- د. طلال الشريف
من وجهة نظري
مازال مشروع فتح التيار الوطني المركزي في منظمة التحرير قابلا للحياة ولسنوات.
باعتقادي، الخلل ليس في برنامج حركة فتح، الذي تبنته م.ت.ف، وإن كان هناك بعض النواقص في إدارة هذا المشروع، بمعنى؛ مثلا، كان على ياسر عرفات التمسك لآخر لحظة بالانتفاضة، وكيفية إدارتها، لتكون رافدا قويا للضغط على المحتل، ولم يكن مبررا عزل الفعل الثوري عن الفعل السياسي، وهذه كانت وليدة نقص الخبرة، ونقص الذكاء السياسي، لصراع طويل باتت فيه المنظمة، والسلطة على الأرض الفلسطينية لأول مرة، وتوهم من قادها، ياسر عرفات، ولاحقا محمود عباس، بأن الإسرائيليين سيمنحوهم القليل الذي طلبوه، وهي أرض 67 ، غير منقوصة، مادام هم تنازلوا عن الباقي، وهذا خطأ كبير في فهم الاحتلال الاستيطاني، وهو ليس دولة مستعمرة تسحب عصاها وترحل ...
هناك أيضاً، خللا إداريا كبيرا شاب بناء المؤسسات، فكان فشل الموازنة بين البرنامج الوطني والإجتماعي..
أذكر قبل وصول السلطة كانت هناك دراسة للدكتور غسان الخطيب عبر مركز GMCC، طرح فيها هذا التحدي بجدية، في كيفية الموازنة بين البرنامج الوطني والبرنامج الإجتماعي، وللأسف جاء الفشل في البرنامجين، وكنا نتصور أن يكون الفشل فقط في البرنامج الإجتماعي، على خلفية حداثة السلطة، وصعوبة تحول الثوار لمسؤولين، وموظفين مدنيين رفيعين، يديرون شؤون مجتمعهم على أرضهم لأول مرة في التاريخ، ولديهم شعب في طريقه للحصول على دولة.
مازلت أقول، ومازلت مؤمنا، بأن برنامج فتح السياسي مازال أفضل المطروح، لإمكانية تحقيق السلام، ويعالج مشكلة الإحتلال، ولكن ليس كما أدارووه سياسيا، واجتماعيا، ودون أوراق ضغط على المحتل ، وكم من الذكاء أقل، ولكن أيضا والأهم، ليس برتابة عباس، وعريقات، وعزام، والرجوب والشيخ، الذين على ما يبدو، بعيدين عن روح الثورية، فكيف سيكون لهم أي إنجاز، فعملية التفاوض، وبناء السلام، لشعب، محتل، إحتلالاً استيطانياً، ومحتل دائم التوسع والشراهة للأرض، وعقدة الشعور الكامن داخله بغياب الأمن والأمان لأنه مغتصب أصلا، أقول:
لم يكن مناسبا، عباس وفريقه، لهذه المهمة، فهم انبطاحيين، وكما رأيناهم 27 عاما ، لم تكن لديهم، أي مواقف ثورية ضاغطة، وهذا ليس عدم فهم، بل هي خاصية، الشخصية السياسية القوقعية الجبانة عن العمل الثوري، التي تقودهم، والتي تخاف من كل شيء، وكان علينا دراسة هذه الشخصية في سن العشر سنوات التي تتكون فيها الصفات الأصيلة لهذه الشخصية، وأتوقع إنطوائيتها، وجبنها، فعباس لا يتمتع بأي صفة من صفات القائد الثوري الحقيقي، فهو رجل إمكانياته الثورية أقل بكثير من أن يقود ثورة شعب وإدارته للخلاص من الإحتلال، ودليل ذلك، ثورية ياسر عرفات رغم عدم توافقي على فعله الثوري الخطأ في انتفاضة الأقصى حين حوصر سياسيا، لأنه تكتك بالاستراتيجي، أي بعملية السلام مقابل تحسين شروط التفاوض وإلتزام إسرائيل ببنود أوسلو، لكنه كان فعلا ثوريا يميز شخصيته كقائد، والخطأ الأصلي أنه أوقف الإنتفاضة الإولى وكان عليه إدارتها حتى إنتهاء التفاوض حول القضابا المؤجلة الخمس الكبرى.
السبب الآخر المهم في إفشال مشروع فتح، هي المؤامرة الخارجية، وهنا أيضا كان يمكن أن يلعب الذكاء دورا كبيرا في إحباط مؤامرة استقدام واستخدام الإسلامويين لزعزة التيار الوطني ومشروعهم، ولذا لم يكن عباس أيضا ذكيا في ذلك، بل، كان، دحلان الأذكى، وبدل أن ينحاز له عباس في مواجهة المؤامرة، راح يتلاعب ضد دحلان وتركه في المعركة وحيدا، لتفرده بقرار الجبن، في عدم اتخاذ القرار بالدفاع عن غزة، فكانت المأساة التي صنعها عباس وحماس، فهبطت القضية الوطنية، وتكالبت المشاريع التصفوية ..
وها نحن كشعب وأرض نحتاج منقذ، ولازال عباس بعدم ذكائه وجبنه الثوري ، يعيق مسيرة شعبنا، ولذلك على عباس الرحيل، وعلى حماس إنهاء سيطرتها العسكرية، وحكمها، في قطاع غزة، إن أرادت لقضيتنا خيراً، وليس تقاسم السلطة، والذهاب، لمحاور كما يفعلون والتي ستقضي على ما تبقى من أرض وتهجير شعبنا.... وغير رحيل عباس وإنهاء حكم حماس لغزة فكل التوافقات والإستفرادات وحتى الإنتخابات هي مشاريع فاشلة وستطيح بقضيتنا حتماً.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت