تحليل مراقبون: مصر الجسر الأكثر أهمية وتأثيرا لدفع جهود المصالحة الفلسطينية

اجتماع اللواء الرجوب مع وزير الخارجية المصري في القاهرة
  • وفدا من حركة "فتح" إلى القاهرة في حال إحداث اختراق ملموس مع حماس

تترقب الأوساط السياسية الفلسطينية نتائج مباحثات يجريها وفد من حركة "حماس" بشأن ملف المصالحة الفلسطينية مع المسؤولين المصريين في القاهرة.

وقال مصدر فلسطيني مطلع لوكالة أنباء "شينخوا"، إن وفدا من حركة "فتح" من المنتظر انضمامه للمباحثات الجارية في القاهرة في حال إحداث اختراق ملموس مع حماس.

ويؤكد مراقبون فلسطينيون أن مصر تبقي الجسر الأكثر أهمية وتأثيرا لدفع جهود المصالحة الفلسطينية في ظل رعاية القاهرة للملف منذ بدء الانقسام الداخلي قبل 13 عاما بتكليف من جامعة الدول العربية.

وبدأ وفد قيادي من حماس أمس زيارة رسمية إلى مصر لإجراء مباحثات مع المسؤولين في القاهرة في عدة ملفات أبرزها المصالحة الفلسطينية التي شهدت تقدما في الأسابيع الأخيرة.

وقال الناطق باسم حماس حازم قاسم لـ "شينخوا"، إن وفد الحركة سيناقش العديد من الملفات في القاهرة من بينها ملف المصالحة الفلسطينية، وتفاهمات التهدئة مع إسرائيل.

وجاءت زيارة وفد حماس إلى القاهرة بعد أن أشارت تقارير إعلامية إلى غضب مصري من عقد فتح وحماس جولة مباحثات بينهما الشهر الماضي في مدينة اسطنبول التركية.

ويرى الكاتب والمحلل السياسي من غزة طلال عوكل أن حماس وجدت نفسها مطالبة بالإثبات لمصر بأن القاهرة هي الأساس في أي اتفاق مصالحة قد يتم الإعلان عنه.

ويشدد عوكل لـ "شينخوا"، على أن عقد جولة مباحثات بين فتح وحماس في تركيا لا يعني أن أنقرة ستكون بديلا عن مصر في رعاية ملف المصالحة الفلسطينية.

ويقول إن "رعاية المصالحة الفلسطينية محسومة لصالح الدور المصري ليس من باب الاحتكار بقدر الارتباط السياسي والاجتماعي والاقتصادي الوثيق ما بين القاهرة والفلسطينيين".

ويضيف أن لدى مصر الوساطة الرئيسية تاريخيا في مختلف قضايا الشأن الفلسطيني سواء ما يتعلق بالمصالحة الفلسطينية أو العلاقة مع إسرائيل وهو دور لا يمكن القفز عنه.

وشهد ملف المصالحة الفلسطينية حراكا ملموسا عقب عقد اجتماع هو الأول منذ سنوات للأمناء العامين للفصائل برئاسة الرئيس الفلسطيني محمود عباس في الثالث من سبتمبر الماضي عبر الانترنت في رام الله وبيروت.

وعقد الاجتماع المذكور على خلفية الغضب الفلسطيني من التوصل لاتفاقيتين لإقامة علاقات تطبيع رسمية بين دولة الإمارات ومملكة البحرين من جهة وإسرائيل من جهة أخرى برعاية أمريكية.

وعقب ذلك أعلنت فتح وحماس بعد جولة مباحثات بينهما في اسطنبول التركية عن اتفاقهما على "رؤية مشتركة" لتحقيق المصالحة الفلسطينية تتضمن إجراء انتخابات عامة.

وكان من المفترض أن يعقد اجتماع آخر للأمناء العامين للفصائل الفلسطينية بعد أسبوع من اجتماع إسطنبول الذي عقد بتاريخ 24 سبتمبر الماضي من أجل إقرار وتطوير تفاهمات فتح وحماس، وتمهيد الطريق أمام إصدار مراسيم تحديد مواعيد إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية.

إلا أن الاجتماع المنشود لم يعقد حتى اللحظة، ولم يحدد موعد رسمي لعقده "ما يعني أن هناك عصيا محلية وإقليمية ودولية وضعت في الدواليب" بحسب الكاتب والمحلل السياسي من رام الله هاني المصري.

ويقول المصري إن الإدارة الأمريكية وإسرائيل تعارضان تقدم الحوار الوطني الفلسطيني وإقرار التوجه إلى إجراء انتخابات عامة تجدد شرعية السلطة والقيادة القائمة وتعملان على عرقلة ذلك.

ويضيف أن واشنطن وتل أبيب تعتبران في إنجاز المصالحة الفلسطينية عامل إضعاف للخطة الأمريكية المعروفة باسم "صفقة القرن" ولوتيرة مسألة التطبيع العربي مع إسرائيل الذي يسعى إلى تهميش القضية الفلسطينية.

ويبرز المصري أنه تم استخدام عقد المباحثات بين حركتي فتح وحماس في إسطنبول كذريعة لتبرير التخلي عن الفلسطينيين، بحجة أنهم اختاروا محور تركيا وقطر، مشددا على أن ذلك "أمر مخالف للحقيقة".

ويرجح المصري أن "الجولة القادمة من الحوار الوطني الفلسطيني التي ستضم الأمناء العامين للفصائل ستعقد في القاهرة التي رحبت باستضافة الحوار في وقت تبقي فيه القاهرة ذات التأثير الأكبر على الأطراف الفلسطينية".

ويعاني الفلسطينيون من انقسام داخلي منذ منتصف عام 2007 إثر سيطرة حركة "حماس" على الأوضاع في قطاع غزة بعد جولات من الاقتتال الداخلي مع القوات الموالية للسلطة الفلسطينية.

وفشلت عدة تفاهمات في تحقيق المصالحة وترك ذلك المؤسسات الفلسطينية الرسمية من دون أي تجديد فعلي لشرعيتها، إذ أن آخر انتخابات فلسطينية أجريت للمجلس التشريعي مطلع عام 2006 وأسفرت عن فوز حماس بالأغلبية، فيما كان سبق ذلك بعام انتخابات للرئاسة وفاز فيها الرئيس عباس.

ورغم الحديث الإيجابي المتكرر من مسؤولين في فتح وحماس بشأن جدية التوجه لإنجاز المصالحة والاتفاق على الانتخابات هذه المرة، فإن خيبات الأمل المتكررة تبقي تقلل من سقف توقعات الرأي العام الفلسطيني.

ويعتقد الكاتب والمحلل السياسي من غزة حسام الدجني أن "التأخر في الاتفاق على موعد للانتخابات بعد تفاهمات فتح وحماس الأخيرة سببه الرئيسي الغضب المصري على حوار الحركتين في تركيا".

ويقول الدجني إن فتح وحماس عبرتا عن انتقادهما لترحيب مصر باتفاقيات التطبيع بين دول عربية وإسرائيل مؤخرا من خلال التوجه إلى الحوار الثنائي في تركيا وليس في القاهرة كالمعتاد.

ومع ذلك، يشدد الدجني على أنه لا يمكن الاستغناء عن الدور المصري في مختلف الملفات الفلسطينية، نظرا لمكانة القاهرة الإقليمية وقدرتها على التأثير في القضايا المفصلية وعلى رأس ذلك العلاقة الفلسطينية مع إسرائيل.

ويضيف أنه لا يمكن في المقابل أن تتخلى مصر عن دورها في الملف الفلسطينى وتركه لخصومها الإقليميين، مع التأكيد على أن تحقيق التقدم المنشود في ملف المصالحة يبقي متعلقا أساسا بالأطراف الداخلية الفلسطينية وجديتها في الشراكة الوطنية.

وظلت تفاهمات المصالحة المتكررة بين فتح وحماس مصيرها الفشل في ظل خلافات الحركتين العميقة بشأن أسس الشراكة وتقاسم السلطة فضلا عن التضارب في الموقف السياسي.

كما تبرز قضايا متعددة تظل بحاجة لتطوير استراتيجية بشأنها على رأسها تحديد شكل العمل ضد إسرائيل وسبل إعادة ترتيب منظمة التحرير الفلسطينية بحسب المراقبين.

المصدر: وكالة قدس نت للأنباء - غزة (شينخوا)