نميمة البلد: طلاق العرب أم الركون للأنظمة العربية

بقلم: جهاد حرب

جهاد حرب
  •   جهاد حرب

أثار قرار دولة فلسطين بالتخلي عن رئاسة مجلس جامعة الدول العربية الدوري نقاشا داخل الأوساط الفلسطينية والعربية؛ خاصة أن الفلسطينيين يولون أهمية بالغة للعمل العربي المشترك وفي وأروقة الجامعة العربية تحسسا وتوجسا في آن، حول علاقة الفلسطينيين بالنظام العربي الرسمي والفائدة من البقاء داخله.

هذه الخطوة الرمزية التي جاءت احتجاجا على ما آلت اليه الجلسة الأخيرة لاجتماع مجلس وزراء الخارجية العربية بالامتناع عن رفض إدانة التطبيع الإماراتي وتغيير قواعد العمل السياسي في العلاقة مع حكومة الاحتلال الإسرائيلي والمبنية على مبادرة السلام العربية "المبادرة السعودية"، المقرة من القمة العربية عام 2002، والقائمة على شرط إنهاء الاستعمار الكولونيالي الإسرائيلي للأراضي العربية المحتلة مقابل إقامة علاقة علاقات طبيعية مع إسرائيل كدولة في المنطقة. ما فعله الاتفاق الاماراتي البحريني مع المستعمر الإسرائيلي هو إزاحة الفيتو العربي على قبول إسرائيل كدولة طبيعية في المنطقة مع إبقاء الفيتو الإسرائيلي على إقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران 1967 ما يضعف، بهذه الطريقة، الجبهة العربية المساندة للفلسطينيين.

في ظني أن الخطوة الفلسطينية خطوة صائبة من حيث المبدأ؛ أبقت الوصل مع النظام العربي الرسمي من جهة، واوصلت احتجاجا فلسطينيا على آلية اتخاذ القرار العربي وصناعته والانحيازات القائمة في أروقة الجامعة العربية عند مناقشة القضايا العربية الجوهرية من جهة ثانية. لكن هذه الخطوة جاءت متأخرة ما أفقدها التأثير المناط بأي قرار أو خطوة سياسية، خاصة قرارات الاحتجاج، والمراد تحقيقه منه.

إن النقاش الشعبي اليوم حول الفائدة من البقاء في الجامعة العربية! الناجم عن الشعور بتخلي النظام العربي الرسمي عن الفلسطينيين له مكانته العاطفية كرد فعل على امتناع مجلس وزراء الخارجية العرب عن إدانة خرق قرارات الجامعة العربية ذاتها. لكن من غير الحكمة التخلي عن منصة إقليمية تجمع الدول العربية المختلفة وتشكل أحد أدوات المساندة السياسية والمالية والقانونية للقضية الفلسطينية، ومن غير المعقول ترك منصة كهذه فارغة أو تركها للخصوم "الجدد" التحكم بها دون وجود صوت فلسطيني له مكانة وقدرة أحيانا على التغيير.

كما أن النقاشات التي ترغب/تريد استعادة أدوات الضغط الفلسطيني على النظم العربية باسترجاع أدوات القوة الفلسطينية، في ظني، أنها غير ممكنة أو باتت مستحيلة لتغيرات عديدة في بنية العمل الفلسطيني وسلوكه والضعف الداخلي الفلسطيني ما يجعل منه ضارا أكثر من فائدته.

في المقابل فإن احدى أدوات القوة المركزية للفلسطينيين تتمثل بتوحيد أنفسهم وإعادة بناء جبهتهم على أسس ديمقراطية وقواعد الشراكة في الجبهة الوطنية للتحرر من الاستعمار من جهة، وتوزيع الأعباء وتحملها بالمقدار والقدر لنعيم الحكم وامتيازاته من جهة ثانية. إن النظر بعمق في آليات العمل الفلسطيني على المستوى العربي تدعو إلى إعادة تصويب العلاقة بخلق توازن في العلاقة ما بين الجبهة العربية المشاركة "الجماهير والشعوب العربية من المحيط الى الخليج بما فيها حركات المعارضة على اختلاف أطيافها" وبين الجبهة العربية المساندة "الأنظمة العربية بما فيها الجامعة العربية" التي تخشى على امتيازات حكمها. ما يعني لا الطلاق العربي واجب ولا الركون لمصالح الأنظمة محتوم.   

 

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت