يترقب الفلسطينيون نتائج الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة الأمريكية المقررة بعد أيام، وسط غضب من سياسات الرئيس الحالي دونالد ترامب، الذي سعى لتقويض قضيتهم، بحسب مسؤولين ومحللين فلسطينيين.
ولم يخف مسؤولون فلسطينيون تطلعهم لخسارة ترامب، سباق الفوز بولاية ثانية في البيت الأبيض باعتبار أن إعادة انتخابه ستمثل استمرارا للتهديد، الذي تضمنته رؤيته للسلام المعروفة باسم "صفقة القرن" المرفوضة من الفلسطينيين بشدة.
واعترف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل في ديسمبر عام 2017، واتخذ سلسلة خطوات مناهضة للفلسطينيين مثل وقف المساعدات المالية عنهم وإغلاق مكتب منظمة التحرير في واشنطن.
وفي يناير الماضي أطلق ترامب خطة سلام مثيرة للجدل معروفة إعلاميا باسم "صفقة القرن" رحبت بها إسرائيل، فيما رفضها الفلسطينيون بشدة وأعلنوا مقاطعة واشنطن بسبب ما اعتبروه تعديا كبيرا على الحد الأدنى من حقوقهم.
"خسارة ترامب مكسب"
يقول نبيل شعث المبعوث الخاص للرئيس الفلسطيني محمود عباس، لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن احتمال خسارة ترامب للانتخابات الأمريكية "مكسب للقضية الفلسطينية" بوصفه "أسوأ رئيس في تاريخ العلاقات الفلسطينية الأمريكية".
ومع ذلك يؤكد شعث أن الفلسطينيين لا ينظرون إلى المرشح الديمقراطي جو بايدن، بوصفه المنقذ بالنظر إلى طبيعة السياسة الأمريكية المتحالفة مع إسرائيل.
ويضيف "ربما في حال فوز بايدن قد لا يكون هناك تغيير كبير، وحتى إذا حصل ذلك سيأخذ الكثير من الوقت لأن أي رئيس جديد سيكون لديه أولويات في ترتيب أمور إدارته ومسائل داخلية".
ورغم تحفظ عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صالح رأفت، على مجمل السياسة الأمريكية تجاه القضية الفلسطينية، إلا أنه رأى في تصريحات بايدن، بارقة أمل في إمكانية إلغاء صفقة القرن وإعادة الدعم للسلطة الفلسطينية.
ويعتبر رأفت ل(شينخوا) أنه من المحتمل أن يحمل وصول بايدن إلى البيت الأبيض "تغيرا في السياسة الأمريكية نظرا لمواقفه المعلنة تجاه السياسة الخارجية والصراع الفلسطيني مع إسرائيل".
وأثارت إدارة ترامب المزيد من الغضب الفلسطيني في الآونة الأخيرة برعايتها إقامة علاقات رسمية وتطبيع بين ثلاث دول عربية، هي الإمارات والبحرين والسودان مع إسرائيل في تجاوز للموقف العربي السابق بضرورة حل القضية الفلسطينية أولا.
وأعلنت الإدارة الأمريكية أن عدة دول عربية ستتوصل إلى اتفاقات مماثلة للتطبيع مع إسرائيل على الرغم من الرفض الفلسطيني لأي خطوة على هذا الصعيد واعتبارها مخالفة لمبادرة السلام العربية.
ومبادرة السلام العربية بادرت إلى صياغتها المملكة العربية السعودية، وتبنتها جامعة الدول العربية عام 2002، وتنص على إقامة علاقات تطبيع مع إسرائيل بعد انسحابها من الأراضي العربية والفلسطينية المحتلة منذ عام 1967.
لا أفاق مؤكدة للسلام
ويقول الدبلوماسي الفلسطيني السابق نبيل عمرو، إنه لا يوجد تعويل فلسطيني صريح على فوز بايدن، لكنه يتم تفضيله "نظرا للمواقف المسبقة التي أعلنها الديمقراطيون مثل معارضة صفقة القرن وضم إسرائيل لأراض فلسطينية".
ويضيف عمرو ل(شينخوا) أنه "على صعيد التسوية السياسية ومستقبل عملية السلام لسنا متأكدين من أن بايدن سيعيد الاعتبار لها أو أن يبدأ حملة جديدة في الشرق الأوسط".
ويشير إلى أنه في عهد بايدن المحتمل في البيت الأبيض قد تعود العلاقات الفلسطينية الأمريكية إلى سابق عهدها في فترة ما قبل ترامب، لكن أفاق ملف التسوية لا تزال مجهولة.
ويتفق الكاتب والمحلل السياسي هاني المصري، بأن بايدن أطلق تصريحات مخالفة لسياسات ترامب فيما يتعلق بالشأن الفلسطيني مثل رفضه صفقة القرن مخطط الضم الإسرائيلي واستئناف العلاقات الأمريكية الفلسطينية.
ويشير المصري ل(شينخوا) إلى أنه من المتوقع أن يعمل بايدن مع المجتمع الدولي واللجنة الرباعية الدولية من أجل التوصل إلى تسوية للملف الفلسطيني من خلال العودة إلى سياسة إدارة الصراع مع تشجيع استئناف المفاوضات.
بموازاة ذلك، يبرز المصري أن "السياسة الخارجية للولايات المتحدة تحكمها محددات ملزمة وخاضعة لاعتبارات لا يتحكم بها الرئيس الأمريكي، وإنما ما يسمى الدولة العميقة".
ويضيف "يعزز هذا الرأي أن السياسة الأمريكية كانت دائمًا ثابتة في دعم إسرائيل وضمان أمنها وتفوقها العسكري على العرب مجتمعين، وفي التنكر للحقوق الفلسطينية".
وبحسب المصري، فإن أصحاب الرهان على بايدن يتجاهلون أن الرئيس الأمريكي أيا كان ليس صاحب القرار الأوحد، وأنه سيواجه إسرائيل "أكثر يمينية وتطرفا، والسائرة نحو المزيد من التطرف".
انتظار استئناف الدعم
بخلاف الموقف السياسي، فإن الفلسطينيين يترقبون نتائج الانتخابات الأمريكية في ظل أزمة مالية حادة تعانيها السلطة الفلسطينية بعد أن أوقفت إدارة ترامب جميع مساعداتها وضغطت على دول كي تحذو حذوها.
وبهذا الصدد، يرى المحلل الاقتصادي طارق الحاج، أن الموقف الأمريكي تجاه المساعدات المتعلقة بالفلسطينيين قد تكون حدته أقل مع بايدن مما هي عليه الآن مع ترامب.
كما يعتبر الحاج أن الموقف الرسمي الأمريكي من التعامل مع السلطة الفلسطينية قد لا يختلف جذريا في حال فوز بايدن، لكنه على الأقل سيكون أقل حدة من عهد ترامب.
وستجرى الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وهي ال59 يوم 3 نوفمبر المقبل.