- بقلم : شاكر فريد حسن
" الاتحاد السوفييتي لي " عنوان كتاب للشاعر الفلسطيني الراحل معين بسيسو، الذي قضى عمره القصير في صفوف الحزب الشيوعي الفلسطيني، وعاش فترة من حياته في موسكو، وكان محبًا ووفيًا للاتحاد السوفييتي السابق، ومؤمنًا بدوره الطليعي والقيادي على الصعيد العالمي في مواجهة الامبريالية الامريكية. ويتجلى هذا الحب والوفاء في كتابه هذا، وهو عبارة عن انطباعات شعرية ونثرية أدبية، يتحدث فيها عن جولاته ورحلاته ولقاءاته في بقاع الأراضي والجمهوريات السوفيتية، ويتطرق فيه إلى جوانب متعددة من حياة الشعب السوفييتي في الميادين العلمية والثقافية والاقتصادية والمعرفية، بأسلوب مشوق. كما ويسجل لقاءاته وأحاديثه مع مواطنين سوفيتيين حول قضايا السلم والحرب والكفاح لأجل التحرر الوطني، ويبرز دور الأدب في المقاومة ومعارك الكفاح لأجل العدالة الاجتماعية والاشتراكية.
ويستهل معين بسيسو كتابه الذي كتب فصوله وهو في بيروت ، بالقصيدة التي حمل الكتاب عنوانها وهي " الاتحاد السوفييتي لي "، ويقول فيها:
هذه الشبابيك التي تصبح فيها
الكؤوس
هذه الأيدي
والتي تدق فيها العناقيد
كالأجراس
كل صباح
نوزع الجرائد
ونقرأ القصائد
السوفييتي لي
(الاتحاد السوفييتي لي )
السوفييتي
السوفييتي
ويكتب معين بسيسو قائلًا في كتابه : " بمسمار على حائط زنزانة كنا نكتب اسم موسكو. وما أكثر ما كتبنا اسم الاتحاد السوفييتي بزر قميص أو بعود ثقاب.
كنا نحس أن حائط الزنزانة الذي أنبتت أصواتنا فيه الريش... الحائط الذي نكتب عليه هو جناحنا الذي يرفرف في كل شوارع العالم ثم يعود إلينا مثقلاً بالريش والأسماء وفاكهة كل اللغات. لقد تحول حائط الزنزانة إلى بساط ريح.
كانت نافذة الزنزانة – هي بطاقة الحزب الشيوعي الفلسطيني – حملنا هذه النافذة – البطاقة... طويلاً في أيدينا... هذه النافذة التي مخرتها أصابع الكرابيج ولم تسقط.
كان باب الزنزانة هو المرآة التي نكتب عليها كل صباح نشرة الطقس للوطن القادم.
***
هكذا كان على حيطان الزنازين... على ورق الستنانسل أو على ورق السجائر... يظهر اسم الاتحاد السوفييتي. وما أكثر الذين حفروا بأزرار قمصانهم هذا الاسم... فتحولت عيونهم إلى أزرار معاطف السجانين.
الآن وأنا أكتب «الاتحاد السوفييتي لي» في بيروت، بيروت التي تقف خلف المتراس... مثل غزالة من البرق... في يدها بندقيتها التي حشتها بالموج... كتبت بيروت على أكياس رمل متاريسها اسم موسكو ".
معين بسيسو تمتع بموهبة فذة، وثقافة إنسانية تقدمية جمالية، تجلت في قصائده ودواوينه ومسرحياته وفي هذا الكتاب المشوق الذي يستحق القراءة والاهتمام.
وسيقف التاريخ النضالي والثقافي الفلسطيني طويلًا أمام عطاء هذا المبدع المقاتل والمحارب الذي ربط الفكر بالممارسة والفعل الثوري، وسيظل ما تركه من إرث شعري وأدبي ومسرحي، باعثًا على الثورة والمقاومة، ومحرضًا على مزيد من التمسك بالحق الفلسطيني، ومواجهة طغيان المحتل، والانحياز للعمال والكادحين والمسحوقين ضد استغلال وحوش رأس المال.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت