يعتقد بعض الناس خطأً بأن الصينيين لا يحبون تناول الحلويات والسكريات، بيد أن عمر خليل، وهو تاجر سوري يعيش في الصين منذ سنوات طويلة، يرى أن الأمر ليس كذلك أبداً، كما أنه لاحظ أوجه تشابه بين الحلويات السورية والصينية.
وقال خليل خلال مقابلة صحفية مع مراسل وكالة أنباء شينخوا: "وجدت أن الناس هنا يحبون الأطعمة اللذيذة التي يكون لها طابع خاص، وليس مجرد استخدام السكر، حيث يفضلون المنتجات التي تتميز بالجودة العالية جداً."
جاء خليل لأول مرة إلى الصين في عام 2009، بحكم عمله في المجال التجاري، ثم ما لبث أن عاد للاستقرار هنا في عام 2011، وتأسيس شركة تجارية لتوسيع حجم ونطاق أعماله وعلاقاته.
بعدها، برزت فكرة مشروع الحلويات، التي قال خليل عنها: "إن فكرة مشروع الحلويات، هي جزء من فكرة أكبر دائماً ما أفكر بها، لمشاركة الناس الطيبة والمحبة اللتين يبادلوني إياهما، لذلك أحببت أن أقدم شيئا جيدا لهذا البلد العريق، الذي قدم الكثير لي وفتح لي آفاقاً واسعة للتجارة، وتعزيز علاقات التبادل والصداقة مع شعبه الطيب والمضياف والكريم."
وأضاف أن للحلويات السورية شهرة عالمية كبيرة، حيث بدأت صناعة الحلويات في سورية منذ قديم الزمان وتطورت على مر السنين، وصُدرت منتجاتها إلى أوروبا وغيرها من دول العالم، مُردفاً: "لكني لم ألحظ حضوراً مميزاً لهذه الحلويات في الصين، ما دفعنا لتطوير المشروع".
ولكن المشكلة التي برزت في الوقت نفسه تمثلت بـ: كيفية اختيار منتج يتناسب والذوق الصيني؟
ومع مرور الوقت، لاحظ خليل اهتمام الصينيين الكبير بجودة وذوق وتميز المنتج، ما فرض ضرورة الحرص على العمل باحترافية وجودة لضمان الدخول إلى أضخم وأكبر سوق في العالم.
وقال خليل إن هناك تشابهاً بين الحلويات السورية والحلويات الصينية، مضيفا أن الحلويات في سورية تعتبر شيئاً أساسياً في بعض المناسبات، تماما كما هو الحال في الصين خلال الأعياد والمناسبات، كما أنها ثقافة روتينية عند الناس بتناول بعض الأصناف الأخرى، حيث لا يكاد بيت في سورية يخلو من الحلويات، باعتبارها مكملا وعنصرا أساسيا للأعياد وإضفاء البهجة والفرح.
ويجري ذات الأمر في الصين تقريباً، ولا سيما في عيد منتصف الخريف المعروف باسم عيد القمر وعيد الربيع، أكبر عيد تقليدي في البلاد، وغيرها، حيث دائماً ما تحضر الحلويات المختلفة والمتنوعة في هذه المناسبات، كما أن لكل منطقة ومقاطعة في الصين حلوياتها الخاصة وذوقها وخصائصها الفريدة.
حازم حيدر يقوم بإعداد الحلويات السورية في مدينة ييوو بمقاطعة تشجيانغ شرقي الصين. (شينخوا)
وعلى ضوء ذلك، طرح خليل فكرة إنشاء مصنع للحلويات السورية في الصين على صديقه حازم حيدر، الذي يملك مصنعاً للحلويات في سورية.
وبدوره، رحب حيدر بفكرة فتح مشروع في بلد آخر باعتبارها طموحاً لأي شخص يسعى لتحقيق حياة أفضل وأوسع أفقاً وأكثر نجاحاً، فبدأ مشروع الحلويات السورية في الصين مع خليل منذ عام 2014.
ويحاول خليل وحيدر أن يصلا الى أكبر شريحة من الناس، كي تصل منتجاتهما إلى العديد من المناطق. ولذلك، يعملان على تطوير منتجات خاصة بالصين.
وقال خليل إن المستهلك الصيني يهتم كثيراً بمعايير الجودة والصحة، ويركز على أن يكون الجسم سليماً وقوياً، ولذلك، فإنه يحرص على أن يوفر مصنعه الذي يعتبر الوحيد للحلويات السورية في مدينة ييوو بمقاطعة تشجيانغ بشرقي الصين، يوفر أصنافاً مخصصة قليلة السكر.
وتابع خليل: "بدأنا العمل حالياً على إنتاج معجنات مثل كعك القمر، لكن بمكونات مختلفة، حيث تحتوي على التمر والجوز، والزعفران الذي استوردناه من إيران وأدخلناه كمنتج صحي، وهذا يجب أن يكون متناسبا مع صحة الجسم."
وأشار الى أن منتجاتهم تُباع الى عدة مدن صينية خارج ييوو بفضل التجارة الالكترونية والخدمات اللوجستية السريعة في الصين.
حازم حيدر يقوم بإعداد الحلويات السورية في مدينة ييوو بمقاطعة تشجيانغ شرقي الصين. (شينخوا)
ولعل أكثر ما يُسعد خليل هو حب وإقبال الزبائن الصينيين على منتجات معمله، حيث قال: "الذي جعلني مسرورا هو قبول الناس للطعم الذي قدمناه لهم، حيث يمتاز بالجودة العالية وتناسبه مع أذواق الصينيين. نحن نحاول أن نصل إلى أكبر شريحة من الناس كي يتذوقوا منتجاتنا، ولن أدخر جهداً للقيام بما يلزم ليتذوق الجميع حلوياتنا، لأن التعليقات الإيجابية تسعدني وتدفعني للتطور أكثر".
وتابع: "لدينا صنف حلويات اسمه عش الطائر، الكثير من الناس يحبونه لأن له خصوصية رمزية نظرا لاستاد "عش الطائر" في بكين. ما زلنا في البداية، نريد أن نحقق النجاح، ونواصل التطوير، وذلك سيكون من خلال تشجيع الناس."■