تحليل : تراكم الأزمات الاقتصادية والسياسية تدفع السلطة الفلسطينية نحو المصالحة مع حماس لمواجهة إسرائيل

لقاء حماس - فتح في اسطنبول

تواجه السلطة الفلسطينية أشد أزماتها المالية والسياسية في تاريخها في الوقت الذي يرى فيه مراقبون فلسطينيون بأن تلك الأزمات من أهم أسباب التي دفعت المصالحة مع حركة (حماس) لمواجهة الإجراءات الاسرائيلية.

وأعلنت حركتا فتح وحماس اتفاقهما على رؤية مشتركة كخطوة للحوار الفلسطيني الشامل بينهما تمهيدا لعقد الانتخابات العامة، بعد عدة اجتماعات عقدت بينهما في العاصمة التركية اسطنبول لمدة ثلاثة أيام.

وسيتم الإعلان النهائي والرسمي عن التوافق الوطني لهذه الرؤية في لقاء الأمناء العامون المقرر عقده تحت رعاية الرئيس الفلسطيني محمود عباس في الأول من أكتوبر المقبل للبدء بعده مباشرة المسار العملي والتطبيقي لها.

ويرى مراقبون ومحللون سياسيون بأن التطورات الفلسطينية الداخلية تأتي مع الشعور الفلسطيني العام بمحدودية الخيارات المتاحة أمام السلطة الفلسطينية لتجاوز أزماتها السياسية والاقتصادية.

وأوقفت السلطة كافة التنسيقات الأمنية والعلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل في منتصف العام الجاري، عقب إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خطته لضم أجزاء من الضفة الغربية لإسرائيل، وتوتر العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية بعد اعترافها بالقدس عاصمة إسرائيل، ونقل السفارة الأمريكية إليها.

أما على الصعيد الإقليمي، تشهد السلطة الفلسطينية توترا في علاقاتها الدبلوماسية مع عدد من الدول العربية التي أعلنت تطبيع علاقاتها مع إسرائيل تحت رعاية أمريكية.

وتزامن ذلك مع الأزمة المالية الحادة التي تعاني منها السلطة بسبب التراجع الحاد في تقديم الدول الخارجية دعمها المالي، بالإضافة إلى تأثيرات أزمة مرض فيروس كورونا الجديد (كوفيد-19) التي أدت إلى ركود كبير في الحركة الاقتصادية وتراجع عائداتها المالية.

ويقول الكاتب والمحلل السياسي عدنان أبو عامر ، ان الازمات المتلاحقة دفعت الاطراف الفلسطينية لجهة المصالحة الداخلية كورقة ضغط وتكتيك سياسي ضد إسرائيل وأمريكا وبعض الدول العربية.

ويرى أبو عامر أن الوضع الفلسطيني يمر بظروف صعبة مشابهة لتلك التي عاشها الرئيس الراحل ياسر عرفات".

ومن جانبه ينوه مدير معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطينية "ماس" سمير عبد الله لوكالة (شينخوا)، إلى أنه كان من الطبيعي أن يتم التوجه نحو بدائل جديدة، تكون أكثر فعالية من الأدوات السابقة التي استعملتها السلطة للتعامل مع التوتر البالغ في العلاقات مع إسرائيل، وهو التوجه نحو المصالحة مع حماس والفصائل الفلسطينية والتي كانت تلقى رفضا أمريكيا وإسرائيليا مستمرا لتبني هذه الفصائل الأعمال المسلحة ضد إسرائيل.

ويشير عبد الله إلى أن تداخل العلاقة بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل يزيد من صعوبة مهمتها في تجاوز المرحلة بالنظر إلى الالتزامات الكبيرة المفروضة عليها في وقت تعد مواردها محدودة جدا.

وينبه إلى أن تأثيرات الأزمة المالية مرشحة للانعكاس بقوة في صورة تصعيد ميداني "لأن إسرائيل تهدد بمصادرة الحد الأدنى الذي يطالب به الفلسطينيون".

وينوه بأن السلطة الفلسطينية قد استنفذت كافة الخيارات التي كانت بحوزتها لثني إسرائيل عن تنفيذ خططها التوسعية والاستيطانية بدعم ورعاية أمريكية، لكن جميع هذه المحاولات باءت بالفشل.

ويأمل المحلل السياسي حسام الدجني بأن تكون نقاشات المصالحة الدائرة حاليا بين كل من فتح وحماس جدية هذه المرة، باعتبارها مصلحة استراتيجية وطنية للخروج من الأزمات التي يعيشها الشعب الفلسطيني.

وقال الدجني، "كلي أمل أن لا تكون هذه النقاشات مجرد أداة ولفترة مؤقتة، كما كانت في السابق، من أجل التغلب على الأزمات السياسية والاقتصادية فقط ومن ثم نعود إلى نفس المربع السابق.

ويعاني الفلسطينيون من انقسام داخلي منذ منتصف عام 2007 إثر سيطرة حركة حماس على الأوضاع في قطاع غزة بالقوة بعد فوزها في انتخابات المجلس التشريعي عام 2006 فيما فشلت عدة تفاهمات في تحقيق المصالحة.

وقال الدجني :" نحن بأمس الحاجة أكثر من أي وقت مصى إلى إجراء مراجعة شاملة تمهد الطريق نحو انتخابات عامة تعيد بناء البيت الفلسطيني الداخلي وتوحيده لمواجهة الخطط الإسرائيلية- الأمريكية التي تعمل على إنهاء قضيتنا".

المصدر: وكالة قدس نت للأنباء - رام الله (شينخوا)