-
اشرف صالح
إن جهاز المخابرات العامة هو أهم جهاز في الدولة , وهو عادتاً يتبع لرئيس الدولة بشكل مباشر وبموجب التسلسل الإداري , ولديه كل الصلاحيات والتخصصات في نطاق عمل السلطة التنفيذية , وأن المهام الموكلة له واسعة النطاق , فهو مسؤول عن الأمن القومي سواء داخل الدولة أو خارجها , فجهاز المخابرات يجمع بين كل المهام التي تقوم بها جميع أجهزة الدولة سواء عسكرية أو سياسية أو أمنية , ويوجد به دوائر وأقسام ووحدات كثيرة ومتعددة , ومن أهم هذه الدوائر أو الوحدات هي وحدة تجنيد العملاء "فخ الجواسيس" وعادة يكون الضباط المسؤولون في هذه الوحدة مختصون في علم النفس وعلم الإجتماع , لأن ضابط المخابرات يسعى دائماً أن يوصل العميل لدرجة القناعة في العمل معه , وذلك كي تكون معلومات العميل صحيحة ودقيقة , ومن هنا فإن مهمة إقناع العميل بالتجسس عن قناعة تعتبر مهمة صعبة , لأنها وبكل صراحة تستند على طبيعة المكان والدولة التي يعيش فيها العميل..
يعتمد جهاز المخابرات الإسرائيلية "الموساد" على وجه الخصوص في تجنيد بعض الفلسطينيين كعملاء على شيئين أساسيين , وهما أولاً : الإحتكاك المباشر للفلسطينيين مع الإحتلال , من خلال المعابر والحواجز وتصاريح التجارة والعمل والعلاج والزيارات والتنسيقات...إلخ , وهذا ما يسهل على الإحتلال مهمة تجنيد العملاء مستغلاً حاجة الناس للعمل والعلاج , وخاصة أن الإحتلال في هذه الحالات يتعامل مع الناس بشكل مباشر , وحينها يستفرد بهما مستخدماً أدوات المساومة والإبتزاز والتهديد والإغراء بالمال... إلخ , ومن بعض الأساليب أيضاً وهي في صميم إختصاص علم النفس , هي أن يثبت ضابط المخابرات لمن يجلس أمامه أنه يعلم عنه كل شيئ , حتى في أدق التفاصيل , وهذه الطريقة تعتمد على أن ضابط المخابرات يمتلك بعض المعلومات الخاصة عن حياة العميل , ومن ثم يقولها للعميل بشكل ذكي ويوحي له أن المخابرات تعرف كل شيئ ولا يخفى عليها أي شيئ , وحينها يستسلم العميل بأن حياته الخاصة أصبحت ملك للمخابرات ولا مفر من التعامل معهم..
أما الشيئ الثاني والأهم والذي تعتمد عليه المخابرات في تجنيد العملاء , هو المناخ الذي يعيش فيه العميل قبل تجنيده , فأحيانا وللأسف نجد أن بعض العملاء الفلسطينيين يعملون مع الإحتلال عن قناعة أو بدافع الإنتقام من المجتمع الذي يعيشون فيه أو النظام الذي يحكمه , وهذا بالطبع يعود الى الظلم والفساد والإستهتار والتميز والأخطاء القاتلة في تاريخ القضية الفلسطينية والذي كان سببها بعض الأشخاص الفاسدين سواء في العمل الحكومي أو في العمل التنظيمي , وبناء على هذا الفساد أصبحت الثقة شبه معدومة بين الحكومات والتنظيمات وبين المواطنين , حتى وصل الأمر الى أن الظواهر القبلية بدأت تستخدم في الإنتقام , فكثير من أبناء العملاء حين يكبرون يقومون بقتل من قتل أبيهم بسبب العمالة وبقرار تنظيمي , وهذا يعني أن إبن العميل غير مقتنع بنزاهة التنظيم أو الحكومة الذي أصدرا قراراً بقتل أبيه , وهناك قصص كثيرة في ملفات العملاء تؤكد أن الكثير من العملاء وللأسف تعاملوا مع الإحتلال عن قناعة , أو بهدف الإنتقام من المناخ أو النظام الذي يعيشون فيه , وهذا بالطبع وكما ذكرت أعلاه يعتبر ركيزة مهمه وأساسية تعتمد عليها مخابرات الإحتلال لتجنيد العملاء الفلسطينيين..
ملاحظة : العمالة هي خيانة للوطن وليس لها مبرر على الإطلاق , ووجود بعض الفاسدين في الأحزاب السياسية وفصائل المقاومة ومؤسسات الدولة لا تعطي مبرراً للعمالة مهما كانت درجة الفساد أو الأخطاء , وما كتبته في مقالي لا يعطي مبرر للعملاء , ولكن يذكر ويوضح الدوافع والأدوات التي يسقط المواطنين من خلالها في فخ الجاسيس..
كاتب صحفي
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت