أعلن وزير العدل الفلسطيني محمد شلالدة، يوم الأربعاء، أن القضاء الفلسطيني سيبدأ خلال أيام بالنظر في قضايا تخص انتهاكات قام بها المستوطنون بحق مواطنين فلسطينيين.
وأوضح شلالدة لوكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية، أن وزارة العدل وبالتعاون مع جهات حكومية أخرى ومؤسسات المجتمع المدني ستعمل على تسهيل مهمة الضحايا المنتهكة حقوقهم من قبل المستوطنين، مؤكداً على أنه ووفقا للقانون الأساسي، يحق لأي مواطن تنتهك حقوقه التوجه إلى قاضيه الوطني الفلسطيني.
وبيّن أن العمل جارٍ على جمع الأدلة والإثباتات الجنائية، لرفع أول القضايا لإدانة مستوطنين معروفة أسماؤهم، بارتكاب جرائم وانتهاكات بحق مواطنين في البلدة القديمة بالخليل، وبلدة بورين جنوب نابلس.
وأضاف، "صدر قرار من مجلس الوزراء بتشكيل فريق وطني لمساءلة وملاحقة المستوطنين الذين يرتكبون جرائم بحق الشعب الفلسطيني أمام المحاكم الفلسطينية، وذلك في أعقاب قرار التنصل من الاتفاقيات والتفاهمات الإسرائيلية والأمريكية، الذي أصدره الرئيس محمود عباس".
وبين وزير العدل، أن المحاكم الفلسطينية، ستنظر في استصدار قرارات وأحكام ضد المستوطنين، للمطالبة بالمسؤولية المدنية التقصيرية، والمتعلقة بجبر الضرر والتعويض بالشق المدني، وذلك تكريساً لمفهوم سيادة الدولة على الإقليم المحتل، واستكمالاً لقبول فلسطين كدولة غير عضو في الأمم المتحدة، إضافة لتعزيز مفهوم الولاية القضائية على الإقليم الفلسطيني المحتل.
وشدد على أن الأحكام الصادرة عن القضاء الفلسطيني ستكون في حال عدم تطبيقها واحترامها من قبل سلطات الاحتلال، حجة ودليلاً لتنفيذها أمام الدول التي يحمل المستوطنون جنسياتها، كما أنها ستدعم التوجه للمحكمة الجنائية الدولية، التي تنص على الاختصاص التكميلي، بمعنى أن ضحايا الانتهاكات استنفذوا كافة الإجراءات الوطنية الدستورية، وإحالة تنفيذ الأحكام للجنائية الدولية.
كما ستكون القرارات الصادرة عن القضاء الفلسطيني، بينة وأدلة جنائية، لرفعها أمام أي قضاء جنائي دولي آخر، إذا لم تقم إسرائيل باحترام تطبيق الأحكام.
وبيّن الوزيرشلالدة، أنه "وفقاً للتشريعات الوطنية السائدة في فلسطين، واستناداً لقانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية، هناك نصوص على ملاحقة الأجنبي، وهو ما ينطبق على المستوطن، الذي يقيم ضمن الولاية الإقليمية الفلسطينية على الأرض المحتلة، وبالتالي من حقنا أن نقاضيه، انطلاقاً من أن الاستيطان يعتبر جريمة حرب، يعاقب عليها القانون وفقاً لاتفاقية جنيف الرابعة، واستناداً إلى للنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية".
وسيقوم الضحايا برفع قضايا أمام محاكم البدايات الفلسطينية في مختلف المحافظات، وستجري مخاطبة الجانب الإسرائيلي كدولة محتلة بالمثول أمام القضاء الفلسطيني، وفي حال رفض الطرف الآخر اختصاص المحاكم الفلسطينية، سيتم اتباع الإجراءات الرسمية في المحاكمة العادلة وإصدار أحكام غيابية وفقاً للقوانين والتشريعات الفلسطينية.
وشدد وزير العدل محمد الشلالدة، على أن القضاة الفلسطينيين وعند البت في ملفات الضحايا، لن يستندوا فقط للتشريعات الفلسطينية، وإنما للاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي انضمت لها فلسطين، والتي وقعت عليها دولة السلطة القائمة بالاحتلال.
وبيّن أن كل دولة ملزمة وفق النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية بأن تقوم بمقاضاة من ارتكب جرائم حرب وجرائم إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية، استناداً لنص المادة 146 من اتفاقية جنيف الرابعة، والتي تنص على أن الدول ملزمة بسن تشريعات وطنية في قوانينها، لملاحقة مرتكبي جرائم حرب وجرائم إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية، بغض النظر عن مكان وقوع الجريمة أو جنسيتها.
واستناداً لهذا النص كما قال شلالدة، تضع الدول في تشريعاتها ما يسمح لها بملاحقة من يرتكب تلك الجرائم، ولكن في القضايا الأشد خطورة التي ترتكب بحق الشعب الفلسطيني، يمكن أن يتم التوجه إلى الجنائية الدولية، لأن القضاء الإسرائيلي بغالبه مسيّس، لذلك نقوم في القضاء الفلسطيني وبشكل مباشر برفع القضايا أمام الجنائية الدولية.
وأكد أن القضية ليست محصورة في اعتداءات المستوطنين، حيث تقوم وزارة العدل وبموجب قرار صدر عن الحكومة الفلسطينية بتشكيل فريق وطني بمتابعة ملفات عدة، ومنها، ملف جثامين الشهداء المحتجزة في ما تسمى بمقابر الأرقام، حيث ستطالب سلطات الاحتلال بالمسؤولية المدنية وبجبر الضرر والتعويض عن المأساة التي يتعرض لها ذووهم، إضافة لملف الشركات الأجنبية العاملة في المستوطنات وعددها أكثر من 200 شركة، وملفات خاصة بملاحقة المستوطنين مزدوجي الجنسية أمام قضاء الدولة التي يحملون جنسيتها.
وبيّن الشلالدة أن هذا يعتبر نضالاً قانونياً وقضائياً، يكمّل المقاومة الشعبية، والنضال السياسي والاقتصادي، وصولاً إلى ضمان عدم إفلات أحد من العقاب، خاصة من مرتكبي الجرائم بحق الشعب الفلسطيني بدءاً بالانتداب البريطاني ووعد بلفور، وانتهاء بجرائم السلطة القائمة بالاحتلال.