- الكاتب : وفيق زنداح
حدثا .. ويوما أليما ... صعبا واسودا بحنكة نهاره وليله ... وبيوم كان حزينا بمثل هذا اليوم الاثنين ... وليس تاريخه ... والحديث عن الخامس من حزيران من العام 67 .
يوم سالت فيه الدماء ... وسقطت فيه الارواح ... وهجر فيه الالاف من ابناء مدن القناة الى داخل العمق المصري .
كان يوما صعبا بتاريخنا الحديث ... لكنه كان فارقا وحاسما ومتغيرا في وجهة الوطن واولوياته . منذ اللحظات الاولى للهزيمة ... كانت الرسالة المصرية مدعمة بعدم القبول بهذه النتيجة غير المنصفة ... والتي جاءت على وجه السرعة كالبرق .. باعتبارها حدثا عابرا وطارئا .
يوم وقد حدث بالماضي ... لكنه له ما بعده من ارادة رافضة ... الى ارادة مواجهة فاعلة ... بحرب الاستنزاف ... التي جعلت العدو المحتل ... يلعن اليوم الذي حقق فيه انتصارا وهميا ومزعوما .
اهلنا بمدن القناة الاسماعيلية ... وبور توفيق .... وبور فؤاد... وبور سعيد ... والقنطرة ... هاجروا الى داخل الوطن بلحظات مؤلمة .
كانت ايام عصيبة وقاسية .. لهجرة داخلية ... فما بالنا وخطورة الهجرة الخارجية التي عاشتها شعوب أخرى حيث الصحراء والخيام وقساوة الحياة .
القوات المسلحة المصرية بقيادتها العسكرية وبتوافقها الكامل مع القيادة السياسية وكافة اجهزة الدولة ... بعهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وحتى وفاته بالعام 70 .... وتولي الرئيس الراحل محمد انور السادات للمسؤولية ... ليتابع الجهود التي بذلت ما بعد النكسة مباشرة لاجل تطوير القدرات العسكرية وتعزيز مقومات الجبهة الداخلية ... ووقف قدرة الحرب النفسية بكافة اساليبها وادواتها من الشائعات وحتى الاخوان .
العسكرية المصرية وما احدثته من تطور تكنولوجي وعلمي على ما تمتلك من اسلحة تقليدية لم تكن بموازاة وقدرات الاسلحة التي تمتلكها اسرائيل .
حرب الاستنزاف والتي سقط فيها الكثير من الشهداء والجرحى من جنود وضباط وقادة وعلى رأسهم الفريق عبد المنعم رياض الذي استشهد وهو متواجدا بالمواقع المتقدمة على الجبهة .
المشير احمد اسماعيل علي الوزير الاول وقائد القوات ... والذي أعد وجهز وخطط مع كافة اركان القوات المسلحة لتنفيذ المهمة بدقة متناهية .
مرحلة كانت تشهد الكثير من الضباب والخداع الاستراتيجي ... والتكتم على ما يجري ... وعدم الالتفات للحرب النفسية وللشائعات والمزايدات .
أيام صعبة ومريرة لكنها مرت بالصبر والعمل والاصرار على تحقيق الاهداف ... وبلحظة تاريخية حاسمة ... وغير متوقعة من المراقبين والمحللين وحتى من اجهزة استخبارات دولية تنطلق الطائرات المصرية وتدك حصون العدو ومواقعه على طول خط الجبهة بقناة السويس وبعمق سيناء .
ساعات قليلة ... حتى اصبح الجنود والضباط وعلم مصر يتواجدون على الضفة الاخرى للقناة وهم يرفعون بهتافاتهم الله اكبر الله اكبر الله اكبر .
عندها فقدت جولدامائير رشدها .. واستغاثت بأمريكا ... لوقف الهجوم المصري ... وما قدم حتى يتمكن شارون من احداث ثغرة الدفرسوار بالالتفاف على الجيش الثالث الميداني .
محاولة عسكرية فاشلة وكان بالإمكان القضاء عليها كما جاء على لسان الفريق سعد الدين الشاذلي .
ولأنها السياسة ... ولان الحرب ليست هدفا ... ولان السلام والبناء والتنمية ... والامن والاستقرار مطالب وطنية وانسانية ويجب الاخذ بها كان القبول بالقرارات الدولية 242 ما بعد حزيران 67 و 338 ما بعد حرب اكتوبر 73 ... والذين شكلوا الارضية السياسية لاتفاقية كامب ديفيد وتحرير سيناء وعودتها لحضن الدولة المصرية .
السرد التاريخي لحالة الصراع التي كانت قائمة والممتدة منذ عقود ... يستخلص منها ان القوة العسكرية التي يحرص عليها الرئيس عبد الفتاح السيسي وتطويرها وتعزيز قدراتها تعتبر صمام أمان ... وقوة ردع وسيف لمواجهة كل من تسول له نفسه المساس بالأمن والسيادة المصرية .
قاعدة وطنية تنطلق من خلالها كافة الجهود لتعزيز القدرات العسكرية بكافة الوسائل والتنوع ... كما تعزيز القدرات الاقتصادية والتنموية بكافة مجالات الاستثمار والبناء والتشييد للبنية التحتية ... وايجاد الحلول الممكنة والسريعة للعديد من الازمات والتي شهدتها البلاد ... وتأكد منها بفعل جهود مضنية .... وارادة جامعة ... واصرار قبل بالتحدي بالتفاف كافة المصريون حول قائدهم ورئيسهم عبد الفتاح السيسي وجيشهم العظيم ومؤسسات دولتهم .
تجربة الماضي القريب واستخلاصاتها وما تؤكده تجربة الواقع ومعطياته واستخلاصاته ... تشكل حالة الوعي والادراك والتمكن من ارادة العمل والانجاز ... وعدم القبول بالاستكانة وقبول الهزيمة التي ارادوها ... ولكنهم لم يفلحوا بتنفيذها واستمرارها .
لقد قطعت مصر طريقها من مرحلة اليأس بنكسة حزيران 67 الى مرحلة الرجاء والانتصار بحرب اكتوبر 73 ... الى مرحلة البناء والتعمير والتنمية بعهد الرئيس السيسي ... هذا هو تاريخ مختصر ببطولات كبيرة ... ولتاريخ حافل ... ولتضحيات جسام ... ولإرادة لم تعرف المستحيل .
الكاتب : وفيق زنداح
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت