوعي للثورة والثوار والمجتمع من الطبيب إلى المهندس، إلى مدرسي الجامعات، إلى المحامين والمهنيين والمهندسين وضباط خريجي الكليات الحربية، والصحفيين والإعلاميين، وانتعشت الثورة بالوعي الجديد.
بعدها توقف التطور في الوعي عند حد معين، لكن على ما يبدو كان بونا شاسعا في الوعي والتخطيط والسلوك التنظيمي ، حتى إصطدمت من جديد بفكرة معادلة الذكاء القديمة، وأصبحت كلما صادفت قائدا أو كاتبا أو منظرا وهم كثر جدا، أعرف نقطة ضعفه أو تصرفه بعنجهية أو فساد أو خطأ في العلاقات، عدم الفهم السريع والربط، حتى رأيت معظم المتعبين حزييا وفئويا ويستخدمون العنف هم من هذه الفئة التي تحصلت على الدكتوراة أو خيطريجيهم أي من علموهم، وكانوا من القسم الأدبي، وأصبحوا هم أيضاً يخرجون أجيالا جديدة من الجامعات غزت المجتمع ناهيك عن شهاداتهم السياسية ، وشككت بأن من يتخرج من تحت علم هؤلاء الأقل ذكاءا أصلا، كيف سيكون حالهم، فغالبيتهم قادمون من القسم الأدبي، ومن يعطيهم العلم هم من كانوا قبلهم من القسم الأدبي، وهكذا فماذا يعلمون بعضهم؟ وحتى نفس المواد التي تقرر في منهاجهم لا تطور معدلات الذكاء.
أصبح هؤلاء يقودون المجتمع وجيل بعد جيل فشلت المجتنع وفشلت التورة وفشل الجميع وتوقفنا عند نقطة التكرار دون تغيير وأخذت مجتمعاتنا تعود للخلف، فكريا، وسلوكيا، فعدت لأتذكر ما كنت أقوله مبكرا بعد أن رأيتهم يحصلون على مواقع كبيرة تتدنى انجازاتها، وقيادات تخرب في العلاقات بين الناس، ووزارات ومجالس تشريعية تنهار وتفسد، وأسوأ ما أراه لهذه العقول هو التعصب والتطرف تصل لحد التحريض على إستخدام العنف ....
عدت لنظريتي من جديد لأقول ...يجب أن يمنع طالب القسم الأدبي من الحصول على درجة الدكتوراة من بلدنا أو، من بلاد أخرى، أو، خيار آخر أعيد طرحه من جديد وهو:
أن نبدأ بخطة خمسية لتطوير مجتمعنا من القاعدة، الخطة عنوانها، خمس دفعات توجيهي قادمة، وبقرار إجباري كقرار التجنيد الإجباري للجيش، بأن نأخذ أعلى معدلات للألف طالب الأوائل من القسم العلمي في كل سنة من السنوات الخمس، تتبناهم الدولة وتدرسهم إجباريا العلوم الإنسانية وعلوم الكليات الأدبية النظرية من لغات وتاريخ وجغرافيا وفلسفة وعلم اجتماع وسياسة وهلم جرا... ليصبح لدينا بعد خمس سنوات 5000 طالب من معدلات الذكاء المرتفع كقاعدة للإنطلاق نحو النهوض في هذا المجال، وبعدها نستمر بتشجيع الطلاب لإستمرار برفد المجتمع بالأذكياء، وعندها نعيد منح الدكتوراة لهؤلاء.الطلاب كقاعدة للتغيير ومن سيعلمونهم لاحقا من سنوات ..
نحن بحاجة للتغيير نحو الأفضل، هنا تكمن مشكلة المجتمع، هنا، ولخمس سنوات، لا نحتاج لأطباء ولا لمهندسين، فلدينا أعدادا وخريجين بالآلاف .. لكننا بحاجة لمن يقودون ويعلمون وينظمون م جتمعا جديدا ..عندها سيكون حالنا أفضل إجتماعيا وسياسيا واقتصاديا وقيميا .. هذا القطاع التعليمي الخطير يحتاج قفزة تحدث النهضة المجتمعية..
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت