- بقلم/ توفيق أبو شومر
قال السيد طلال أبو غزالة يوم 6-9-2020 على قناة روسيا اليوم:
"قال، بل غيتس، مالك شركة مايكروسوفت عندما التقيتُ به: من العبث أن يبقى العالم كما هو، يجب أن يتغير وفق الحكمة الصينية، علينا أن نبيع الحاضر لأجل المستقبل، وليس العكس"
إن كلَّ ما يجري اليوم حولنا تُلخصه العبارة السابقة: "بيع الحاضر لأجل المستقبل" أما الماضي فيجب إزالتُه بالكامل!
إذن، فإن أباطرة العولمة يطبقون شعارهم الجديد على أرض الواقع لتحقيق غايات العولمة، وفق نظرية، نابليون بونابرت: "جردوا الدول من تاريخها يسهُل ابتلاعُها" ووفق خطة المحتلين الإسرائيليين: "اسرقوا تاريخَ فلسطين تحصلوا على وطنٍ مجانا "
إنَّ هذه الخطة يجري تنفيذها بوسائل عديدة، أبرزها إزالة الأيدلوجيا العربية الوحدوية، ومحو الأغنية التقليدية "بلاد العُربِ أوطاني، مِن الشامِ لبغدانِ، وتصفية شعارات الأحزاب القومية في المهرجانات والخطابات؛ اللغةُ العربية تجمعنا، والمصير المشترك يؤلف بيننا، وتراث الأجداد يُقوينا، أُمَّةٌ عربيةٌ واحدةٌ، ذاتُ مصيرٍ واحد!
كانت قضيةُ فلسطين، هي أهم مُوحِّد للعرب، كانت العصب الشعوري عند العربي، حينما تتحرك هذه القضية بخطبة واحدة، تُشعَلُ الثوراتِ، وتُقادُ الجماهير، وتُستدعى الأحاسيسُ الوطنية التقليدية، الإِباءُ، والنخوةِ، والعزَّةِ، والتضحيات.
إذن، فإن قضية فلسطين، كانت هي مركز العصب الوحدوي العربي الرئيس، لذلك رفعتْ الأحزابُ والحركات شعاراتٍ وحدويةً: "أمة عربية واحدة، ذات رسالة خالدة من المحيط إلى الخليج، الوحدة العربية طريق تحرير فلسطين"
لذا كان مِن الضروري، وفق نظرية المتآمرين المخططين أن يُزيلوا قضية فلسطين إن أرادوا أن يعيدوا صياغة العرب من جديد، وهذا ما يجري بالفعل اليوم في الساحة العربية.
حدثت بدايات التفكيك أولا بتجارب وحدوية عربية، بين أكثر الدول العربية، تحت شعار؛ الوحدة العربية ضرورة استراتيجية لاسترجاع فلسطين، بدءا بتجربة الوحدة بين مصر وسوريا 1958م، ثم محاولات وحدوية عربية عديدة، بين الأردن والعراق، وبين تونس وليبيا، وبعد فشل كل تلك التجارب الوحدوية، شرع العربُ في تأسيس مجالس الدفاع والاقتصاد المشتركة، كلها لم ترَ الشمس.
لم يتمكن المُخططون، حتى بعد فشل التجارب الوحدوية، وتصفية زعماء الوحدة العربية، من تفكيك العرب نهائيا.
كان توقيع اتفاقية، أوسلو، بين الفلسطينيين والإسرائيليين، 1993م بداية تنفيذ خطة، التخلص من قضية فلسطين، بِيدِ أصحابها، أزال العربُ قضيةَ فلسطين من مكانها العربي المقدس، أحسَّ العربُ بأن الفلسطينيين قد خدعوهم، بعد أن وقَّعوا وحدهم الاتفاقية سِرَّا، صارت قضيةً مختلفا عليها، ليس بين الفلسطينيين والعرب، بل بين العرب والعرب أنفسهم!
ثم بدأت خطةٌ تفكيكية تالية، بإغراق دول العرب بالمشكلات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، أزمات الخبز، الكهرباء، الوقود، ثم نصبوا لنا فخَّاً اسمه، الربيع العربي، اشتعلت الثورات العشوائية في العالم العربي، كان هدفُها فقط إسقاطَ الحكام الديكتاتوريين، ولم يكن لها أيدلوجيا ثورية نهضوية، وأصبح الهمُّ الرئيس لمعظم دول العرب هو لقمة الخبر، ثم جرى تضليل جماهير العرب بمقولةٍ خطيرة جديدة، وهي أنَّ سبب تأخر العالم العربي وفقره، وتخلفه يرجع إلى التزام العرب بقضية فلسطين، وأن التخلص من هذه القضية هو الوسيلة للتقدم والتطور، ليركبوا قطار العولمة الجديد!
لم تتوقف حالة الانهيار عند ذلك بل استمرت في الهبوط ليتحول محتلو فلسطين إلى جيران، ثم أصدقاء، ثم شركاء وحلفاء استراتيجيين.
انتبهوا، فإن هذا السقوط لن يتوقف عند هذا الانحدار، بل قد يصل إلى درجة أن تشارك دولُ العرب في تطويع الفلسطينيين، ليس بحجب الدعم المالي عنهم فقط، بل يمكن أن يستعمل العربُ القوةَ ضد الفلسطينيين، وهذا هو الأخطر!
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت