الحوار الفلسطيني بين الآمال والواقع

بقلم: مصطفى مسلماني

الاسير المحرر مصطفى المسلماني ابو الاديب
  • الاسير. المحرر المبعد: مصطفى المسلماني ابو الاديب

التباطؤ الحاصل في التعامل مع التفاهمات الأخيرة بين حركتي فتح وحماس ومع باقي الفصائل الفلسطينية يؤشر إلى العديد من الاستنتاجات السلبية ويثقل على أبناء الشعب الفلسطيني الذين تفاعلوا بدرجة عالية من التفاؤل والأمل وانحازوا إلى التقديرات التي تبرر الاعتقاد بجدية التوجه للخروج من الحالة الراهنة وما أحدثه الانقسام الأسود من انهيارات في الوضع الفلسطيني وثغرات أفضت للكثير من المتغيرات التي استهدفت القضيه الوطنيه واضافت المزيد من التحديات والمخاطر على ساحة الصراع والمواجهة مع المشروع الاستعماري الصهيوني...الغربي في فلسطين والمنطقة العربية

يبدو أن هناك مراوحة في المكان اذا لم يصح تسميتها حتى الان خطوة إلى الوراء في التعامل مع التفاهمات الأخيرة وفي الاستعداد للتحضير لإطلاقها وتنفيذها على النحو اللازم والضروري

وحتى لا ندخل في دهاليز التكهنات والمعلومات الجزئية المبعثرة عبر العديد من الجهات ولأغراض مقصودة مسبقاً
فإن حساسية ودقة الموقف الراهن تقتضي المكاشفة الصريحة والشفافة أمام الشعب الفلسطيني بأكمله والإعلان عن الحقائق التي تقف خلف هذا التأخير غير المبرر في ترجمة وتنفيذ التفاهمات ولا يجوز في جميع الأحوال الاستمرار في التعاطي مع الإرادة الشعبية الفلسطينية على هذا النحو الذي يعمق الهوه ويراكم أعباء عدم الثقة بالنظام السياسي الفلسطيني بكل مكوناته الفصائلية وغيرها
وكما سيحمل هذا الوضع العديد من التعقيدات في مواجهة التحديات المتلاحقة والتي تتواصل حلقاتها على كافة الأصعدة للنيل من الحالة المادية والمعنوية للشعب الفلسطيني والمس بقضيته الوطنية العادلة والمشروعة

الشعب الفلسطيني ليس لديه الاستعداد للقبول بالوضع الراهن ودفع المزيد من الثمن أمام أجندات ومراهنات وحسابات الفصائل السياسية واصرارها على تهميش المصلحة الوطنية العليا وتغليب مصالحها وسياساتها الحزبية التي أضعفت القضية الوطنية ومكانتها واعطت الفرص للمتآمرين بالتمادي في مساعيهم لتغيير معادلة الصراع وحرف البوصلة عن مسارها الصحيح

العديد من المستفيدين والمستثمرين في الوضع الفلسطيني الراهن فتحوا أبواب الترويج حول الأسباب التي استدعت هذا التوقف عن تنفيذ التفاهمات ودفعوا بالكثير من المعطيات التي تستهدف ضرب الإرادة الشعبية والعزم على الخروج من النفق المظلم وإزالة العراقيل التي تقف في طريق تعزيز القواسم المشتركة وتهيئة الظروف لبدء الخطوات العملية على الأرض في التعامل مع التحديات التي تواجه الوضع الفلسطيني
والأكثر من ذلك أن هناك محاولات لاستدعاء التدخلات الخارجية والضغوط للإستمرار في إدارة الوضع في ظل الانقسام والحيلولة دون الشروع في المعالجات الجذرية الحاسمة التي ستقضي إلى إعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني وحيث تقف عملية إجراء الانتخابات السياسية الشاملة للمؤسسات الفلسطينية على رأس الأولويات بصفتها الرافعة الحقيقية للعمل السياسي والنضالي الجماهيري المدعوم بنتائج الانتخابات الديمقراطية للشعب الفلسطيني

وعلى الأرض تسابق إدارة ترامب الوقت وقبل موعد الانتخابات الرئاسية لتسجيل عضو إضافي في بازار الحكومات العربية المنخرطة في سوق التطبيع والاسرله وفرضت على الحكومه الانتقالية السودانية الرضوخ والقبول بمقايضة الموافقة على التطبيع مع الكيان الإسرائيلي ودفع ملايين التعويضات مقابل رفع العقوبات الأمريكية وما يسمى بلائحة الإرهاب عن هذا البلد الذي تتسلط عليه الضغوط الإماراتية وعدد آخر من الدول للتسليم مقابل الوعود المعهودة بتحسين الوضع الاقتصادي وضخ الاستثمارات وكذلك القروض من البنك الدولي الذي سيواصل تطويق وخنق الخيارات المستقبلية للشعب السوداني

وكذلك فإن الكيان الإسرائيلي المحتل يحاول بكل الإمكانيات الاستثمار السريع في هذه التطورات للهروب من أزماته الداخلية من جهة وفرض وقائع استيطانية توسعية من جهة ثانية وتحصيل كامل ثمار الدعم الأمريكي السافر وغير المسبوق لبناء معادلة تحالفية جديدة في المنطقة بالزعامة الصهيونية

وفي الوقت نفسه تتصاعد سياسة البناء في المستوطنات الإسرائيلية وأعمال العرب للمستوطنين وتوسع حكومة نتنياهو الضغط على الشعب الفلسطيني وتحاول بكل الوسائل نقل ما تحرزه من نتائج في بازار التطبيع والاتفاقات مع حكومتي الإمارات والبحرين على وجه الخصوص إلى فرص لإجبار الفلسطينين على القبول بالأمر الواقع ولاضعاف الإرادة الشعبيه المناهضة للاحتلال ولحكومات التطبيع والاستلام

ولقد أبرزت التطورات المتلاحقة في يوميات الملحمه الإنسانية التاريخية التي يخوضها الأسير الفلسطيني ماهر الأخرس والذي تجاوز الثلاثة أشهر على اضرابه المفتوح عن الطعام مدى التخبط الذي يعكسه الصمود الفلسطيني على السياسة الإسرائيلية بالرغم من الدعم الهائل الذي تحصل عليه من إدارة ترامب وحلفائها ولقد كان واضحا أن مصير هذا الإضراب وصمود الأخرس ورفضه القاطع لكل المساومات التى تنتقص من حريته الكاملة ومايمكن أن يترتب من تداعيات خلال الأيام المقبلة على كافة المستويات قد احدث إرباك في تقديرات المؤسسة المقررة في الكيان الغاصب ووضعها أمام خيارات متباينة في إدارة هذه المواجهة وتداعياتها

وفي المقابل فإن التنامي التصاعدي للمشاركة في المعركة مع الأخرس من كل المستويات الفلسطينية وتطور حالة التضامن الخارجي والاهتمام الدولي والروسي على وجه الخصوص يعيد مجدداً التدليل على حجم الاثار السلبية لبقاء الوضع الفلسطيني السياسي والوطني والجماهيري على حالته الراهنة والضرورة الملحة في تعجيل الخطوات لتنفيذ التفاهمات الأخيرة بين الفصائل وتفويت الفرصة على المراهنين والمتآمرين على قضية الشعب الفلسطيني والبناء فقط على وحدة الشعب وقوته وصموده وكفاحه العادل لتحديد مستقبل المنطقة ومصير الاوهام الزائفة التي تروج لها إدارة ترامب وحلفائها

الاسير. المحرر المبعد
مصطفى المسلماني ابو الاديب
غزه . فلسطين
24.10.2020
[email protected]

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت