- د. فايز أبو شمالة
ينتظر نتانياهو نتائج الانتخابات الأمريكية على أحر من الجمر، ففوز ترامب يعني المزيد من القوة لنتانياهو، ويعني الاستمرار في تطبيق صفقة القرن، وتحقيق المزيد من التطبيع مع الأنظمة العربية، وهذا مصدر قوة شخصية، وتشجيع لنتانياهو كي يقدم نفسه للإسرائيليين منقذاً ومخلصاً، ويقدم نفسه للمتطرفين بصفته القادر على تحقيق أطماعهم بدولة إسرائيل الكبرى، لذلك فإن فوز ترامب يعني حل الكنيست الراهنة، والاستعداد لجولة جديدة من الانتخابات الإسرائيلية مطلع العام القادم، انتخابات برلمانية يبادر إليها نتانياهو واثقاً من دعم حليفه ترامب، وواثقاً من التفاف اليمين المتطرف حوله، على أمل تحقيق المزيد من الانتصارات.
أما إذا فاز الديمقراطيون فذلك يعني أن نتانياهو سيحفاظ على ائتلافه الحاكم إلى أطول فترة زمنية، وسيمرر في الكنيست الميزانية للعام 21، تفادياً لسقوط الحكومة، وسيحرص نتانياهو على ترتيب أوراقه لمرحلة ما بعد وجوده رئيساً للوزراء.
وعلى النقيض من أمنيات نتانياهو، ينتظر السيد عباس نتائج الانتخابات الأمريكية بفارغ الصبر، ولكنه يتمنى زوال إدارة ترامب بأسرع وقت ممكن، فهذه الإدارة الأمريكية قاطعت السلطة الفلسطينية، وفرضت عليها العقوبات، ومررت من تحت أنفها صفقة القرن، بما في ذلك ضم القدس، وتشجيع الاستيطان، ولا أمل للسيد عباس بتحقيق أي انجاز إذا فاز ترامب بفترة رئاسية ثانية، لذلك فنتائج الانتخابات الأمريكية ستقرر موعد الانتخابات التشريعية، فإذا فاز ترامب، فإن المرسوم الرئاسي بإجراء الانتخابات سيصدر في غضون أيام، أما إذا فشل ترامب، وفاز منافسة الديمقراطي، فأزعم أن لا مرسوم رئاسي للانتخابات، وسينتظر السيد عباس الإدارة الأمريكية الجديدة، ومواقفها من الصراع، والذي سيكون مغايراً لموقف ترامب، وقد مهد السيد عباس لذلك حين اعلن عن موافقة السلطة على عقد مؤتمر دولي للسلام مع بداية العام القادم، ولم يأت تحديد بداية العام 2021 موعداً للمؤتمر عبثياً، وإنما ضمن حسبة انتخابية أمريكية ينتظر السيد عباس نتائجها بشغف شديد.
انتظار نتانياهو لنتائج الانتخابات الأمريكية مقرون بحراك على الأرض، وتوسع استيطاني، وبسط سيادة، وتمدد دبلوماسي، وتطور اقتصادي، وحضور إسرائيلي على مستوى الإقليم والخارج، انتظار نتانياهو انتظار ديناميكي، وله مردود سياسي سيؤثر على مستقبل المنطقة، وعلى مصير القضية الفلسطينية.
بينما انتظار السيد عباس لنتائج الانتخابات الأمريكية مقرون بالجمود الميداني، رغم حراك المصالحة الذي دخل على خط الانتظار، فلا فعل مقاومة شعبية أو غيرها على الأرض، ولا توسع في الحضور في المحافل الدولية، ولا تأثير لهذا الانتظار على حياة المستوطنين بالسلب والانهيار، انتظار لا يخدم القضية الفلسطينية، ولا يؤسس لمرحلة قادمة.
نتانياهو ينتظر، وفي الأدراج الإسرائيلية الخطط لكل احتمال، وعباس ينتظر، ولا شيء في الدرج إلا الوحدة الوطنية، والشراكة السياسية، والفعل الميداني الصاخب على الأرض، فهل سيتحقق ذلك قبل ظهور نتائج الانتخابات الأمريكية؟
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت