- د. طلال الشريف
على مر التاريخ كانت الحرب بشعة لأنها ناهيك عن الدمار الذي تحدثه في البيئة والمنشآت والبيوت والمصانع والمزروعات، وكل ما هو فوق الأرض وتحتها وفي السماء والهواء، باعتقادي أن أتمن الأشياء التي تدمرها هذه الحروب هو الإنسان أو جرحه وإحداث إعاقات جسدية أو تشرده، هذا الإنسان الذي في الغالب لا دخل له في السياسة، لأن السياسة والسياسيين والعسكريين هم من يشنون الحروب.
إن فناء الإنسان، هذا الأفضل قيمة على الأرض هي جريمة جماعية يقترفها أناس مهووسون بجنون العظمة والحقد والكراهية، فلماذا السواد الأعظم من القتلى هم من المدنيين والعسكريين المأخذوين للعسكرتارية هم أصلا من بين المدنيين لتدريبهم بحجة حماية مصالح وحدود الدول من إعتداءات الآخرين أو الجيران من الدول، ونادرا ما يقتل أصحاب القرار السياسي أو حتى العسكري، فقليل جداً منهم من يصل لأرض المعركة.
والسؤال، لماذا لا يبحث الإنسان أو الإنسانية جمعاء عن طريقة تختصر، أو، تمنع القتل في الحروب التي تزهق أرواح الأبرياء أو الجنود الذين هم جميعا في الأصل "إنسان"؟
لماذا لا يتفق العالم ويضع ضوابط تمنع الحروب بطريقة جديدة بعد كل هذا التاريخ الطويل من الحروب وقتل الإنسان على الأرض ذلك المخلوق الذي ولد ليعيش فترة قصيرة من الزمن لا تشكل ساعات السعادة والاستمتاع بهذه الحياة في مجموعها ساعات أو أيام، فلماذا نقصف عمره وفجأة يموت من الحرب، أي حرب.
أحيانا تحدث الحروب لأسباب جدا تافهة ترجع لعقول مثخنة بالوهم والعقد النفسية وجنون العظمة لبعض القادة و السياسيين، بحجج كثيرة لها تأصيل تاريخي غير رحيم درج عليه الناس واليشرية بأن هذا لي وهذا لك ومن هو أقوى يغير المعادلات والمفاهيم في كل الحقب.
الأرض واسعة جدا. وتكفي كل البشر وتزيد، والخيرات تكفي الجميع، وثرواتها وطاقاتها ومائها وملحها وطعامها متجدد، ولماذا يحارب الناس والدول بعضهم البعض لتأمين مصالح واحتياجات مضمونة لشعب او مجموعة من الناس او الدول على حساب حياة واحتياجات آخرين، أليس هذا ظلم يتدخل في حياة البشر ليضع نهايتها أو يحولها تعيسة بحجة مفاهيم صنعها الإنسان الأول ، التالي، ونقلها لتالي، من مفاهيم، هذي بلادنا، وهذا شعبنا. وهذي ثرواتنا، شوفينية تطورت مع تاريخ البشرية، فمن صنع ذلك؟ والأرض أصلا للجميع وخيرها للجميع، فلماذا الصراع ؟ ومن ذا الذي صنع هذا الصراع؟ ومن ذا الذي وضع الحدود؟
هل هم الفلاسفة؟ هل هم السياسيين؟ هل هم الملوك والأمراء والرؤساء؟ هل هم رجال الدين؟ هل هم المؤرخين؟ هل هم المجاني، المعتوهين،
المعقدين، أو المرضى؟ أم هم صحيحي العقل ؟
أم أنها جدلية تخلق مع البشر؟
تؤجج الصراعات وتشعل الحروب طمعا في تأمين الاحتياجات والمستقبل للقبيلة والعائلة ومجموعة السكان والبلد والبلد الآخر والآخر؟
فمن هذا الذي شن أول حرب في التاريخ فدرج عليها الناس حتى يومنا هذا؟
هل الإنسان مخلوق شرير أصلا؟
وليس خيرا كما يدعي علماء النفس أن الإنسان له صفة الخير والشر ؟
لماذا لا تتفق البشرية على منع الحروب بتاتا، ومن يريد محاربة دولة جارة أن يرسل فريق علمي لمنازلة فريق علمي للدولة الأخرى، ولتكن حرب علمية دون أسلحة إلا سلاح العلم ، أو أي منافسة أخرى ولتكن كرة القدم أو أي رياضة أخرى غير عنيفة، ودون خسائر بشرية، ومن يهزم الآخر يفرض شروطه، ويخضع الآخر. فالنتائج ستكون واحدة، ولكننا نريد تغيير الطريقة.
عبر التاريخ كان البعض يرسل زعيم القوم يصارع زعيم القوم الآخر، ومن ينتصر يفرض شروطه، وكفا الناس شر القتال، وعندما تريد دولة بعيدة قوية أن تحارب بلدا أضعف فإن هذا البلد الضعيف يستعين بقوة علمية تنافس في قوة علمها البلد الأقوى، ويتفق الجميع، على ذلك كل البشر، ويمكن وضع ميثاق لضبط ذلك، وخطط لتنمية هذه الثقافة، على أن أي دولة ضعيفة من حقها أن تطلب أي فريق من دولة قوية لتمثيلها علميا أو كروياً، ، وليس كما يحدث أحيانا عندما تستقدم دولة جيوش آخرين أو تنشئ قواعد عسكرية لآخرين على أرضها لحمايتها.
يعني نفس الحروب، ولكن خليها دون قتلى، ودون ازهاق أرواح البشر .. ومن يفوز يفرض شروطه، وتقوي البلاد نفسها بعلمها لتستعيد حقوقها إذا هزمت سابقا. وهكذا تسير البشرية دون خسائر وانهاء لحياة الإنسان التي هي أفضل قيمة على الارض.
ملاحظة: يمكن تغيير الحاكم الفاسد أو الدكتاتور بالمنافسة العلمية أو كرة القدم عندما تصبح هذه القيمة وثقافتها تعم العالم ولها قوانينها وضوابطها، ويأتي الشعب بفريق أو المعارضة بفريق مقابل فريق الدكتاتور العلمي أو الكروي.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت