نحن وعبد الرحمن الراشد وجامعة العرب

بقلم: عدنان الصباح

عدنان الصباح
  • بقلم عدنان الصباح

 كتب الأستاذ عبد الرحمن الراشد في صحيفة الشرق الأوسط يوم الثاني من أيلول 2020 يقول " ما المكسب الذي يجنيه السياسيون في رام الله من الجلوس على الكنبة، والتفرج على التلفزيون لأيام وأشهر وسنوات؟ ما الذي يحققونه والوضع الإنساني يتدهور، والأرض تُقضم، والعالم يدير ظهره منشغلاً بقضاياه؟ إنهم يخسرون في هذه المعادلة كل يوم.
 لماذا لا يفكر الجالسون على الكنبة في تقديم برنامج عمل زمني لسنة، أو 20 سنة مقبلة، حتى يحكم عليها أهلهم وشعوب المنطقة، كيف سيكون الوضع في عام 2040؟ ليس صعباً التخيل " وهو كلام صحيح بما يقترب الى حد بعيد ولا احد سيختلف معك عليه وقد كان جميلا لذلك أن يقال الآن وقبل الآن وهو ما قلناه ولا زلنا وقاله العيدين قبلنا وقد لا نجد من يقول ذلك غدا إن بقينا على حالنا وأوصلنا قضيتنا إلى خلف الحائط الأخير وقبل حائطهم " دفناها " لكن اللافت للأمر أن ما كتبه الراشد جاء من باب تمجيد زيارة طائرة العال الى أبو ظبي عبر الأجواء العربية ومن باب التذكير بغيظ قطر اللا مكتوم مما حدث فقطر عرابة العلاقة مع اسرائيل والمضيف الرسمي والعلني للوجود الامريكي في المنطقة وهي الأسعد بمثل هذا الدور والأكثر اتقانا من غيرها عبر الارض لما تقوم به وبكل صراحة فهي وحدها من تستحق رفع القبعات لها فهي تقيم علاقات علنية مع اسرائيل وامريكا منذ أمد بعيد ولا تخفي ذلك وبنفس الوقت تقيم أفضل العلاقات وتستضيف قادة المقاومة وتحظى باحترام القاصي والداني فهي حليفة لحماس وايران وتركيا وإسرائيل وامريكا في ان معا ولا احد يشتمها حتى في الطرف الآخر مما يعني أنها تستحق وبجدارة ان يطلق عليها لقب " الأعجوبة الثامنة " ومع هذا وما دامت الامارات العربية المتحدة لن تتمكن من القيام بنفس الدور الذي تقوم به قطر ولن تحتل مركز الصدارة في هذا السباق ولا علاقات حرب بينها وبين اسرائيل ولن تضيف لها اسرائيل أية إضافة بل على العكس ستحصل اسرائيل على هدية لم تتوقعها منذ اغتصابها لأرض العرب في فلسطين وقد تحدث رئيس وزرائها بصفاقة عم النعيم القادم للاقتصاد الإسرائيلي من الامارات ولم يعط نعمة واحدة ولو لفظا للإمارات بل لقد كذب الجميع عن حكاية وقف ضم الأغوار مقابل تطبيع الامارات وأعلن بصفاقة انه لم يمنح وعودا لأحد.
 مع الرفض التام لكل معاهدات السلام مع اسرائيل قبل حرية ارض وشعب فلسطين الا ان الجميع الا الامارات يمكن ان يسوقوا مبرراتهم ومصالحهم المرفوضة التي قادتهم لتلك الاتفاقيات فقطر التي جعلت منها النموذج الأبرز أرادت ان تأخذ دورا إقليميا خرافيا في مقدمة الجميع فجلبت الغول الامريكي الى أرضها وانفتحت على اسرائيل وأخذت دورا لم تحصل عليه دولا لا مقارنة بينها وبين قطر فقد سرقت ادوار لدول مثل مصر والسعودية ومصر كان لديها قيادة تطمح لزعامة عالمية ولها رؤيا خاصة بها عن رفاه شعب مصر الذي خاض عديد الحروب في مواجهة اسرائيل ودفعت مصر أثمانا في مواجهة دولة الاحتلال ولذا وجدت قيادة السادات ما يبرر ما فعل, وكذا فعلت الأردن بعد توقيع م ت ف اتفاقية أوسلو لم تجد بدا مما فعلت وهي البلد الأكثر تضررا في المواجهة مع دولة الاحتلال, وسوريا وقعت اتفاقا خاصا محصور بوقف النار واستعادة جزء من أرضها المحتلة وهي القنيطرة ولا زالت حتى يومنا في حالة حرب مع اسرائيل, وكذا حال لبنان الذي لا زال يدفع يوميا ثمن مواصلة العداء لدولة الاحتلال, وحدنا في فلسطين لم يكن لنا أبدا مبرر توقيع اتفاق أوسلو مهما كانت المبررات لمن وقعوا, الا أنهم أنفسهم أعلنوا ولا زالوا يعلنون ذلك صراحة بان اتفاق أوسلو لم يكن نصرا بل هزيمة ارتأوا أنهم مجبرين عليها ولا خيار لهم بعد ان ضاقت بهم الارض, فما الذي يدفع بدولة بعيدة عن المواجهة ومسالمة ومزدهرة بل تعيش أرقى حالات الرفاهية والبذخ وتحظى باحترام العالم ومحبته وأصبحت نموذجا حضاريا عصريا يضرب به المثل ان تفعل ما فعلت ولصالح من وما هي المكاسب التي ستحصل عليها فقد يكون ذكيا لو وقعت معاهدة دفاع مشترك مع روسيا أو الصين لتجد لنفسها دورا إقليميا في مواجهة قطر إذا أرادت أو ان تمنح على شواطئها قواعد عسكرية لروسيا أو الصين لتحميها من وهم الخطر الإيراني الا ان اتفاق التطبيع مع دولة الاحتلال وبرعاية أبشع امبريالية عرفها التاريخ لن تعطيها أية مكانة أو ميزة قد تكون سعت إليها عبر اتفاق التطبيع بل على العكس كليا فهي ستجد نفسها حبيسة سيطرة أمريكية بيد إسرائيلية لا تتقن غير النهب والسيطرة.
السيد عبد الرحمن الراشد نعم ما قلته صحيح عن قطر وعن العرب الذين وقعوا وعن الساسة الفلسطينيين لكن ما لم تقله هو الخسارة الفادحة التي ستمنى بها الامارات من علاقتها بإسرائيل وهي ستكتشف أنها ذهبت بنفسها الى جحر الأفعى التي لا تعرف الا اللدغ بكل أشكاله ولم تقل أيضا ان الامارات وفلسطين هما الخاسران الوحيدان من هذه العلاقة ولم تقل أبدا ان أبو ظبي ستكون مطية المهرولين نحو التطبيع بانتظار من يعلق الجرس مثل عمان والخرطوم والمنامة وما خفي أعظم فأي مصلحة لدولة آمنة من الشر مثل الامارات ان تأتي باللصوص وأسياد الشر في العالم الى كرمها.
ما قاله عبد الرحمن الراشد عن ساسة رام الله وجدوه بانتظارهم في قاهرة المعز بقرارات جامعة الدول العربية التي ردت إلينا بضاعتنا وهي تدرك أننا أنفسنا لم نعد نتعامل بها فأي نتيجة كنا نتوقعها من جامعة نعرف جيدا من هم أعضائها إلا إذا كنا قد نسينا ما الذي نفعله نحن الآن وما الذي فعلناه منذ أوسلو حتى اليوم حتى يجد عرب ما بعد أوسلو أنفسهم مجبرين بخوض حربنا التي تنازلنا عنها بأنفسنا وان كنا لا زلنا نردد شعاراتها عند الحاجة لا أكثر وهم أي العرب يعرفون جيدا ما يجري في دهاليز رام الله المفتوحة للريح ويعرفون جيدا حجم حرصنا على وحدتنا الوطنية ويعرفون جيدا أننا قد أفرغنا دفاترنا التي كانوا يعرفون فلماذا كانوا سيقفون معنا تاركين خزائن أبو ظبي والرياض وغيرهما, إن علينا أن نصحو لما قاله لنا عبد الرحمن الراشد فقد يكون الباطل الذي أراد طريقا للحق الذي نحتاج.

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت