أزمات ومشاكل مزمنة

بقلم: رامي الغف

رامي الغف
  • بقلم / رامي الغف*

الأيام تمر على فلسطين وابناء شعبها مثقلين بالهموم والأزمات والمشاكل ويتمنون ان يتغير واقع حالهم وإن كان اليأس آخذ يدب في اوصالهم وافكارهم وحتى داخل عقولهم ووصل بهم الى مرحلة فقدان الامل بالتغيير والإصلاح والتقويم، ومع يعيشونه من ضعف واضح في جوانب الحياة عموما، والتي هي في تماس كامل بهم الا ان البعض من فئات الشعب لا زالت تأمل وتنتظر ظهور المنقذ الذي يمكنه ان يحقق التغيير الذي يأملونه لحل المشاكل المتراكمة، وخاصه مع ظهور من عيوب في الاداء الحكومي وحالة التشهير والتنكيل بين الساسة والتي أوصلت الشعب الى حالة فقدان الامل بمن موجود في القمة الحكومية في حل جبل الهموم والمشاكل التي يعاني منها المواطن البسيط والذي ما زال يحذوه الامل بمجيء من يأتي ليخدمه ويحل تلك المشاكل المتراكمة وليس من اجل مجيء من يتمتع بالخيرات والمميزات وينسى الذي اوصله الى ما هو فيه من خير، بل على العكس اليوم الشارع بدء ينتقد الحالة التي يعيشها ساسة وقادة هذه المرحلة وحالة التشهير التي يتعاملون بها فيما بينهم وبدء ينظر الى الاسلوب الذي يتعاملون به وكيف ان هذا الاسلوب يدلل على عدم النضوج السياسي, ولذا وصل الحال بهذا الشعب الى البحث ومن الان عن من يمكنه حل مشاكله واخراجه من جبل المشاكل التي يعيشها ويعاني منها في هذا الزمن المرير.
رغم مرور اكثر من عشر سنوات على آخر انتخابات حصلت ونجح من نجح، إذن اين دور القيادات التي تحملت وتصدت للمسؤولية وصارت مسؤولة امام الشعب عن النهوض بالواقع الفلسطيني نحو الافضل واذا اردنا ان نحمل المسؤولية عن هذا الاخفاق فمن يكون الملام الحكومة ام الفصال والأحزاب، ايً كان الامر فالكل مسؤول عن استمرار الوضع المتردي الحالي ويجب معالجته وفق متغيرات واقع الحال والاسراع في تبني قوانين وتشريعات جديدة سواء كانت دستورية او قانونية بما يخدم الصالح العام ويواكب احتياجات ومتطلبات الشعب المتضرر من بعض التشريعات والقوانين القديمة وتطبيقاتها التي يجب ان تكون منتهية الصلاحية.
 يعاني الشعب مجموعة من الازمات التي ضيقت عليه تعاملاته واصبحت متراكمة وكثيرة والمسؤولين عن ايجاد الحلول والبدائل لم يبدو لحد الان تجاوبا حقيقيا او وضع اللبنات الاولى ليشعر المواطن بالحالة الجديدة وتثار مجموعة من التساؤلات لدى الشارع، ما اسباب هذا الاخفاق ؟ وما هي دواعي التأخير؟ ومن يتحمل المسؤولية ؟ واذا حدد المسؤول هل ستتخذ أي اجراءات ضده؟ وكثيرة علامات الاستفهام المطروحة ولكن تبقى بدون جواب وحتى لو كان هناك جواب فيكون غير مقنع كما وان عملية تسويف الامور اصبحت حالة اعتيادية تمتاز بها الحكومة والمؤسسات باختلاف تخصصاتها، فمتى نبدأ العمل الجاد ومتى نخطو اولى خطواتنا نحو النهوض بالواقع المرير، فعلى الجميع ان يأخذ دوره في تقديم واقتراح القوانين الجديدة التي تصب في مصلحة المواطن المحروم، فالشعب يراقب وينتظر ولقد أدى واجباته وبقى على الأخرون ان يؤدوا واجباتهم.
 على الحكومة ومؤسساتها وهيئاتها إدراك أهمية المرحلة القادمة وضرورة الوفاء باستحقاقاتها وإدراك حقيقة استثنائية الظرف وحجم التحديات، وبالتالي وجوب العمل بوتيرة عالية وبجهود غير عادية، ووفق آليات جديدة وبرامج عصرية وخطط علمية واضحة تتخطى الأنماط الإدارية القديمة وكافة أشكال السلوكيات السلبية والتجاوزات الخاطئة التي أضرت في السابق بمسارات البناء الوطني، وضاعفت من خطورة الاختلالات، وحجم التحديات وأعباء السلطة المتراكمة، وزادت من معاناة المواطن المثقل كاهله بمشقات مصاعب توفير أسباب العيش الكريم، والمجهد إلى حد الألم والإحباط بآثار الانقسام وتدني مستوى الخدمات الأساسية والضرورية، وبعيدا عن كل ذلك يعاني المواطن من قصور خدمي واضح فشلت أغلبية الحكومات السابقة في تحقيق ما كان يتمناه المواطن منها في رؤية حكومة إعمار وتنمية وخدمات تعمل على انجاز الملفات الخدمية والتأهيلية والعمرانية بمختلف عناوينها من الماء والكهرباء والسكن وغيرها ووضع حد لحالات الفساد الخطير والتي تنتشر كالسرطان في جسد المؤسسات الفلسطينية وتتسبب بإهدار المال العام وتقويض أحلام المواطنين في رؤية مستقبل مشرق أمامهم.
إن المواطن اليوم بحاجة إلى وعي كافي وتبحر فيما أوصل الحال في فلسطين لهذا الحال وما اللعب على الأوتار القديمة أو تغيير الوجوه والعمل بنفس الأساليب ألا أوراق محترقة، فإن أهم ما يجب فعله هو الصحوة الحقيقية للمواطن على ما يجري في فلسطين من معاناة وأهات ثم البحث عن المشاريع السياسية التي باستطاعتها بناء دولة المؤسسات القادرة على تقديم كل ما يحتاجه المواطن ليشعر المواطن نفسه بأنه في دولة المواطن وليس في دولة المسؤول لذا على من يشعر بهذه المسؤولية أن يرسم المسارات الصحيحة للتغير من اجل المواطن، وأن يقود المواطن نحو بنان دولة المواطن والتي تكون فيها المؤسسات بخدمة المواطن لا أن يصبح المواطن خادم في تلك المؤسسات التي تصب في مصلحة المسؤول والذي لا يحتاج المواطن إلا في ساعات الانتخاب وليس في أوقات التغيير والمطالبة بالحقوق. هذا ما يجب الشعور به والعمل عليه من قبل الساسة والقادة وأصحاب القرار في فلسطين وعليهم كذلك التخلي عن كل ما يمكن ان يعكر صفو العملية السياسية وجعل المصلحة العامة وخدمة المواطن الهدف الاول في مسيرة قيادة الوطن، فالوصول الى السلطة لا يعني التخلي والتجرد من الاحساس بهموم المواطن البسيط لأنه السبب الأساس والحقيقي وراء الوصول الى مكان السلطة ولو الاصوات الانتخابية لما كان وصل من وصل الى قيادة الجماهير، ومن المفروض ان يكون الهم الحقيقي للمسؤول هو خدمة الشعب وتحقيق احلامه في الاستقرار وتوفر الخدمات التي لا زال يأمل ويتمنى ان يراها على ارض الواقع وهو حق مشروع له ولا يوازي ما قدمه من تضحيات خلال السنوات القليلة الماضية.
 إن قيادة الوطن الفلسطيني مسؤولية كبيرة ويتحتم على القائم على هذا العمل ان يتحلى بمزيد من الصبر وان يستعين باهل الحكمة و الشركاء في مجال السياسة لأنه في ذلك السبيل الوحيد للوصول بفلسطين واهلها الى بر الامان والاستقرار الذي اصبح شعب فلسطين يبحث عنه كما يبحث عن الكثير من القضايا الخدمية التي كان يأمل النفس بتحقيقها بعد التغيير السياسي الذي حصل في فلسطين، ولكن ومع اشتداد الازمة الداخلية التي حصلت في الاعوام القلية الماضية وما شهده الوطن من احداث ظل الشعب على امل التحقيق وبعد عودة الاستقرار الامني النسبي وهو اليوم قد تحقق ولكن لازال مستوى الخدمات والامان ليس دون مستوى الطموح الذي يريده الشعب، وتبقى المسؤولية الاكبر في قيادة فلسطين وتحقيق احلام الشعب الذي يتمناها ويستحقها ويكفي ما مرت بها فلسطين واهلها من تراجع في مستوى الخدمات وتدهور امني ولتتكاتف الايدي والنوايا ولتتوحد الجهود في خدمته وشعبه وهذه المسؤولية الوطنية يبقى القائم مسؤولا عنها امام الله وامام الشعب.
لقد توالت الأزمات في فلسطين من أزمة إلى أزمة فكل شيء هنا قابل ان يتحول الى ازمة ليست داخلية فقط بل شيء مؤكد ستتحول الى شأن خارجي وكذلك دولي وكل مكون في الوطن يستعين بدول تتناغم معه ويطلب العطف منها في العلن والمعونة في السر! لقد لاحظ المراقبون ان في فلسطين السياسيون يعتاشون على الازمات بل يتفننون بخلقها بل ذهبوا الى اكثر من ذلك بمجرد ما ان تظهر ازمة على وسائل الاعلام الفلسطينية وهي كثيرة بحمد الله وشكره نشاهد الساسة يتهافتون على الفضائيات لصب الزيت على النار وكأن الامر مغنمه مع الاسف. ما نريد قوله ان الشعب المغلوب على امره قد تيقن من عدة اشياء اولها عندما يريد السياسي ان خلط الاوراق على مستوى الدولة فلسبب معين وهو ان يجعل الشارع يتكلم بالأزمة وينسى الخدمات وهو ما يعتمد عليه بعض الساسة الفاشلين على مستوى الخدمات وناجحين على مستوى الازمات، فليعلم العالم عندنا السياسي وعندنا السياسية هي فن خلق الازمات وفن التلكؤ في تقديم الخدمات.
نجد ان الوضع الفلسطيني يعيش ازمات متراكمة فمن ازمة الانقسام وما تلاها من حصار واغلاق وبطالة وغلاء في الأسعار الى ازمة الكهرباء الى غيرها من الازمات الى لم نجد لها حل بل اصبحت ازمات مزمنة، فالجلوس الى طاولة الحل والاسراع بتقديم المبادرات الكفيلة بتحقيق الرفاهية للمواطن من البديهيات التي على السياسيين العمل عليها اذا ارادوا التخلص من سطوة الاجندة الخارجية عليهم. أخر الكلام: لا تُصلَح أحوال الجماهير بفسادٍ أبدا، كما لا يُصلحها فاسد أبدا، ولا يُصلح الأحوال إلا الصلاح، ولا يصلحها إلا مصلح حقيقي يخشى الله في الجماهير وفي حقوقهم ومطالبهم.
*إعلامي وباحث سياسي

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت