- بقلم : حكم طالب *
ما زال الاحتلال الإسرائيلي يواصل سياساته الاستيطانية والعنصرية وكل أشكال إرهاب الدولة المنظم وممارسة كل أشكال القهر والإذلال بحق الشعب الفلسطيني من اجتياحات لكل المدن والقرى الفلسطينية والاعتقالات المتواصلة وارتكاب المجازر اليومية وسياسة الحصار والتجويع وكذلك سياسة نهب الأرض والسيطرة عليها والتي تشكل الأساس الذي يقوم عليه فكر ومنطلقات الحركة الصهيونية ، ونود في هذا المقال التركيز على سياسة الاحتلال الاستيطانية القائمة على أحكام السيطرة الأرض الفلسطينية وسرقة مواردها من خلال المصادرة وإقامة المستوطنات والطرق الالتفافية والمصادرة تحت اسم المحميات الطبيعية ، وكذلك إقامة معسكرات للتدريب ضاربة عرض الحائط بكل قرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي التي أكدت في العديد من قراراتها على عدم شرعية وقانونية الاستيطان كالرأي الاستشاري لمحكمة العدل العليا في لاهاي وقرارات مجلس الأمن وآخرها قرار2334 في العام 2016.
الاستيطان جريمة حرب يحاسب عليها القانون الدولي ، وها هي وباستمرار تقر حكومات الاحتلال المتعاقبة إقامة وحدات استيطانية بوتيرة متسارعة تتغول وتنتشر في الأرض الفلسطينية مثل النار في الهشيم وتشكل اكبر عائق أمام التواصل الجغرافي لقيام الدولة الفلسطينية ، وحسب الإحصائيات الأخيرة 12000 وحدة استيطانية منذ بداية العام الجاري، وهذا ناتج عن سياسة إدارة ترامب القائمة على الشراكة مع هذا الاحتلال والتي تدعمه بكل أشكال الدعم والغطاء السياسي والحماية الدولية في كافة المؤسسات الدولية ، وهذا يشكل حافز لهذا الاحتلال لمواصلة سياساته الاستيطانية والذي أكد عليه قانون " القومية الإسرائيلي" والذي اعتبره قيمة قومية يجب تشجيعه ودعمه ، وبالإضافة إلى سياسة الهرولة العربية تجاه التطبيع وإقامة العلاقات مع الاحتلال والتي شكلت حافزا له على مواصلة سياساته الاستيطانية .
هذا الواقع الصعب الذي يعيشه الشعب الفلسطيني في ظل هذه الإجراءات الاحتلالية وعربدة المستوطنين الذين يعيثون فسادا في الأرض الفلسطينية من خلال سلوكهم العنصري اليومي واعتداءاتهم المستمرة على أبناء الشعب الفلسطيني وإغلاق الطرق والشوارع في وجههم والحد من حركتهم وتنقلهم وارتكابهم المجازر بحقهم وحرق البيوت والاعتداء على المقدسات واستباحتها وكذلك منع أصحاب الأراضي من الوصول إلى أراضيهم لفلاحتها وزراعتها ، وما نشهده حاليا في موسم قطف الزيتون من تقطيع وحرق للأشجار ومصادرة للمحصول بإشراف وحماية جيش الاحتلال أمام مرأى ومسمع هذا العالم ، السؤال هنا أين المجتمع الدولي والمؤسسات الدولية كالجمعية العامة ومجلس الأمن الدولي ؟
إن المهمة الأساسية لها تتمثل في حماية القانون الدولي وعدم تجاوزه وانتهاكه وحماية الأمن والسلم الدولي باعتبار الاحتلال والاستيطان من أكثر القضايا التي تهدد الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم .
المطلوب من المجتمع الدولي من منطلق المسؤولية الملقاة على عاتقه أن يقف وقفة مسؤولة تجاه هذه السياسة الاستيطانية والتي تهدف إلى تفريغ الأرض من سكانها وطرد أصحابها وإحلال المستوطنين مكانهم والسيطرة على كل المقدرات الفلسطينية والخروج من دائرة الإدانة والشجب والاستقرار والذهاب باتجاه إجراءات وعقوبات رادعة لهذا الاحتلال وسياساته المتناقضة لقواعد وأحكام القانون الدولي والذي يعتبر نفسه فوق المحاسبة والمساءلة الدولية ، مهم ما تضمنه بيان الاتحاد الأوروبي الأخير الذي أكد على عدم شرعية وقانونية الاستيطان وعدم الاعتراف بأي تغييرات يجريها الاحتلال على الأراضي المحتلة في العام 1967، وهذا البيان رغم أهميته لا يكفي ، فالمطلوب من الاتحاد الأوروبي باتخاذ إجراءات رادعة وعملية ضد هذا الاحتلال كإعادة النظر في الشراكة معه، واتخاذ التوجه الصائب والذي ينسجم مع قواعد وأحكام القانون الدولي باعتراف دول الاتحاد الأوروبي بالدولة الفلسطينية كأفضل رد على سياسات الاحتلال وإجراءاته مما يتطلب التوجه أكثر للاهتمام والعناية بالأرض وحمايتها بكل الأشكال المتاحة من خلال الحملات لتشجيرها والعمل على تخضيرها والاستثمار وإقامة المشاريع الزراعية وشق الطرق والعمل على رفع النسبة المخصصة لوزارة الزراعة في إطار الموازنة العامة في إطار عملية تكاملية على المستويين الرسمي والشعبي من أجل حمايتها باعتبارها جوهر ولب الصراع.
- عضو المكتب السياسي لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت