غياب الشعب ... تكريس الانقسام

بقلم: عدنان الصباح

عدنان الصباح
  •  بقلم عدنان الصباح

 في صيف 2007 أي قبل ما يقارب 14 عام وقع الانقسام الفلسطيني الفلسطيني ليس بين فتح وحماس بل وانقسم ما تبقى شكلا من الوطن المنهوب فعلا وبكل بساطة بات لدينا وطنين بسلطتين لا تربطهما أية روابط لا داخلية ولا خارجية وتصرف الطرفان وكأنهما بعيدين عن قبضة الاحتلال الذي يحكم سيطرته على الجهتين وتعامل الشعب ببرود مع هذا الانقسام ومرد ذلك حقيقة الى قناعة تامة لدى الشعب ان لا امل بالإصلاح ولان الجميع حرص تاريخيا على عدم اللجوء للشعب لتحقيق شعاراته بل استخدام الفرض لبسط السلطة وتنفيذ القناعات بعيدا عن إرادة الشعب.
في كل العالم بما في ذلك دولة الاحتلال يتدخل الشعب عند المفاصل وليس ابرز من الاحتجاجات الشعبية ضد نتنياهو مطالبين برحيله وهو يحقق انجازات خارجية وداخلية أبهرت العالم خصوصا على الصعيد السياسي ومسلسل التطبيع مع الدول العربية وكان آخر الانجازات انجرار لبنان بما تعنيه لبنان في سفر المقاومة الى طاولة المفاوضات مع الاحتلال الذي أصبح اسمه إسرائيل فجأة ومع ذلك لم يجد نتنياهو ترحيبا داخليا ولم يرفعه احد على الأكتاف ولم يحصل على ألقاب الرمز والبطل والقائد وما الى ذلك ولم يجد نفعا كل ذلك ويواصل الشارع هناك احتجاجاته مطالبا برحيله.
 في شارعنا شيء لم يتغير وأي دور للشعب وعفويته لا وجود له والفصائل التابعة الأخرى لم تلجا للشعب لتحريضه على إنهاء الانقسام بل تحولت هي نفسها الى جزء ومكون من مؤسسة الانقسام القائمة وتعاملوا مع الجهتين كأمر واقع وحقيقة قائمة ففي بلادنا لا معارضة حقيقية لا في غزة ولا في الضفة ولا حركة شعبية مستقلة لا في غزة ولا في الضفة وبعض التحركات التي بوشر العمل بها ضد الانقسام تحولت الى دكاكين ويافطات لا تربطها نفسها رابطة.
 عشرات اللقاءات الرسمية والمؤتمرات واتفاقيات لم نعد قادرين على تذكرها وأوراق أعلنت ودفنت ففي مكة اتفاق وفي الدوحة اتفاق وفي صنعاء ورقة وفي مصر إعلان واتفاق واتفاقية وما الى ذلك ووصلت لقاءات المصالحة والتدخلات بها الى سويسرا وروسيا وتركيا بعد ان فشل العرب وليس مستبعدا ان نجد أمريكا وسيطا ذات يوم بعد ان أصبحت حكاية المصالحة حكاية ممجوجة قرف منها الشعب كليا ولم يعد حتى ينتظرها أو يتعاطى مع أخبارها .
أسفر مؤتمر الأمناء العامين الأخير عن إعلان يبشر بالخير ثم غاب هذا الإعلان في تفاصيل الشيطان حول كم وكيف وأين ومن ومتى وماذا وما الى ذلك ولن تنتهي الحكاية وسنعود الى نقطة الصفر فلا احد يرغب جديا بالمصالحة فلا يحتاج الأمر لشعب تحت الاحتلال وحركات لا زالت تعتبر نفسها بمهمة تحرير كل هذا النقاش ليتوحدوا ضد عدوهم.
 ان الانشغال الفلسطيني الفلسطيني بقضايا الانقسام وحوارات المصالحة منذ أربعة عشر عاما تقريبا هي اكبر هدية منحها الشعب الفلسطيني للاحتلال لينشغل هو بنا وننشغل نحن بأنفسنا فليس أكثر انجازا لعدو ان يجد أصحاب القضية وقد اخترعوا لذواتهم قضية لا يريدون لها ان تنتهي وانشغلوا بها عنه وتركوه يفعل بالشعب والوطن ما يشاء ولو كان الشعب حيا فعلا لما ترك ذلك يحدث ولا بأي حال من الأحوال فالشعب وحده هو صاحب المصلحة الحقيقية بالوحدة وإنهاء الانقسام ولا يجوز له ان يترك ذلك لدول العالم وأصحاب الانقسام أنفسهم وإلا فان ذلك سيبقى الى ما شاء الله ولا احد يدري الى أين يراد لهذا الانقسام ان يصل مع علمنا ان الاحتلال وأعوانه يريدون لنا ألف انقسام وانقسام ويتحدثون عن ذلك علنا لإعادة تجزيء وتقسيم المقسم والمجزئ من الشعب والوطن.

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت