- بقلم علي بدوان ... عضو اتحاد الكتاب العرب
لايتسع المجال لكتابة بوستات عن فعاليات، ونشطاء، ومثقفي، وفناني الشعب الفلسطيني في سوريا، حيث سبق وأن اوردنا في موادٍ سابقة أسماء العدد الواسع منهم. ولكنني أجد نفسي الآن أمام كتابة البوست التالي عن الفنان نزار أبو حجر.
فقبل فترة، وأنا أهمُّ بالخروج من مبنى التلفزيون العربي السوري، بعد انجاز حلقة حوارية فلسطينية، تصادفت باللقاء مع الفنان نزار أبو حجر، الفنان والممثل السوري من اقليم فلسطين، الفنان الذي هاجر والده من (بلدة المجدل) قضاء لواء غزة إلى وطنه الثاني سوريا بعد نكبة العام 1948، واستقر في إحدى الأحياء الدمشقية العريقة داخل الأسوار (دمشق القديمة).
الجميل عند لقاء المصادفة مع الفنان نزار أبو حجر عند المدخل الرئيسي للتلفزيون، رشاقة مشيته، وحديثه مع الداخلين والخارجين، بلكنة دمشقية، لاينطقها حتى (الشامي العتيق والمُعتّق)، وانتعاله الـــ (الشاروخ)... وقد أثار في تلك اللحظات اعجاب من التقاهم، ومودتهم، وتقديرهم لدوره كفنان شعبي، خرج من بين الناس، من أحياء دمشق العتيقة، وفي الوقت ذاته كفلسطيني ابن هذه البلاد، ومن قماشها وهوائها وارضها...
بعيد اللجوء الى دمشق عام النكبة، تزوج والده من فتاة دمشقية من عائلة البابا، فرأى نزار نور الحياة في أيار/مايو 1952، لكنه (أي نزار) اضطر لترك دراسته بعد وفاة واله وهو صغيراً في السن. واضطُرَّ إلى الخروج الى سوق العمل وهو بعمرٍ صغير، ليصرف على والدته وإخوته، لكنه وبارادة التحدي قرَّر وهو في عمر الخامسة عشرة أن يلتحق بصُفوف محو الأمية، فحصل على الشهادة الابتدائية والإعدادية والثانوية، ثم قرَّر الالتحاق بكلية الفلسفة، وقد كان يعمل في النهار بالمسرح ويدرس في الليل، حتى تخرج بعد أربع سنوات. وبعد الانتهاء من رسالة الماجستير اشتغل أبو حجر مدرسًا لمادة الفلسفة في إحدى المدارس الثانوية بدمشق، ثم حصل على درجة الدكتوراه في الفلسفة.
ثم انتقل إلى العمل في مسرح الحمراء بدمشق.، حيث تفتحت أمامه مدارك الفن، وفتحت ابوابها الأولى في مشواره. فخاله (شقيق والدته) هو الفنان السوري الشهير (أنور البابا)، الذي اشتهر بأداء شخصية (أم كامل)، بينما تشير الكثير من المصدر بأن صلة قربى تربطه بالفنانة (سعاد حسني) وشقيقتها (نجاة الصغيرة) وهما من أصولٍ سورية، ووالدهما (محمد حسني البابا)، السوري الذي استقر وعاش في القاهرة. فهما ابنتا عم أمه، أي أن والد سعاد ونجاة هو عم والدة الفنان نزار أبو حجر.
وعليه، تقدم إلى اختبارٍ لاختيار الممثلين، ونجح وانضم إلى نقابة الفنانين عام 1994، وبدأ التمثيل المسرحي، انطلاقاً من فيلم (الليل) من اخراج محمد ملص.
نزار أبو حجر، الفلسطيني السوري الشامي، صاحب اللكنة الدمشقية المميزة على لسانه، امتلك ويمتلك موهبة فنية وكاريزما استثنائية، يستطيع أن يعطي من خلالها أي شخصية يُجسدها حجمًا ومساحة وبصمة وتألقاً وابداعاً.
الفنان نزار أبو حجر، السوري، الفلسطيني المجدلاوي، هو في نهاية الأمر حاملاً لرسالة، رسالة الفن، وهي في جوهرها رسالة وطنية أيضاً.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت