لطالما دأب بعض الساسة الأمريكيين على تشويه سمعة الصين بلا هوادة بشأن تنميتها السلمية. غير أن، واشنطن هي التي يُعرف عنها بشكل سيء السمعة تعريض السلام العالمي للخطر من خلال التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى والتحريض على العنف لتخريب الحكومات التي يُطلق عليها ما يسمى بالحكومات المعادية.
منذ الحرب العالمية الثانية، حاولت الولايات المتحدة، من أجل السعي وراء الهيمنة العالمية، بمختلف الوسائل تغيير أو تخريب الحكومات الأجنبية التي لا تتوافق، من وجهة نظر واشنطن، مع المصالح الأمريكية.
ومن خلال اللجوء إلى إجراءات تخريبية مثل التدخل المسلح، والغزو العسكري، والعقوبات الاقتصادية، والتسلل الثقافي، والتحريض على أعمال الشغب، وحملات التضليل، أصبحت واشنطن أكبر عوامل زعزعة استقرار الأمن السياسي العالمي.
تحب واشنطن أن تصف نفسها بزعيمة العالم الحر وحارس الديمقراطية القائمة على النمط الغربي. ومع ذلك، علق عالم اللغويات والباحث السياسي الشهير نعوم تشومسكي ذات مرة قائلا إن التاريخ المعاصر للسياسة الخارجية الأمريكية "يُعرف إلى حد كبير بعمليات تخريب الأنظمة الأجنبية والإطاحة بها ... واللجوء إلى العنف لتدمير التنظيمات الشعبية التي قد تتيح لغالبية السكان فرصة لدخول الساحة السياسية".
ووفقا لإحصاءات جمعتها ليندسي أورورك، الأستاذ المساعد في العلوم السياسية بكلية بوسطن ومؤلفة كتاب "تغيير النظام سرا: الحرب الباردة الأمريكية السرية"، أجرت الولايات المتحدة 64 عملية سرية لتغيير أنظمة ما بين عامي 1947 و1989.
وإلى جانب العمليات السرية، انتهكت واشنطن بشكل صارخ ومتكرر القانون الدولي من خلال غزو دول مثل بنما وجرينادا والعراق. كما أظهرت حرب الطائرات بدون طيار التي دامت لعقد من الزمان في جنوب آسيا وشمال إفريقيا والشرق الأوسط تجاهل واشنطن الصادم لأرواح من لحم ودم.
وأمريكا اللاتينية، التي هي من ضحايا العم سام المهيمن، تتحمل وطأة التدخل الأمريكي. فقد ذكر جون كوتسوورث، العميد السابق لجامعة كولومبيا ومؤرخ شؤون أمريكا اللاتينية، أن واشنطن تدخلت بنجاح لتغيير الحكومات في أمريكا اللاتينية 41 مرة على الأقل في الفترة من 1898 إلى 1994.
وكتب كوتسوورث في مقال، نُشر في "ReVista: The Harvard Review of Latin America"، يقول إن التدخلات الأمريكية "دعت إلى التشكيك في التزام الولايات المتحدة بالديمقراطية وسيادة القانون في الشؤون الدولية".
كما لعبت التدخلات العسكرية الأمريكية أدوارا رئيسية في إدامة التهديد الذي يشكله المتطرفون العنيفون على السلام والأمن العالميين.
فمنذ الغزو الأمريكي عام 2003، سقط العراق في الهاوية وتحول إلى منطقة صراع متاخمة لبعضها البعض تقريبا. كما حول الاحتلال العسكري الأجنبي المنطقة إلى أرض خصبة للإرهاب المتطرف.
وفي السنوات الأخيرة، شهدت أوروبا أكبر تدفق للاجئين منذ الحرب العالمية الثانية. ويُعتقد على نطاق واسع أن السبب الجذري يكمن في الإجراءات التدخلية التي تقوم بها واشنطن في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وفي الآونة الأخيرة، وافقت الولايات المتحدة على مبيعات أسلحة مزمعة لتايوان تبلغ قيمتها حوالي 1.8 مليار دولار أمريكي، وهو ما يمثل انتهاكا خطيرا لمبدأ صين واحدة والبيانات الصينية الأمريكية المشتركة الثلاثة، وكذا يقوض سيادة الصين ومصالحها الأمنية.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية تشاو لي جيان يوم الاثنين إن الصين قررت فرض عقوبات على شركات أمريكية ذات صلة، بما فيها ((لوكهيد مارتن)) و((بوينغ للدفاع)) و((رايثيون))، إلى جانب أفراد وكيانات تلعب "دورا خسيسا" في هذه العملية، كـ"خطوات ضرورية" لحماية مصالحها الوطنية.
وذكر الرئيس الصيني شي جين بينغ يوم الجمعة في اجتماع بمناسبة الذكرى الـ70 لدخول جيش متطوعي الشعب الصيني جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية للقتال في حرب مقاومة العدوان الأمريكي ومساعدة كوريا أن "الغطرسة، أو قيام المرء دائما بما يحلو له، أو أفعال الهيمنة، أو الطغيان، أو التنمر لن تؤدي إلى أي نتيجة".
في عالم اليوم، باتت الأعراف التي تحكم العلاقات الدولية، مثل المساواة في السيادة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للآخر، متجذرة بعمق في قلوب الناس بجميع أنحاء العالم. ومن خلال فرض إرادتها المهيمنة على الآخرين والتصرف في تحد للقانون الدولي، تحول واشنطن نفسها إلى دولة منبوذة.