أول مهرجان للتمور في العراق بعد تفشي "كوفيد-19"

طفل عراقي يحمل علبة من التمور التي عرضت في أول مهرجان للتمور في العراق بعد تفشي كوفيد-19. (شينخوا)

مع بداية موسم جني ثمار التمور في العراق ورغم تفشي مرض فيروس كورونا الجديد (كوفيد-19) وتسجيل أكثر من 311 ألف إصابة، أقيم أول مهرجان للتمور بهدف إعادة الاهتمام بالنخيل وزيادة انتاج التمور إلى سابق عهده عندما كان العراق يحتل المركز الأول عالميا في تصدير التمور.

ففي مدينة الضلوعية الواقعة على بعد (100 كم) شمال العاصمة بغداد، أقام مجموعة من المهتمين بالنخيل والساعين لتشجيع المزارعين على زراعة هذه الشجرة المثمرة والتي تعد رمزا من رموز للعراق علي مر العصور التاريخية.

ويكتسب هذا المهرجان أهمية كبيرة كونه يسعى للتشجيع على توفير موارد اضافية غير النفط للعراق، ويلفت انظار الحكومة إلى هذا القطاع الحيوي والمهم في وقت يعاني فيه العراق من أزمات اقتصادية ومالية.

وبدأت عمليات جني التمور في العراق خلال الاسبوع الماضي وتتواصل خلال الايام المقبلة، حيث يأمل التجار في تصدير كميات منه للخارج.

وانتشرت الكثير من الأمراض في التمور هذه السنة لعدم القيام بحملات مكافحة الاوبئة بسبب الاجراءات المشددة التي فرضت بعد تفشي (كوفيد-19) في البلاد.

ويعد العراق من أقدم مواطن زراعة النخيل في العالم اذ تشير المصادر التاريخية إلى ظهور أول نخلة في العالم بمدينة أريدو التاريخية جنوبي العراق قبل أكثر من اربعة آلاف سنة قبل الميلاد.

وتحتوي مسلة حمورابي، أول قانون في العالم على سبعة قوانين تتعلق بالنخيل منها قانون يفرض غرامات كبيرة على من يقطع نخلة، وقوانين اخرى تتعلق بتلقيح الاشجار وبالعلاقة بين الفلاح ومالك الأرض وعقوبات على الإهمال وعدم العناية حيث تفرض على الفلاح أن يدفع ايجار البستان كاملا إلى المالك إذا سبب إهماله أو عدم عنايته بالاشجار إلى قلة إنتاج التمر.

وكان العراق يمتلك أكثر من 30 مليون نخلة في سبعينيات ومطلع ثمانينيات القرن الماضي، إلا أن أعدادها بدأت بالانخفاض تدريجيا حتى وصلت لنحو 11 مليون نخلة منتجة للتمر، بسبب الحروب والإهمال على مدى العقود الاربعة الماضية ما دفع العراق إلى استيراد التمور في بعض الأوقات من دول الجوار التي كانت تستوردها منه.

التشجيع على زراعة النخيل

يهدف القائمون على هذا المهرجان الذي عرض فيه أكثر من 200 نوع من التمور إلى التشجيع على زراعة النخيل لما لهذه الشجرة من مدلول تاريخي ورمزي في حياة العراقيين، وكذلك يهدفون إلى لفت انتباه الحكومة للاهتمام بهذه الشجرة المهمة ومساعدة الفلاحين لتطوير انتاجهم من التمور.

وقال عمر بابان الحاصل على شهادة الدكتوراه في الزراعة، وأحد المشرفين على المهرجان، لوكالة أنباء (شينخوا)، "النخلة هي رمز من رموز بلاد الرافدين على مر العصور، وعلينا الاهتمام بها والاكثار من زراعتها، فهي توفر مردودا اقتصاديا جيدا وتساهم في استقرار الأمن الغذائي للبلاد".

وأضاف "رغم التأثيرات السلبية لكورونا، الا اننا اقمنا هذا المهرجان وعرضنا فيه أكثر من 200 نوع من أنواع التمور"، مبينا أنه الأول من نوعه في العراق بعد تفشي كورونا.

وتابع "إن كورونا اثرت بشكل كبير على انتاج التمور هذه السنة، فبسبب الاجراءات التي فرضت لم يتمكن العديد من المزارعين من رعاية اشجارهم ومكافحتها من الآفات الزراعية، ما أدى إلى انتشار العديد من الأمراض وقلة الانتاج هذه السنة".

وأيد عبد الحكيم ادهام أحد المشرفين على المهرجان ما طرحه الدكتور عمر قائلا "نهدف بالاضافة إلى التشجيع على زراعة النخيل والاهتمام به، إلى توجيه دعوة للحكومة للاهتمام بهذه الشجرة ودعم من يزرعها".

وأضاف "الحكومة الآن تسعى لزيادة ايراداتها وتقليل الاعتماد على النفط الذي انخفضت أسعاره بسبب كورونا، فعليها أن ترعى الفلاحين وتشجعهم وتوفر لهم كل المستلزمات لزيادة الانتاج الزراعي وخاصة التمور".

وأشار إلى أن مرض كورونا أثر على زراعة النخيل لانه ظهر في العراق خلال شهر مارس الماضي، وهو موسم بداية زراعة النخيل، فضلا عن أن الاجراءات الحكومية قيدت حركة المزارعين في رعاية نخيلهم الأمر الذي انعكس سلبيا على كميات الانتاج.

وخلص إلى القول "نريد من الحكومة أن تدعم الفلاح وتوقف استيراد التمور من دول الجوار "متسائلا هل من المعقول أن بلدا كان يحتل المركز الأول في انتاج التمور يستوردها".

طفلان عراقيان يتذوقان التمور في أول مهرجان للتمور في العراق بعد تفشي كوفيد-19 بمدينة الضلوعية شمال بغداد. (شينخوا)

كورونا جرس انذار

يؤكد الخبراء على أن أزمة كورونا أثرت بشكل كبير على كل اقتصاديات العالم، لكنها اطلقت جرس انذار وتنبيه لدول العالم بضرورة الاعتماد على النفس والمنتج المحلي لضمان الأمن الغذائي.

وقال الخبير الاقتصادي عبدالله الجبوري "بعد ظهور أزمة كورونا وانتشارها في معظم دول العالم لاحظنا أن حركة الطيران والقطارات والبواخر توقفت كلها ما أدى إلى شل الحركة، فالدول التي تعتمد على الاستيراد المواد الغذائية اصبحت مهددة في أمنها الغذائي".

وأضاف "علينا أن نتعلم الدروس من هذه الأزمة، وأن نعتمد على توفير المواد الغذائية الأساسية التي تمنع حصول مجاعة، ومنها التمر، اذا علينا أن نولي اهتماما كبيرا بزراعة النخيل وتطويرها، فالتمور تعد وجبة غذائية كاملة".

وتابع "ان الاكثار من زراعة النخيل سوف يساهم باحياء صناعات تراثية كان اجدادنا يصنعونها من النخيل حيث يستخدمون السعف وجريد النخيل لصناعة الاسرة والسلال والكراسي وطاولات الطعام وغيرها".

وأكد الجبوري أن الاهتمام الحكومي بزراعة النخيل سوف يوفر فرص عمل للعاطلين ما يقلل من نسبة البطالة المرتفعة، داعيا الحكومة العراقية إلى إنشاء بورصة للتمور في محافظة البصرة كونها أكثر محافظة فيها نخيل فضلا عن وجود الموانيء فيها ما يسهل عمليات التصدير للخارج.

وحسب آخر احصائية أعلنتها وزارة الصحة أمس الجمعة، يبلغ إجمالي الاصابات بـ(كوفيد-19) 311690 تماثل للشفاء منهم 254305 بما يشكل 78.7 بالمائة وتوفي 8408، وما يزال 57977 يتلقون العلاج في المستشفيات بينهم 536 في العناية المركزة.

المصدر: وكالة قدس نت للأنباء - الضلوعية (شينخوا)