- بقلم : جبريل عوده *
تقليص المساعدات الغذائية المقدمة للاجئين الفلسطينيين من وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينين " أونروا " , يعتبر قرار مجحف وظالم في ظل زيادة معدلات الفقر في أوساط اللاجئين في قطاع غزة , ويفرض مزيداً من الضغط المعيشي والأعباء الحياتية على اللاجئين الذي يعيشون في ظل حصار صهيوني جائر , فهم يعيشون في سجن كبير تنعدم فيه فرص العمل وحرية التنقل , وأي قرار يستهدف لقمة العيش الشحيحة , بمثابة إعلان حرب أو قرار إعدام لكل الأسر والعوائل الفلسطينية .
ما يطلق عليه قرار توحيد المساعدات الغذائية المعروفة بإسم " الكابونة" , يعمق الأزمة المعيشية في قطاع غزة , علماً بأن " الكابونة" تصرف كل ثلاثة أشهر ولا تلبي الإحتياجات الأساسية للأسرة خلال الثلاثة أشهر , حيث يتم إستهلاك مكونات "الكابونة" قبل أشهر من موعد المساعدة التالية , ويأتي قرار "أونروا" المجحف وقطاع غزة يعيش في حالة مواجهة وباء " كورونا" , وما يصاحب ذلك من إغلاق كافة مناحي الحياة اليومية , مما أنتج وضعاً طارئاً تسبب في زيادة معدلات البطالة , وتوقف أصحاب الدخل المحدود والأعمال اليومية عن أعمالهم , وبالتالي أصبحوا في حاجة لتلقي المساعدات الطارئة والعاجلة , هذا الوضع الإنساني يكشف لنا عن حالة تقاعس كبيرة لوكالة "أونروا" وتخلفها عن القيام بدورها الإغاثي للاجئين في قطاع غزة والذي يرزح تحت وطأة جائحة "كورونا" , ولعل الأونروا قد إستغلت وباء "كورونا" لتقوم بتقليص "الكابونة" وحذفت منها كثير من الأصناف الغذائية الضرورية " رز , عدس , حمص , وسردين " , بل وأدارت عملية توزيع " الكابونة" بشكل بطئ جداً , وكان بالإمكان العمل بشكل أسرع تلبية لحاجات الفقراء والمحتاجين من الأسر الفلسطينية في قطاع غزة ,في الوقت الذي توقع اللاجئين الفلسطينيين زيادة مساعدات أونروا "الغذائية والصحية " في ظل تصاعد جائحة " كورونا" في قطاع غزة وتزايد حالات الإصابات بالفيروس.
الحجج التي ساقتها " أونروا" للعمل بما يسمى بقرار توحيد "الكابونة" ومن ضمنها أن هناك عائلات سافرت خارج قطاع غزة وآخرين توفوا , مردودة على "الأنروا" التي تقوم عبر طواقمها بالتدقيق الدوري على المستفيدين وتقييم أحوالهم المعيشية بشكل دقيق ومعقد عبر البحث الميداني وزيارة منازل المستفيدين والإطلاع على أحوالهم المعيشية بشكل مباشر , كما أن عملية توزيع وإستلام " الكابونة " ذات طابع شخصي فلا يمكن لأي شخص أن يحصل على " كابونة" شخص أخر , مهما كانت الظروف والأسباب , حيث يجب حضور المستفيد مع إحضار هويته الشخصية وكرت المؤن والتوقيع ببصمة اليد على إستلام " الكابونة" , أمام هذه الإجراءات المشددة التي يشرف عليها موظفي "أونروا" يسقط الإدعاء الباطل ويفتح التأويل على أسباب خفية قد يكون في طليعتها إستهداف اللاجئين في صمودهم وثباتهم على أراضيهم , ومشاركة فعلية في تمرير "صفقة القرن" عبر شطب قضية اللاجئين وإنهاء ملف وكالة "أونروا" , مما يشكل حرباً وعدواناً على شعبنا وقضيتنا ,ومساهمة في إستمرارية الإحتلال والظلم الواقع على فلسطين وشعبها .
أمام خطورة إجراءات " أونروا" وتخليها عن دورها المسنود إليها أممياً عبر قرارات الأمم المتحدة , التي تنص على أن عمل وكالة "الأنروا" ينتهي بعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم , التي هجروا منها قسراً بفعل الإرهاب الصهيوني , نرى أن محاولات " أونروا" بالتخلي عن مهامها ودورها إتجاه اللاجئين الفلسطينيين , مقدمة لشطب قضية اللاجئين وسلب لحق العودة , وبالتالي إستهداف جوهر القضية الفلسطينية وهذا يتطلب جهدا وطنيا وشعبيا متصاعد وعلى كافة الجبهات في داخل الوطن المحتل والشتات, وتفعيل القضية إعلامياً على المستوى العالمي وإيصال الرسائل إلى كافة الأطراف بخطورة هذا المسعى الخبيث والتواطؤ الآثم مع عرابو "صفقة القرن " الهادفة للقفز على حقوق شعبنا الفلسطيني ,وطمس هويته الوطنية , وإنهاء قضيته العادلة لصالح مشروع الإحتلال الصهيوني , فالغضب الذي ينتاب شعبنا ليس من أجل تقليص " كابونة " بل غضبنا لإنكشاف المؤامرة وأطرافها وأهدافها التدميرية لقضيتنا, فلن يقف شعبنا مكتوف الأيدي أمام إستهداف أحدى قضاياه المقدسة " قضية اللاجئين" وضمان عودتهم وتعويضهم عما أصابهم من ظلم وعدوان, واليوم الذي تنتهي فيه وظيفة "أونروا" وتتوقف أعمالها هو يوم عودة شعبنا إلى دياره في فلسطين , فلن نقبل بتعويض أو توطين فالعودة ليس لها بديل.
كاتب وباحث فلسطيني 12-10-2020
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت