في قلب الظهير الصحراوي لمحافظة المنيا بصعيد مصر، تظهر من بعيد بريمة حفر عالية محاطة بالمعدات الثقيلة، وكذلك المهندسين والعاملين بملابس العمل الحمراء والخوذات البيضاء وأقنعة الوجه.
وتعد هذه البريمة واحدة من ثلاث بريمات حفر تابعة لشركة الحفر الصينية الكبيرة (زيبك)، التي قامت حتى الآن بحفر ما يزيد عن 120 بئرا من أصل 300 بئر مياه لمشروع شركة (القناة للسكر) المصري - الإماراتي المشترك، الذي يبلغ حجم الاستثمار فيه مليار دولار أمريكي.
ويهدف المشروع إلى استصلاح مساحة ضخمة من صحراء غرب المنيا لإنشاء أكبر المزارع في الشرق الأوسط، وكذلك تشييد أكبر مصنع للسكر في العالم.
وقال لي وي مدير فرع شركة (زيبك) في مصر، إن معظم أعضاء فريق عمل الشركة مهندسون وعمال مصريون يدعمهم عدد قليل من الفنيين الصينيين، وهم يعملون يدا بيد لتحويل الصحراء المصرية إلى أراض خضراء عن طريق جلب المياه الجوفية إلى السطح.
وأضاف لي، لوكالة أنباء ((شينخوا))، "لقد جلبنا معداتنا وتقنياتنا وخبراتنا إلى مصر منذ أن جئنا إلى هنا في عام 2016، ونحن نقدم التدريب لفريقنا المصري ونوفر فرص عمل للمصريين ونشارك خبراتنا وثقافاتنا في إطار من الصداقة والتعاون"، معربا عن سعادته بمساهمة (زيبك) في عملية التنمية مصر.
وأكد أن "هذه كلها جوانب من التعاون بين الصين ومصر ضمن مبادرة الحزام والطريق الصينية التي تهدف إلى التنمية المشتركة".
وعلى أرضية البريمة بدا المهندسون والعمال منهمكين في عملية حفر أحد الآبار بغرض الوصول إلى طبقة الحجر الجيري التي تحتوي على المياه.
وقال علاء الجمال، أحد مهندسي الحفر المصريين لدى شركة (زيبك)، إن العملية تستغرق من تسعة إلى 15 يوما لاستكمال حفر بئر واحدة، وذلك يتوقف على التحديات التي يمكن أن تواجهنا أثناء الحفر.
وأضاف الشاب المصري، "أعمل لدى شركة زيبك منذ ثلاث سنوات، وهي محطة مهمة للغاية في حياتي المهنية، لأن زيبك شركة عالمية ومحترفة، وقد تعلمت الكثير من تقنياتها الجديدة في هذا المجال".
وتستخدم زيبك ثلاث بريمات بقوة 650 حصان للواحدة، ويبلغ ارتفاع كل منها حوالي 40 مترا، بالإضافة إلى المعدات الثقيلة الأخرى مثل ناقلات البريمات والأوناش ومولدات الكهرباء وعدد من الشاحنات والمركبات في المواقع المختلفة بالظهير الصحراوي للمنيا، لإنجاز حفر 300 بئر لمشروع "القناة للسكر".
وقال أمير محمد، أحد مديري التشغيل بشركة زيبك، "نحن لدينا خمس بريمات لهذا المشروع نشغل منها حاليا ثلاث بريمات، وستعود البريمة الرابعة إلى العمل في غضون أيام وقد تنضم إليهم البريمة الخامسة لاحقا".
وأوضح محمد، الذي كان يتابع عمل إحدى البريمات، أن الشركة الصينية واجهت تحديات عديدة عندما بدأت المشروع لأنها أول من دخلت هذه المنطقة، مشيرا إلى أن حفر البئر الأولى استغرق ما يقرب من شهرين، لكن فريق العمل يستطيع الآن حفر البئر الواحد في غضون 10 إلى 15 يوما.
وعلى بعد كيلومترات قليلة من البريمة، وفي بقعة أخرى من الصحراء، علت الابتسامات وجوه مجموعة مهندسين من شركة زيبك وآخرين من شركة القناة للسكر أثناء مشاهدة المياه تتدفق إلى بركة رملية أثناء اختبار الضخ لأحد الآبار التي تم حفرها مؤخرا.
وقال ابو مسلم محمد جودة، وهو مدير تشغيل آخر لدى زيبك، "نحن نقوم الآن بإجراء اختبار الضخ للبئر، حيث نختبر منطقة إنتاج البئر وكمية المياه المنتجة ومعدل التدفق والتراجع لتحديد كفاءة البئر".
ويتراوح معدل تدفق الآبار التي حفرتها زيبك بالمزرعة الضخمة بين 250 و1000 متر مكعب في الساعة، بينما تتراوح المضخات المستخدمة في هذه الآبار بين 185 و500 حصان حسب معدل التدفق.
ويتم تمويل مشروع "القناة للسكر" من خلال شراكة بين رجل الأعمال الإماراتي جمال الغرير، العضو المنتدب والمساهم الرئيسي في شركة (الخليج للسكر)، ومستثمرين إماراتيين آخرين، وشركة (الأهلي كابيتال) القابضة المصرية، الذراع الاستثماري للبنك الأهلي المصري.
وتسعى "القناة للسكر" لإنتاج 400 ألف طن من السكر الأبيض سنويا عندما تبدأ الإنتاج في عام 2021، مع التخطيط للوصول إلى كامل طاقتها الإنتاجية التي تبلغ 900 ألف طن سنويا في عام 2023.
وأعرب القائمون على المشروع عن رضاهم عن أداء شركة زيبك، التي ساعدتهم في استصلاح جزء كبير من المساحة الإجمالية للمشروع البالغة 181 ألف فدان، منها 50 ألف فدان للزراعة في غضون الأشهر الستة المقبلة.
وقال آرون بالدوين، مدير المشروع الزراعي بشركة "القناة للسكر"، ل(شينخوا) "لدينا علاقة طويلة الأمد مع زيبك، وقد عملت الشركة الصينية معنا في إطار من الشراكة على مدار العامين ونصف العام الماضي".
وأضاف بالدوين "إن علاقتنا مع زيبك قوية للغاية، وتستمر في التطور بشكل يومي".