- علي بدوان ... عضو اتحاد الكتاب العرب
بداية كل فصل شتاء من العام الواحد، كانت الوكالة (الأونروا) تقوم بتوزيع البطانيات، ومعها (بقج) الملابس والثياب وحتى الأحذية، على العائلات الفلسطينية اللاجئة في المخيمات والتجمعات الفلسطينية، حيث تكبر أو تصغر تلك البقجة حسب عدد الأنفار في كل عائلة، واستمرت الحالة على المنوال اياه حتى نهاية السبعينيات من القرن الماضي.
توزيع (البقج) وهي ملابس أوربية، جيدة، رغم انها تُصنف وفق مُسميات الــ (البالة)، غالباً ما كانت تأتي من الدولة الأوربية الغربية، كتبرعات عينية للوكالة من اجل توزيعها على لاجئي فلسطين في مناطق عمليات الوكالة الخمس. لكن الطريف في كل ذلك كان في التالي :
أولاً : الملابس والثياب في البقجة عشوائية، بمعنى مُمكن أن يكون في بقجة مُحددة تم منحها لأسرة في مخيم اليرموك (بنطال)، وفي بقجة أخرى تم توزيعها في مخيم سبينة (جاكيت) البنطال ذاته. لذلك كانت العائلات تحاول ان تُكمل الملابس، خاصة (الطقم) بين مختلف البقج بالسؤال بين العائلات.
ثانياً : اذكر في واحدة من البقج التي استلمناها أن كان من موجوداتها (افرول) ممتاز، وبحالة جيدة جدا، لكن (طاقيته) غي موجودة، فأضطررت (ولم يكن عمري قد تجاوز ثمانية سنوات) أن اسعى بين بقج العائلات عسى أن أجد (الطاقية) وبالفعل وجدتها في بقجة استلمتها عائلة من عائلات اليرموك.
ثانياً : كانت مختلف الملابس والثياب جيدة، ومن الماركات العالمية، حيث لعبت دوراً هاماً في توفير الكسوة للعائلات الفلسطينية.
ثالثاً : أما أصحاب الحالات الميسورة فكانوا على حالتين : حالة تتبرع بالبقجة التي تأتي كنصيب لها للمحتاجين. وحالة تعمل على بيعها لمحلات (البالة).
البقجة، ستبقى جزء من ذاكرة النكبة واللجوء، خاصة عند الأجيال الثلاثة الأولى من اجيال مابعد النكبة، لكنها في دلالاتها القطعية، تؤشر على ضنك الحياة التي عاشها شعبنا اللاجىء الفلسطيني في الوطن والشتات، خاصة في قطاع غزة ولبنان وسوريا ... وعلى أرادة التحدي التي جعلت منه ينتقل الى مستويات جيدة من الحضور والإرتقاء المهني والعلمي ...
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت