- أشرف أبوخصيوان
سيدي الرئيس منذ أن أمسكت رئاسة السلطة الفلسطينية في 9 يناير 2005، بعد فوزك في الانتخابات، وفي يوم 15 يناير2005 أديت اليمين القانونية أمام أعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني، لتصبح رئيساً للسلطة الوطنية الفلسطينية حتى تاريخ كتابة هذا المقال، رغم أن ولايتك انتهت قانونياً في يناير 2009م، لا زلنا ننتظر منك أن تُشعل عود الكبريت مرة أخرى والاعلان عن انتخابات تشريعية ورئاسية جديدة، تجسيداً واحتراماً للنظام السياسي الفلسطيني.
ولكن من منذ خمسة عشر عاماً وسيادتك على سده الحكم، اعتمدت نظام التجزئة السياسية للقضايا المفصلية التي طرأت أمامك، وللحق انت تُحسد على صبرك وصمودك أمام تلك المتغيرات التي صاحبت فترات رئاستك، حيث واجهت سيدي الرئيس تحديات كبيرة وضخمة ومتغيرات محلية وعربية واقليمية، كُنت في الحقيقة شجاعاً وقادراً على الخروج من المأزق في كل مرة والتعايش مع الواقع وصولاً للحالة التي نحن عليها.
سيدي الرئيس لقد كانت شجاعتك منقوصة بالقدرة على اتخاذ القرارات اللازمة لتحقيق رغبات المواطنين الذين انتخبوك، وخذلتهم في مرات عدة، ولم تكن على قدر المسئولية مرات أخرى.
بدأت سيدي الرئيس برنامج التجزئة السياسية بين مكونات المجتمع الفلسطيني، واعتمد عقلك الداخلي على مستشارين اعتمدوا في ادارتهم لشئون البلاد على اللعب في ثلاث أوراق رئيسية.
أولاً: الاصطدام بتسونامي حمساوي اكتسح مقاعد المجلس التشريعي عام 2006 أي بعد عام واحد من توليك الرئاسة، ودخلت وحركة فتح في مناكفات التنازع على السلطات مع حركة حماس، أفضت في منتصف عام 2007 إلى سيطرة حركة حماس بالقوة على قطاع غزة، وهو ما يُعرف بالانقلاب أو الحسم وصولاً للتوافق على تسميته "الانقسام الفلسطيني".
ثانياً: لم تَفق سيدي الرئيس من صدمة الانقسام الفلسطيني، الا بعدما، اجتمعت كوادر حركة فتح في بيت لحم عام 2009 وانتخبت لجنة مركزية جديدة للحركة، وهو ما يُعرف بتجديد شرعيتك داخل اطارات الحركة، وهي التي ساعدتك على المُضي قُدماً نحو تحقيق أهداف جديدة في مشوراك الرئاسي، خاصة أن بوادر أزمة جديدة بدأت تلوح في الأفق بعد تعثرت المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية، بسبب فوز بنيامين نتنياهو بالانتخابات الاسرائيلية، واعلانه بشكل واضح عن وقف برنامج التفاوض مع الفلسطينيين.
ثالثاً: سيدي الرئيس نُقر بأنك سجلت نصراً جديداً على أقرب منافسيك ورفاقك في حركة فتح، عندما لاحق القيادي محمد دحلان وأخرجته من الضفة الغربية، واقصاء القيادات الشابة من صفوف الحركة، وقمت بتعطيل عمل المجلس التشريعي، وتعزيز الانفصال والتمييز الجغرافي بين قطاع غزة والضفة الغربية.
سيدي الرئيس، نحن في غزة تحديداً نُدرك عقبات وخطورة الانقسام ومصادرة الحريات، والحُكم الديكتاتوري، والتفرد في اتخاذ القرارات، ومصادرة حقوق الشعب الفلسطيني في الانتخابات والمشاركة في صناعة القرار، وبذلك تُجسد معالم جديدة من رحلة التجزئة السياسية، والتفرد في ادارة شئون البلاد، بعيداً عن تحقيق مصالح حركة فتح، وبعيداً عن تحقيق المصالحة، وبعيداً عن الاستمرار في المفاوضات كي نُحقق حُلم الدولة الفلسطينية.
سيدي الرئيس، في ظل حُكمك وادارتك لشئون البلاد، أوقعتنا في فخ الانقسام ولم نخرج منه، وأصبح حجم التضامن العربي مع القضية الفلسطينية ضعيفاً أفضى إلى موجة من تطبيع بعض الدول العربية مع اسرائيل دون حل القضية الفلسطينية، وأصبحت مبادرة السلام العربية حبيسة أدراج جامعة الدول العربية، وزادت وتيرة الاستيطان في الضفة الغربية، وارتفع منسوب الفقر والبطالة في صفوف الشباب الفلسطيني، وأصبحنا نُراهن على الأيام والمستقبل كي تتضح معالم مستقبلنا.
سيدي الرئيس لقد وعدتنا مرات متعددة بالدعوة للانتخابات وطلبت مُسبقاً من الفصائل الفلسطينية أن تُرسل لك خطابات بالموافقة على الانتخابات وفقاً لما تُريد، وتم ذلك، ولكنك لم تكن على قدر المسئولية في اصدار مرسوم رئاسي يُحدد الانتخابات، عليك أن تُشعل عود الثقاب من جديد، وتُعلن عن الانتخابات، وتتصدى لصفقة القرن، ولمشاريع التطبيع، وتُنهي الانقسام، وتحقق المصالحة، وتُرسخ مفاهيم الشراكة السياسية، وتصنع لنا الوحدة الوطنية، وتعزز مفاهيم الديمقراطية في القيادة، وتستمع لمشاكل الشباب، وتساعدهم وتشاركهم في صناعة القرار.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت