- المحامي علي ابوحبله
وجه السفير السابق للسعودية في واشنطن والرئيس السابق للاستخبارات السعودية الأمير بندر بن سلطان انتقادات حادة للسلطة الفلسطينية بسبب موقفها الرافض لاتفاقي التطبيع بين الإمارات والبحرين من جهة وإسرائيل من جهة أخرى.
وتعليقا على تصريحات المسئولين الفلسطيني بشأن الاتفاقين قال بندر "ما سمعته مؤلم" مضيفا "قضية فلسطين قضية عادلة ولكن محاميها فاشلون والقضية الإسرائيلية قضية غير عادلة ولكن محاميها ناجحون" وقد انتقد الرئيس السابق للاستخبارات السعودية وسفير المملكة السابق لدى الولايات المتحدة الأمير بندر بن سلطان بن عبد العزيز القيادة الفلسطينية بسبب رفضها قرار دولتين خليجيتين التطبيع مع إسرائيل.
جاءت انتقادات الأمير بندر بن سلطان في مقابلة مع قناة العربية المملوكة للسعودية جرى بثها الاثنين، وصف الأمير بندر، أمين مجلس الأمن الوطني السعودي السابق، انتقادات السلطات الفلسطينية للاتفاق بأنه "تجرؤ بالكلام الهجين" مضيفا أنه غير مقبول. وقال في الجزء الأول من المقابلة التي تتألف من ثلاثة أجزاء: "قضية فلسطين قضية عادلة، ولكن محاميها فاشلون، والقضية الإسرائيلية قضية غير عادلة لكن محاميها ناجحون.
هكذا يختصر الأحداث التي مضى عليها ما يقارب خمس وسبعين عاما ". وأضاف الأمير بندر "كذلك فيه شيء يربط القيادات الفلسطينية التاريخية إنهم دائما يراهنون على الطرف الخسران.. وهذا له ثمن". قال الكاتب الإسرائيلي جاكي خوجي إن "السعودية ليست في عجلة من أمرها للانضمام إلى عربة التطبيع، وتذويب العلاقات مع "إسرائيل"، وهي تعرف السبب، لأنه بالنسبة للدولة العربية التي وضعت أساس "المبادرة العربية"، من الصعب الدخول في تحالف مع اليهود، على الأقل حاليا". وأضاف خوجي محرر الشؤون العربية في الإذاعة العسكرية الإسرائيلية، في مقاله بصحيفة معاريف، أن "موكب الدول العربية التي تعمل على إذابة العلاقات مع (إسرائيل) يطرح سؤالا: لماذا لا تبدو السعودية في عجلة من أمرها للتطبيع، مع أنها رأس السهم في مثلث يضم الإمارات والبحرين، وتم الاتفاق على إقامتهما لعلاقات مع "إسرائيل" بالتشاور الوثيق مع السعودية، وموافقتها، ورحبت العائلة المالكة بصمت بهذا التقارب، لكنها ليست مستعجلة بالانضمام للعربة".
يعتقد خبراء ودبلوماسيون أن المملكة بدأت في تغيير خطابها العام تجاه "إسرائيل"، رغم أنه من غير المتوقع أن تحذو السعودية حذو حلفائها الخليجيين في وقت قريب ، غير ان خوجي له راي اخر اذ أوضح، أن "التسوية بين حكومة نتنياهو وأهم نظام عربي في الخليج (الفارسي) سيخلط الأوراق بميزان القوى في المنطقة، لأنه سيشكل ختم موافقة عربية وإسلامية على حق (إسرائيل) في الوجود، وسيوجه ضربة قاضية إلى حلم الدولة الفلسطينية داخل حدود 1967، لذلك، ولأسباب أخرى، ستكون مفاجأة كبيرة إذا قال السعوديون نعم، لأنها في هذه الحالة تحتاج المملكة لإدارة ظهرها لمبادرتها".
وأوضح مؤكدا أنه "فيما كسرت الإمارات والبحرين قاعدة "الأرض مقابل التسوية"، حين ذهبتا نحو "السلام مقابل السلام"، فإن السعودية كي تسير بهذا المسار، عليها أن تكسر أغلال المبادرة التي أصدرتها بنفسها، ومثل هذه الخطوة ستنظر في الشارع العربي كانعطاف مؤسف، وتخلي عن الأقصى والفلسطينيين، رغم افتخار الملك السعودي بلقب "خادم الحرمين"، فكيف سيتخلى عن القدس، ذات المرتبة الثالثة بقداستها" بمعنى ان المملكة علقت في حبال نفاق سياسي قد يطول أمده نوعا ما حتى تتقطع الحبال تدريجيا.
جاء في مقال بعنوان (الدور التطبيعي لال سعود) تواصل السفير السعودي الأسبق في واشنطن بندر بن سلطان مع يهود أميركا، وفتح العلاقة أكثر بداية التسعينيات مع قدوم وفد يهودي بمعية بندر إلى الرياض للقاء الملك فهد ضم في صفوفه أعضاءً في حزب الليكود الصهيوني (يذكر كاهانوف في كتابه قصة الزيارة بعجالة). في 28 حزيران الماضي نشر موقع «تايمز أوف إسرائيل» مقالاً لدوغلاس بلومفيلد، المستشار القانوني الأسبق لمنظمة AIPAC الصهيونية، حمل عنوان «الصفقات العسكرية الإسرائيلية السعودية السرية»، حيث يربط بلومفيلد بين صفقات السلاح التي أعلنها ترامب خلال زيارته الأخيرة للسعودية واستفادة تل أبيب المرجّحة من عملية تصنيع السلاح السعودي، التي بحسب ما يؤكده تعود إلى عقود مضت.
عام 1981 كان الكونغرس الأميركي يناقش الموافقة على صفقة بيع 5 طائرات «أواكس» للسعودية، بالإضافة إلى تجهيزات تطويرية لطائرات «أف 15» كانت قد اشترتها الرياض قبل عام من الأميركيين. يقول بلومفيلد إن سفير تل أبيب في واشنطن آنذاك أفراييم أفرون ضغط سرّاً على أعضاء في الكونغرس لإقرار الصفقة، رغم إعلان رئيس حكومة مناحيم بيغن أنه يعارض بيع السعودية أسلحة أميركية متطورة. يضيف بلومفيلد أنه خلال زيارته في خريف 1981 لـ«شركة الصناعات الجوية الإسرائيلية» الملاصقة لمطار «بن غوريون» شاهد ما أدهشه. يؤكّد أنه شاهد عمليات تصنيع خزانات وقود إضافية لطائرات «اف 15» عليها شعار «القوات الجوية الملكية السعودية»، كانت معدّة للشحن إلى عنوان في «تالسا، أوكلاهوما» في الولايات المتحدة الأميركية. يقول الكاتب ساخراً: «بينما كنا نقول للكونغرس الأميركي إن بيعكم هذا السلاح للسعوديين يهدد أمن "إسرائيل"، كان الإسرائيليون بأنفسهم يصنّعون ذلك السلاح ليبيعوه لنفس العدو السعودي!»
.يتابع بلومفيلد قائلاً إن شركة «ماكدونال دوغلاس» لزّمت عملية تصنيع تلك الخزانات لـ«شركة الصناعات الجوية الإسرائيلية»، بالإضافة إلى المزيد من أنظمة التشغيل الخاصة بالطائرات السعودية ولا تزال تفعل ذلك حتى اليوم بعلم السعوديين ورضاهم، بحسب ما أكده له مدير سابق في الشركة الإسرائيلية المذكورة أعلاه.
يعتبر المستشار السياسي للعاهل السعودي الامير بندر بن سلطان احد اهم المفاتيح الدبلوماسية السعودية في الشرق الاوسط ولعب دورا بارزا في انجاز اتفاق مكه بين فتح وحماس وهو من عمل على تهدئة الصراع الداخلي اللبناني وحاول التوسط بين ايران والولايات المتحدة .
بهذه المقدمة استهلت صحيفة هآرتس تعريفها بالامير السعودي الذي وصفته بقناة الاتصال الإسرائيلية الشرق أوسطية . ولم يغفل الاسرائيليون دور الامير بندر وتأثيره الكبير وحاولوا استغلاله الى اقصى حد حيث خرج الوزير شاحاك برفقة وزير الخارجية شلومو بن عامي من كامب ديفيد في طريقهم الى لوس انجلوس لمقابلة الامير بندر في محاولة لتليين الموقف الفلسطيني الا ان اندلاع الانتفاضة فيما بعد وارتفاع وتيرة العنف في المناطق الفلسطينية قد حوّل الامير بندر الى لوبي يعمل لمصلحة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات وحاول ترتيب لقاء يجمعه مع الرئيس بوش الاب وكادت المحاولة ان تنجح قبل ان تفاجئ احداث الحادي عشر من سيبتمبر الجميع وتضع عرفات من وجه نظر الامريكيين في صفوف السيئين .
ولم تخل مسيرة الامير بندر من انتقادات حادة وجهها لساسة الاسرائيليين حين وصف بنيامين نتنياهو بالفاشل سياسيا والمتطرف والمسؤول عن التحريض الذي سبق مقتل رابين الذي وصفه بالشجاع كما ووصف حكومة شارون بالحكومة المتعصبة داعيا الاسرائيليين الى تبني المبادرة السعودية بدلا عن العنف والدمار .
واعلن السعوديون نهاية عام 2005 انتهاء مهمة الامير بندر كسفير للمملكة في واشنطن واعادته الى المملكة ليشغل منصب رئيس مجلس الأمن القومي السعودي في حين عين والده سلطان وليا للعهد بعد وفاة الملك فهد وتولي عبدالله مقاليد الحكم . وبعد أشهر من عودته إلى الرياض اختفى بندر عن صفحات الصحف وعناوين الاخبار الغربية ليعود قبل اسابيع الى واجهة الأحداث الاقليمية ومركزها حيث كتبت صحيفة الواشنطن بوست تقول ان الامير بندر يسعى فيما يبدو الى بلورة خطة للجم المشروع النووي الايراني وفتح حوار استراتيجي بين طهران وواشنطن .
ولعب الأمير بندر دورا مركزيا وحاسما في بلورة مبادرة السلام السعودية التي عرضت على مؤتمر القمة العربية في بيروت عام 2002 واخيرا وليس اخرا الدور المركزي الذي لعبه الامير بندر في التقريب بين حماس وفتح وما تلاه من اتفاق بين الفصيلين الرئيسيين على الساحه الفلسطينية . وحقيقة الدور الذي لعبه بندر بن سلطان في تاريخ الصراع الفلسطيني الاسرائيلي وتصريحاته ضد الفلسطينيين كان الاجدى به محاسبة نفسه قبل ان يطلق العنان لتصريحاته ، لان من حق الفلسطينيين رفض اتفاقات التطبيع التي تؤدي إلى إضعاف الموقف العربي القائم منذ أمد بعيد، فيما يتعلق المبادرة العربية التي تدعو إلى الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي المحتلة، وقبول قيام الدولة الفلسطينية مقابل علاقات طبيعية مع الدول العربية.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت