هل نسيناكِ يا فلسطين؟!.

بقلم: عبد الحليم أبوحجاج

عبدالحليم أبوحجاج
  •   للكاتب الصحفي/ عبدالحليم أبوحجاج               

في ذكرى وعد " بلفور" الثالث بعد المئة...                     

   لن ننساكِ يا فلسطين! هتاف كُنا نستفتح به يومنا الدراسي كل صباح، فينطلق من أعماق القلوب ويعرُج إلى أعالي السماء عبر الحناجر في خشوع أمام العلم الفلسطيني. لن ننساكِ يا فلسطين: هي كلمة الشرف التي يجتمع عليها كل الفلسطينيين في كل المخيمات التي تُؤوي اللاجئين في ديار الغُربة. لن ننساكِ يا فلسطين: هي تسبيحة اللاجئ في البيت وفي المدرسة وفي المسجد وفي العمل وفي المنتدى وفي المقهى وفي الشارع، وفي النوم وفي اليقظة. لن ننساكِ يا فلسطين: هي ترنيمة الصبايا والعجائز في أغاني الأعراس، وأغنية الشباب والشيوخ المصاحبة لعزف الشبَّابة والأرغول في حلقات الدبكة. لن ننساكِ يا فلسطين: هي لحن الماضي والحاضر ونغم المستقبل. لن ننساكِ يا فلسطين: هي القَسَم المؤكَد والعهد المقدس أمام الله بالعودة إلى الديار. لن ننساكِ يا فلسطين: هي إقرار مني أنكِ يا حبيبتي في قلبي ووجداني، أنتِ كلي وكياني. لن ننساكِ يا فلسطين: هي صرخة الانتماء وصيحة الفداء، فعاشت فلسطين عربية حرة وستبقى عربية، وإنَّا إليكِ يا حبيبتي لراجعون... عائدون. فلا بديل عنك يا أغلى وأعز وأجمل البلاد يا بلادي.

   واليوم يا حبيبتي تبدَّلت الحال بحال أسوأ، فنسيناكِ يا فلسطين. بعناكِ يا فلسطين. فما عُدنا نسمع ذلك القَسَم بهتاف الأشبال يرتفع أمام علم فلسطين في طوابير الصباح في مدارسنا ومعاهدنا. وما عُدنا نرى علم فلسطين يرتفع على السارية مع  تراتيل التلاميذ بنشيد العودة في مدارسنا ومعاهدنا. وهل تجرؤ اليومَ مدرسة أن تستقطع الحصة الأولى للحديث عن إحدى المناسبات الوطنية من أجل التذكر والتوعية؟ هل تجرؤ مدرسة أن تسمح لمعلم بأن يقف أمام تلاميذه في طوابير الصباح في مدارسنا ومعاهدنا لإحياء ذكرى وطنية  فلسطينية كوعد بلفور أو يوم النكبة أو يوم الأرض؟. وما أكثر المناسبات المُبكيات التي كادت تغطي رزنامة السنة!.   

آهٍ يا حبيبتي... لقد طال زمن غيابك وإني أراه سيطول. يا وحدَكِ يا حبيبة!. لا تقبلي اعتذارنا وذرائعنا لإخفاء عجزنا. فنحن الذين فرَّطنا في حقك وأشحنا وجوهنا عن حُبك، وأهملناكِ ونسيناكِ وبعناكٍ وتخلينا عنك مقابل الألقاب والمناصب والدولارات. بعناكِ بأبخس الأثمان يا أغلى الأوطان حين شطبوا في الكتب المدرسية عن اسمك وتاريخك واستبدلوا به أسماءهم التوراتية، وسكتنا. وحين شوَّهوا معالم جمالك كَذِباً وبُهتاناً، وانخرسنا. ثم حين أنزلوا صورتك التي تُزين حوائط        مدارسنا ومعاهدنا، ومحوا رسمك عن الخريطة الكونية، ورفعوا مكانها قواعد مملكة " إسرائيل " المزعومة، ورضينا نظير سلطة هزيلة على كرسي أكسح، يتهاوى بها إلى السقوط المُذل. وما زال تجار السياسة والدين في بلادنا يتنازلون عما تبقى من العروض الوطنية ويقدمونها هدايا لليهود في" بانوراما " أعيادهم، يتقربون بها زُلفى مقابل رضا الوالدين: أمريكا وإسرائيل!.*

وأختم بتذكير الأبناء والأحفاد بنشيد العودة، الذي لا يعرفونه ولم يسمعوه، ولم يعلموا أنه كان لنا النشيدَ الوطني الفلسطيني في قطاع غزة ما بعد النكبة حتى الهزيمة؛ هذا النشيد الذي كُنا نصدح به في مدارسنا كل صباح مع تحية العلم، (النشيد للشاعر الفلسطيني/هارون هاشم رشيد):

عائدون عائدون ... إننا لعائدون

فالحدودُ لن تكون ... والقلاعُ والحُصون

فاصرخوا يا نازحون... إننا لعائدون

عائدون للديار... للسهول للجِبال

تحت أعلام الفَخَار... والجهاد والنضال

بالدماء والفداء... والإخاء والوفاء...إننا لعائدون

عائدون يا رُبى... عائدون يا هِضاب

عائدون للصِّبا... عائدون للشباب

للجهاد في النِّجاد... والحصاد في البلاد...إننا لعائدون.

يا فلسطين دعا... هاتفٌ إلى السلاح

فحملنا المدفعا... وتنسَّمنا الرياح

للأمام  للأمام... بالحُسام والحِمام... إننا لعائدون .*

                                                       *(4/11/2020)*

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت