تخوض المؤسسات الأهلية الفلسطينية تحديا جديدا لتأسيس رؤية استراتيجية مستقبلية ضمن حملة لموائمة الأشخاص ذوي الإعاقة بين احتياجاتهم وتسهيل انخراطهم في المجتمع المحلي.
وانطلقت الحملة التي تحمل اسم "وائم"، من محافظة رام الله والبيرة في الضفة الغربية بمناسبة "اليوم العالمي للعصا البيضاء" يوم الخميس الماضي ، على أمل أن يتم توسيعها لتشمل كافة الأراضي الفلسطينية.
ويقام اليوم العالمي "للعصا البيضاء" في 15 أكتوبر من كل عام بهدف تشجيع المكفوفين على استخدام العصا كوسيلة للتحرك.
ويبدي الشاب محمد العملة من سكان مدينة البيرة الذي يعاني من إعاقة بصرية، ترحيبا شديدة بالحملة، مؤكدا أهميتها لمواءمة الخدمات اليومية مع متطلبات الأشخاص ذوي الإعاقة البصرية.
ويشتكي العملة (24 عاما) الذي يدرس الماجستير في اللغة العربية، من مصاعب كبيرة يعانيها وأمثاله من ذوي الإعاقة البصرية داخل الأماكن العامة ما يصعب عليهم الانخراط بالحياة العملية.
وتهدف الحملة حسب القائمين عليها لموائمة قوائم الطعام في مدينة رام الله وبعض المصاعد في المجمعات التجارية مع الأشخاص ذوي الإعاقة البصرية من حيث توفير القائم بنظام بريل الخاص بلغة المكفوفين أو تزويد المصاعد بنظام صوتي لتنبيههم إضافة إلى توفير أزرار المصاعد بلغة بريل.
ويقول العملة لوكالة أنباء (شينخوا)، إنه لم يسبق أن دخل إلى أي مطعم في حياته ووجد فيه قائمة طعام بلغة بريل ما كان يجعل من احتمال الاعتماد على نفسه والاستغناء عن مرافق أمر مستحيل.
ويعتبر، أن "حملة وائم من شأنها أن تمكنني من الدخول إلى المطعم وأشعر براحة واستقلالية من خلال الاعتماد على نفسي بدلا من الطلب من أحد أن يقرأ لي قائمة الطعام".
ويشير إلى أن هكذا مواءمة سيكون لها عامل إيجابي على ثقته بنفسه وممارسة حياته بشكل طبيعي دون مساعدة من أحد، وهذا ما يبحث عنه فئة ذوي الإعاقة البصرية.
ويهدف القائمون على الحملة إلى خلق سياسات عامة تتضمن اشتراط الموائمة على تراخيص المصاعد وتوفير قوائم طعام بنظام بريل الخاص بذوي الإعاقة البصرية في الأراضي الفلسطينية.
وبادر إلى إطلاق حملة "وائم" كل من مؤسسة "الرؤيا الفلسطينية" وجمعية "بهمتكم".
ويقول مدير المشاريع في مؤسسة الرؤيا باسم بني شمسية لـ (شينخوا)، إن الحملة تم إطلاقها في اليوم العالمي لذوي العصا البيضاء لمواءمة الأماكن العامة بما يتناسب مع الأشخاص ذوي الإعاقة البصرية.
ويوضح بني شمسية أن النشاط الأول للحملة تضمن حث المطاعم في رام الله والبيرة على توفير قوائم طعام خاصة بالمكفوفين عبر كتابتها بنظام بريل، فيما يتم العمل مع عدد من شركات المصاعد لمواءمة المصاعد مع احتياجاتهم.
وتستهدف الحملة المصاعد في بعض التجمعات التجارية التي قد يستخدمها الأشخاص ذوي الإعاقة البصرية من خلال توفير نظام بريل للأزرار وكذلك توفير مواءمة صوتية تنبه الشخص إلى أي طابق وصل.
كما تستهدف فتح نقاش عام مع الجهات الرسمية المختصة لدفع إقرار تشريعات وقوانين تشترط مواءمة الخدمات العامة مع الأشخاص ذوي الإعاقة البصرية قبل الحصول على تراخيص تشغيلها بحسب بني شمسية.
وجرى الاتفاق مع 17 مطعما ومقهى في رام الله والبيرة لترجمة قوائم الأطعمة والمشروبات إلى لغة بريل الخاصة بذوي الإعاقة البصرية وطباعتها.
ويقول مسئول جميعه "بهمتكم" العاملة في رعاية الأشخاص ذوي الإعاقة محمد أبو خليل لـ (شينخوا)، إن نحو 7 في المائة من الفلسطينيين لديهم إعاقة بشكل مختلف بما يقارب 400 ألف شخص.
ويوضح أبو خليل، أن حملة "وائم" تؤسس إلى رؤية واستراتيجية مستقبلية يتم البناء عليها في الموائمة للأشخاص ذوي الإعاقة بشكل عام من حيث توفير خدمات لهم بما يتلاءم مع احتياجاتهم.
ويشير أبو خليل، إلى واقع ضعف الوعي في المجتمع الفلسطيني إزاء كيفية تقبل الأشخاص ذوي الإعاقة والعمل على تسهيل اندماجهم بالحياة بشكل طبيعي كباقي فئات المجتمع.
ويعاني أكثر من 37 في المائة من ذوي الإعاقة في الأراضي الفلسطينية من البطالة بحسب البيانات الرسمية الصادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.
ويقول رئيس جمعية ذوي الإعاقة البصرية في فلسطين زياد عمرو لـ (شينخوا)، إن هناك الكثير من المعوقات أمام انخراط الأشخاص المكفوفين في المجتمع الفلسطيني وتوفير حياة كريمة لهم.
ويشير عمرو إلى غياب السياسات والتشريعات المتعلقة بسن قوانين تنصف فئة ذوي الإعاقة لاسيما المكفوفين، فضلا عن المعوقات المادية التي تحول دون تمكنهم من الحصول على الخدمات بشكل طبيعي في كافة المجالات.
ويؤكد على مسؤولية المؤسسات العامة في توفير خدمات تمكن الأشخاص ذوي الإعاقة البصرية من العيش بحرية وكرامة من خلال توفير الإمكانيات المادية اللازمة لهم.
ويشدد عمرو على أن أهمية مبادرة "وائم" في نقل المكفوفين من بيئة غير صديقة بالنسبة للأشخاص ذوي الإعاقة إلى بيئة أكثر سلاسة وسهولة يمكن لهم التعامل معها بحرية وكرامة.
ويطالب بالعمل لمؤامة البيئة التعليمية والتشغيلية للأشخاص ذوي الإعاقة البصرية ومراعاة احتياجاتهم للاندماج لاسيما أن نسبة البطالة في صفوفهم تقدر بأكثر من 70 في المئة.