- سماك العبوشي
السلام على من اتبع الهدى ، وسار عليه، وتمسك به إلى آخر رمق في حياته.
أستهل رسالتي المفتوحة هذه فأقول نقلا عن أبي سعيدٍ الخدري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من رأى منكم منكرًا، فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان))؛ رواه مسلم، ومن هذا الاستهلال أقول لك يا وسيم يوسف بأنني والله وتالله وبالله قد رأيت منك أشد المُنـْكَر المتمثل بمواقفك المؤازرة والمطبلة للتطبيع الذي جرى بين وليّ نعمتك (محمد بن زايد) وبين الكيان الصهيوني، فكان لزاما عليّ من منطلق شرعي وأخلاقي ومبدأي أن أتخذ موقفا مستنكرا مناهضا مستنكفا لما أقدمت عليه واقترفته بحق دينك وأمتك، فكان خياري الوحيد المتاح لي أن أكتب لك هذه الرسالة المفتوحة لأعبر لك عما يجيش في خاطري وخاطر كل شرفاء أمتنا من المشرق إلى المغرب من امتعاض وألم شديدين، وناصحا لك في الوقت ذاته (فذكّر إن نفعت الذكرى) عسى أن تعود لرشدك وترعوي عن طريق الضلالة والغَيّ فتحيد عن الطريق الأعوج الذي سلكته واخترته طمعا منك لدراهم معدودة تلقى إليك... والله من وراء القصد.
لا أنكر ياهذا أنني قبل سنوات قليلة كنت أتابع بإعجاب لبعض ما تطرحه من أفكار عبر برامجك (الدينية) على القنوات الفضائية، وتلك التي كانت تُوَثَق وتُنشَر في مقاطع يوتيوب، وأصْدقك القول أنني قد تعاطفت معك بأزمتك النفسية التي مررت بها عقب قرار دولة الامارات العربية بإبعادك عن النشر وتهميشك الإعلامي والدَعَوي لسبب لا أذكر تفاصيله، فاقتنصتَ فرصة التطبيع التي أعلنت بين وليِّ نعمتك (محمد بن زايد) وبين الكيان الصهيوني فأسرعتَ – كعادتك – لنهج لعق أحذية أولي الأمر كي تحضى بذات الرعاية المعنوية والاهتمام المادي وحب الظهور والانتشار الاعلامي الذي كنت عليه سابقا، فرحت تتفن وتبدع بالتطبيل والتزمير لخطوة التطبيع تلك وبأقصى قوتك ، ورحت تمارس فن التغريد (التطبيعي) تارة، وتارة أخرى تعلن عن مواقفك المؤيدة للتطبيع عبر القنوات الفضائية الإماراتية مبررا تلك الخطوة بأعذار واهية سخيفة ما أنزل الله بها من سلطان، ولقد خانتك ذاكرتك (السمكية!!) فنسيت أو تناسيت عامدا متعمدا كل طروحاتك السابقة عن قضية فلسطين وما صدحتْ به حنجرتك بأحقية أبناء جلدتك (سابقا!!) من العرب المسلمين بالقدس الشريف وألا تطبيع مع العدو الغاصب!!، فكنت بذلك الانقلاب الذي قمت به بين ليلة وضحاها أشبه بأفعى سامّة غيّرت جلدها لتظهر بجلد آخر، لا لشيء إلا كي تُرضيَ ولي نعمتك ولتستمر ملازمتك له وتواجدك الذليل على مائدته وما يلقيه إليك من فتاتها!!.
أيها الرويبضة المتصهين: إنني ورب الكعبة لاشفق عليك كثيرا، كما وأخشى عليك غضب رب العزة والجلال في قادم الأيام بما تلويه من أعناق آيات سور كتاب الله الكريمة ومن أحاديث نبوية عن أشراط الساعة خدمة للتطبيع ومسيرته ، ولقد زاغ بصرك وطاش عقلك ودخلت في مرحلة التيه واللاوعي بما استمتعت بمتاع الحياة الدنيا الزائل وبرؤية بريق المال ورائحة الدولارات النفاذه التي تنهال عليك من ولي نعمتك جراء مواقفك المخزية الموالية له والمخالفة للشرع والأخلاق والمنطق والتاريخ، وكأنك ياهذا قد تناسيت حقيقة أكد عليها رب العزة والجلال من أن جميع ما في الدنيا من مال وولد وزينة ومتاع إنما هو متاع مؤقت وزينة زائلة ، أما نعيم الآخرة فهو باق دائم، كما جاء في سورة الأحقاف : "يَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ (20)"، وكما جاء في سورة القصص : " وَمَا أُوتِيتُم مِّن شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا ۚ وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ ۚ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (60)".
أيها الرويبضة التويفه (سخيم جو): سأجري مقارنة بيني وبينك، لترى وتلمس البون الشاسع بين ما أحمله من شرف ورفعة وقناعة وشكر لله تعالى، وبين حالك اليوم، فأنا العبد الفقير لله تعالى أحمل من القناعة والرضا الشيء الكثير بما حباني الله من رزق قدّره لي – وبالشكر تدوم النعم- ، غير أنني بحمد الله تعالى لا أنفك أشكره كل حين وكل لحظة على فضله وجوده ونعمته تلك، هذا كما وأتمسك بشدة بمبادئي وقيمي التي نشأت وترعرعت عليها ، لا أفرّط بها ولا أتنازل عنها أو أستبدلها ولو بكنوز الدنيا وخيراتها مادام فيّ عرق ينبُض، وكذا هو حال الشرفاء الصادقين المؤمنين بالله ورسوله من أبناء العروبة والإسلام، وهذا هو باختصار شديد وصف لما جُبلت عليه وما أحمله من صفات ، فما حالك أنت، وكيف ستصفها يا ترى!!؟.
لو تركتك كي تصف حالك يا (سخيم جو) لقلت فيها ما ردده المتنبي من أشعار يصف بطولاته وصولاته في وقت كان الشاعر المتنبي أكثر جُبنا من الممثل الراحل إسماعيل ياسين رحمه الله!!، لكنني سأنوب عنك فأصفك بعجالة شديدة، ولن أبخسك حقك من الوصف الشفاف العادل الذي تستحقه لكثرة ما قرأت عنك وما نشرته بوسائل الإعلام من مهازل ومطبات فكرية وتضارب مواقف إعلامية شائنة ماجنة والتي ملأت وتملأ قنوات اليوتيوب وآخرها وليس أخيرها تغريدة (أشراط الساعة) التي نشرتها وسأذكرها لاحقا!!، فأقول فيك قولا بسطرين لا أكثر وسأحاسَب عليه يوم الدين لو كنت مجافيا للحقيقة وكما يلي: أنك إنسان تستهويك وإلى حد كبير شهوة المادة وبريق الشهرة والجاه والمنصب، ولديك الاستعداد الكامل كي تبيع دينك وعروبتك وشرفك ومبادءك وقيمك لقاء حفنة قذرة من الدولارات!! ما رأيك بالله عليك بما وصفتك به!؟.
ألا تستحق هذا الوصف المقتضب لحقيقة صفاتك المخبوءة والتي طفت على السطح بعد التطبيع المشؤوم فأزكمت الأنوف من قذارة رائحتها!!؟.
ألم أكن منصفا جدا معك!!؟ لقد ظلمت نفسك يا (وسيم يوسف) وكفرت بالله ورسوله حين استبدلت عهد الله تعالى وما أنزله من آيات كريمة تحضُّ وتدعو للتمسك بمبادئ الاسلام وشرائعه وعدم مولاة أحفاد القردة والخنازير بقناعات وتبريرات وحجج مرحلة التطبيع سيئة الصيت مع الكيان الصهيوني، ولقد غواك الشيطان ووسوس لك فأضللت نفسك حين سعيت مهرولا لاهثا لتجارة بائرة خاسرة ستكون سببا لطردك من رحمة الله تعالى غير مأسوف عليك، فحق عليك وعلى أشباهك ما جاء بكتاب الله تعالى : "وَلَا تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا ۚ إِنَّمَا عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ" (النحل:95)، وكما جاء في آية أخرى: "وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم مِّن بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ۙ إِنَّكَ إِذًا لَّمِنَ الظَّالِمِينَ"(البقرة: 145). يا وسيم يوسف: وسأزيدك من الشعر بيتا، كي تعرف قدر نفسك، ولتدرك أي حضيض ارتأيته لها، وأقول: يكفيك عارا وشنارا أن أفيخاي أدرعي – المتحدث الرسمي لجيش الاحتلال الصهيوني - هو من خرج مدافعا عما أدرجته بتغريدتك الوقحة التي شوهت وزيفت حديث رسولنا الكريم محمد (صلى الله عليه وسلام) عن أشراط الساعة، فإذا بك تحرف مضمونها وتذكرها بصيغة بعيدة عن جوهر ما ذكره رسولنا الاعظم عن طبيعة انقلاب الموازين فقلت وأقتبس نصا : "من أشراط الساعة انقلاب الموازين: من يريد السلام (متخاذل) ومن يريد (الدمار) شجاع. من يريد أمان وطنه (عميل) ومن يريد (الفتنة) مناضل.
من يريد التعايش مع الأديان (مرتد) ومن يريد الطائفية (مجاهد). من يريد الوسطية (منافق) ومن يريد التشدد (ثابت). نسأل الله سبحانه الثبات على الحق"، فإذا بـ (أدرعي) هذا يشمر عن ساعديه ويشحذ تفكيره فيكتب مدافعا عن سفاهتك وترهاتك تلك ويكرر مفرداتك العقيمة المحرفة المعنى والغاية بما يلي وأقتبس نصا: "كما قال معالي الشيخ وسيم يوسف: انقلبت الموازيين حتى رفع دعاة التخريب صوتهم البغيض أمثال هذا ‘المفكر‘. فمن يريد السلام أصبح (متخاذلاً) ومن يريد (الدمار) أصبح شجاعاً، ومن يريد الوسطية (منافق) ومن يريد التشدد (ثابت)"، وختم: "نسأل الله سبحانه الثبات على الحق. اللهم آمين"، فهنيئا لك اصطفاف (أدرعي) هذا إلى صفك في وقت كنت قد خسرت أهلك وماضيك ومستقبلك!!. وأرد على تغريدتك الواهية المخادعة الكاذبة تلك متسائلا وباستغراب وسخرية: أي أشراط ساعة تلك التي تتحدث عنها أيها المتفقه بالدين !!؟ أي ليّ لأعناق مفردات رنانة رائعة قمت بتحريف مغزاها أيها المنافق!!؟. وأي (سلام!!) ... وأي (تعايش!!) ... وأي (وسطية !!) هذا الذي تبغيه من عصابات سرقت قدسك الشريف – مسرى رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم وحيث عرج منها الى السماء السابعة-، وشردت أبناء عمومتك، وأثخنت فيهم الجراح، وكأنك يا (شيخ وسيم يوسف!!) قد أنساك مال الدنيا وبريقه ما جاء في محكم آيات الله تعالى بهذا الخصوص: "لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8) إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَىٰ إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (9)"(سورة الممتحنة).
ثم ... ألم تقرأ سور القرآن الكريم التي تحدثت بإسهاب وذكرت مكر يهود وكيف صنعوا مع نبي الله موسى عليه السلام بقصة البقرة التي أراد الله سبحانه وتعالى أن يختبرهم ويمتحنهم ويبتليهم بها، ثم عجزوا وذبحوها أخيرا... وما كادوا يفعلون!! ثم ... ألا تتذكر قصة يهود حين رأوا معجزات نبي الله موسى عليه السلام بأعينهم وآخرها شقه البحر لهم فأنقذهم الله تعالى من فرعون وبطشه ، فإذا بهم يتـّبعون السامريّ حين أغواهم بالثور الذي صنعه لهم من ذهب سرقوه من أقباط مصر ليلة هروبهم فراحوا يتعبدونه دون رب العزة والجلال!!! فكيف بعد هذا كله – والشواهد القرآنية والتاريخية كثيرة لا مجال لذكرها - تأمن جانبهم وتسعى إليهم بحجة السلام والتعايش والوسطية!!؟.
ختاما ... أقول لك ولأشباهك ممن امتطى صهوة قطار التطبيع غير آسف ولا نادم: ليست بالخسارة لنا أبدا أننا قد خسرنا أحد أبناء أمتنا حين بان معدنه الردي، وحين اصطف طواعية راغبا الى جانب عدونا الشرعي والقومي والتاريخي مقابل حياته الدنيا التي سعى حثيثا من أجلها، فما أنت يا وسيم يوسف ورب الكعبة إلا سقط متاع هذه المرحلة العصيبة من عمر أمتنا العربية والإسلامية كما قال الشاعر (قطري بن الفجاءة) بقصيدة له هذا بيت منها (وما للمرء خير ٌ في حياةٍ ، إذا ما عُدَّ من سقط المتاعِ )، بل ونحمد الله كثيرا أنك قد كشفت عن حقيقتك مبكرا وفي بداية مرحلة التطبيع سيئة الصيت كيلا يستمر خداعك الفكري وما تطرحه لشبابنا وما تدسه من سم في الدسم بما تنشره وتعلنه، ولقد حق عليك وعلى أمثالك ممن باع دينه وضميره وأمته أن يتم وصفك بمفردة (الخبيث) التي وردت في محكم آياته تعالى: "لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَىٰ بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ"(الأنفال: 37). سماك العبوشي 28 أيلول 2020
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت