وفاة الدكتور صائب عريقات امين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية

د. صائب عريقات

توفي الدكتور صائب عريقات أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، يوم الثلاثاء، متأثرا بإصابته بفيروس كورونا.

وكان عريقات يعالج منذ أسابيع في مستشفى "هداسا" الإسرائيلي في القدس المحتلة، الذي نقل إليه إثر تدهور حالته الصحية. وفي مطلع أكتوبر الماضي، أعلن عريقات (65 عاما) إصابته بفيروس كورونا.

ورغم أن وضعه كان مستقرا في البداية، فإن حالته الصحية تدهورت، مما استدعى نقله إلى المستشفى. وخضع عريقات في أواخر أكتوبر الماضي إلى عملية جراحية دقيقة في المستشفى الإسرائيلي.

وكان ينظر إلى حالة عريقات على أنها معقدة بشكل خاص، بالنظر إلى تاريخه الطويل من المشكلات الصحية، بما في ذلك عملية زرع رئة عام 2017.

وكان عريقات كبير المفاوضين في المحادثات مع إسرائيل، ومستشارا للزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات والرئيس الحالي محمود عباس..

  • أبومازن ينعى عريقات ويعلن الحداد بتنكيس الأعلام لمدة ثلاثة أيام

ونعى الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبومازن)، باسمه وباسم القيادة الفلسطينية والحكومة، إلى "جماهير شعبنا وأمتنا العربية والإسلامية، والأصدقاء في العالم، القائد الوطني الكبير، وشهيد فلسطين، أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، والأكاديمي البارز، صائب عريقات، الذي أمضى حياته مناضلاً ومفاوضاً صلباً دفاعاً عن فلسطين، وقضيتها، وشعبها، وقرارها الوطني المستقل." حسب وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية

وقال أبومازن "إن رحيل الأخ والصديق، المناضل الكبير الدكتور صائب عريقات، يمثل خسارة كبيرة لفلسطين ولأبناء شعبنا، وإننا لنشعر بالحزن العميق لفقدانه، خاصة في ظل هذه الظروف الصعبة التي تواجهها القضية الفلسطينية".

وأضاف أبومازن ، "تفتقد فلسطين اليوم، هذا القائد الوطني، والمناضل الكبير الذي كان له دورٌ كبير في رفع راية فلسطين عاليا، والدفاع عن حقوق شعبنا وثوابته الوطنية، في المحافل الدولية كافة، وكان له دوره البارز عندما كان عضواً في الوفد الفلسطيني في مؤتمر مدريد للسلام في العام 1991، ووزيراً للحكم المحلي، وعمله الدؤوب رئيساً لدائرة المفاوضات التابعة لمنظمة التحرير، وعضواً في المجلس التشريعي الفلسطيني لدورتين متتاليتين، وتوج ذلك بتقلده أمانة سر وعضوية اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير.

وتابع أبومازن :" سيتذكر أبناء شعبنا، الفقيد الكبير الدكتور صائب عريقات، ابن فلسطين البار، الذي وقف في المقدمة مدافعا عن قضايا وطنه وشعبه في ساحات العمل والنضال الوطني وفي الساحة الدولية."

وتقدم أبومازن  من أسرة الفقيد الكبير وزوجته وأبنائه وبناته بالتعازي والمواساة، سائلاً العلي القدير أن يتغمده بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته مع الرفيق الأعلى، وان يلهم أهله وذويه وجماهير شعبنا الصبر وحسن الاحتساب.

وأعلن أبومازن الحداد بتنكيس الأعلام لمدة ثلاثة أيام.

ونعت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، إلى جماهير الشعب الفلسطيني والامتين العربية والإسلامية، وأحرار العالم، أمين سرها، عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح"، "القائد الوطني المناضل الكبير، شهيد فلسطين صائب عريقات، الذي أمضى حياته مناضلا صلبا عنيدا في الدفاع عن حقوق شعبنا وقضيته الوطنية متمسكا بالقرار الوطني الفلسطيني المستقل ."

وقالت اللجنة التنفيذية في بيان صحفي "إن فلسطين وشعبها تفتقد المناضل الدكتور عریقات، في ظروف دقيقة وصعبة تمر بها قضية شعبنا، تحتاج للقادة والمناضلين، أصحاب الرؤى السديدة والمنحازة للقرار الوطني الفلسطيني المستقل، فرحيله بعد سنوات طويلة من النضال والعطاء والكفاح الوطني، يشكل خسارة لقامة وطنية عالية."

وأضافت: "تقدم الراحل الوطني الكبير المناضل عريقات الصفوف واحتل مكانة بين قادة العمل الوطني، في مسيرة الثورة الفلسطينية المعاصرة وفي إطار منظمة التحرير الفلسطينية من خلال حرصه على تجسيد الوحدة الوطنية الفلسطينية وتعزيزها وتمسكه بثوابت شعبنا ونضاله الدؤوب حتى نيل الحرية والاستقلال وحق تقرير المصير وحق العودة وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس وعرفته كافة المحافل الدولية مقاتلا شجاعا عن قضية شعبنا وحقوقه المشروعة."

وأكدت اللجنة التنفيذية أن "رحيل علم بارز من رموز الحركة الوطنية إنما يشكل خسارة كبيرة للمسيرة الكفاحية لشعبنا على المستويين الوطني والقومي، في هذا الوقت بالذات التي يتعرض المشروع الوطني الفلسطيني لمخاطر جسيمة جراء تصعيد العدوان على شعبنا."

وقالت إن "شعبنا وفصائله الوطنية وهي تودع اليوم القائد الراحل صائب عریقات ستبقى وفية للمثل العليا والمبادئ التي آمن بها ومن اجلها، تلك المزايا التي لا يتمتع بها سوى القادة الكبار الذين يرحلون وتبقى بصماتهم شاخصه في كل زمان ومكان ."
وتوجهت اللجنة في هذا المصاب الجلل إلى الرئيس محمود عباس ورفاق المسيرة والمصير حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح"، بأصدق عبارات التعازي والحزن، كما تتوجه الى زوجة وأبناء وبنات وعائلة الراحل بكل مشاعر المواساة، سائلة المولى عز وجل أن يلهمهم جميل الصبر والسلوان.

ونعت اللجنة المركزية لحركة "فتح" صائب عريقات وقالت في بيان لها "إن فلسطين خسرت اليوم قامة وطنية كبيرة ومناضلاً جسوراً حراً شريفاً، كان مثالاً للتضحية والعطاء، أمضى حياته مدافعاً صلباً عن الشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية العادلة وعن الحقوق المشروعة لشعبنا في العودة وتقرير المصير والحرية والاستقلال."

وذكرت  بمناقب القائد الكبير، ونضاله لفلسطين طوال حياته، مشيرة الى اهم المحطات النضالية التي شارك بها الراحل الكبير منذ مؤتمر مدريد للسلام عام 1991، إضافة الى ترؤسه لدائرة المفاوضات التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية، وعضويته في المجلس التشريعي لدورتين متتاليتين، متوجا مسيرته النضالية كعضو للجنة المركزية لحركة فتح، وأمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية.

وتقدمت اللجنة المركزية لحركة فتح من أسرة الفقيد ومن الرئيس محمود عباس والقيادة الفلسطينية باحر التعازي، سائلة الله العلي القدير أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته، وأن يلهم اهله وذويه وجماهير شعبنا الصبر والسلوان.

ونعت دائرة شؤون المفاوضات في منظمة التحرير إلى "شعبنا الفلسطيني في الوطن والمنافي ومخيمات اللجوء وإلى الأمة العربية والإسلامية وأحرار العالم أجمع شهيد فلسطين أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ورئيس دائرتها القائد الوطني المناضل صائب عريقات، بعد صراع مع المرض."

وقالت الدائرة في بيان، "بكل حزن وألم يعتصران القلوب، نودع اليوم صائب عريقات المناضل الشرس والقامة الوطنية الأبية، ولكن أيضاً نودع صائب الإنسان والأب الحنون والصديق والزميل الذي قلّ مثيله".

وأضافت: "سنفتقد مقاوما وطنيا عنيدا في هذه المرحلة العصيبة في تاريخ قضيتنا، وهو الذي قد أفنى حياته وكرّس كلّ وقته الشخصي والعام وهو يقاتل من أجل إنجاز حقوق شعبه، وفي مقدمتها تقرير المصير، وحرية فلسطين، واستقلالها الوطني، وعودة اللاجئين، عريقات الذي قضى عمره يدافع عن هذه الحقوق في ميادين النضال الفلسطينية والدولية المختلفة".

وأكدت الدائرة "أن ذكراه ستبقى خالدة تنير وجدان أبناء شعبه حتى تحقيق ما ناضل معهم من أجله لجلاء الاحتلال الغاشم وإنجاز استقلال فلسطين وعاصمتها القدس".

وتقدمت إدارة وحدة دعم المفاوضات وطاقم المستشارين بأحر التعازي لشعبنا الفلسطيني أسرته الكبيرة، ولأسرته الصغيرة وزوجته وأبنائه، سائلين الله عز وجل أن يتغمده بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته، وأن يلهم أهله وذويه ويلهمنا جميعاً الصبر والسلوان.

  • من هو صائب عريقات؟

ولد عريقات في 28 أبريل/نيسان عام 1955 في بلدة أبو ديس، شرقي القدس المحتلة، وسافر إلى الولايات المتحدة، في سن السابعة عشر، وأقام هناك مع والده فترة طويلة.

وحصل على درجة البكالوريوس في العلوم السياسية من جامعة سان فرانسيسكو عام 1977، ودرجة الماجستير في العلاقات الدولية من نفس الجامعة بعد عامين.

وفي عام 1982 حصل على شهادة الدكتوراه في دراسات السلام من جامعة برادفورد البريطانية.

وبعد نيله درجة الدكتوراه حصل عريقات على الجنسية الأمريكية.

وعمل المسؤول الفلسطيني في تدريس العلوم السياسية في جامعة النجاح منذ العام 1979 وحتى العام 1991، كما عمل في هيئة التحرير في جريدة القدس المقدسية منذ العام 1980حتى 1992.

وبزغ نجم عريقات في عالم السياسة، حينما ظهر مرتديا الكوفية الفلسطينية، خلال عضويته لوفد المفاوضات الفلسطيني في مؤتمر مدريد للسلام، عام 1991.

وشارك في مباحثات واشنطن خلال عامي 1992 و1993، وعُيِّن رئيساً للوفد الفلسطيني المفاوض عام 1994.

وكان عريقات، أول وزير للحكم المحلي في أول حكومة تشكلها السلطة الوطنية الفلسطينية بقيادة الرئيس الراحل ياسر عرفات.

وفي 1995، حمل لقب "كبير المفاوضين الفلسطينيين"، وانتخب لعضوية المجلس التشريعي الفلسطيني في جولتي الانتخابات اللتين عقدتا عامي 1996 و2006.

وعرف عن عريقات بأنه أحد المقربين من الزعيم الراحل ياسر عرفات (1929- 2004)، وخاصة إبان اجتماعات كامب ديفيد عام 2000 والمفاوضات التي أعقبتها في مدينة طابا المصرية عام 2001.

في عام 2009، انتخب عضواً باللجنة المركزية في حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح"، وهي أعلى هيئة قيادية في الحركة، ثم اختير بالتوافق في نهاية 2009 عضواً للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية.

وفي 2003، ترأس دائرة شؤون المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية.

وفاوض عريقات 6 رؤساء وزراء إسرائيليين، سعيا إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة الدولة الفلسطينية المأمولة.

"الحياة مفاوضات"

جمع عريقات خبراته التفاوضية في كتاب أطلق عليه اسم "الحياة مفاوضات" (2008)، ثم تبعه بكتاب بعنوان "عناصر التفاوض بين علي وروجر فيشر" (2014).

والكتاب الأخير، هو دراسة مقارنة بين سبعة عناصر للتفاوض حددها عالم المفاوضات الأمريكي فيشر، وعناصر التفاوض الـ12 عند الصحابي علي بن أبي طالب رضي الله عنه، أي أنها دراسة مقارنة بين السلوك التفاوضي الغربي والسلوك التفاوضي العربي– الإسلامي.

وخلال أكتوبر/تشرين أول الجاري، طرح المسؤول الفلسطيني، رؤية متكاملة لسُبل إفشال "صفقة القرن" الأميركية ومواجهة قرار الضم الإسرائيلي ضمن كتاب "رؤية عريقات"صدر عن "منتدى التفكير العربي"في لندن.

ويتهم اليمين الإسرائيلي، عريقات بالعمل على "تدويل"الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي من خلال طرح حصول فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة والانضمام إلى العديد من المعاهدات والمؤسسات والاتفاقيات الدولية، بما فيها المحكمة الجنائية الدولية ومعاهدات جنيف الرابعة.

ويقف عريقات على رأس لجنة تضم ممثلي فصائل، بما فيها ممثل عن حركة "حماس"، ومؤسسات أهلية فلسطينية مسؤولة عن تزويد المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بالمستندات التي تثبت تورط مسؤولين إسرائيليين في جرائم حرب ضد الفلسطينيين.

ودعم القيادي الفلسطيني في أكثر من مناسبة الجهود التي تقوم بها حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات من إسرائيل (BDS) الناشطة في فلسطين وفي أنحاء العالم والتي أعلنت إسرائيل الحرب عليها.

ويتهم عريقات الجيش الإسرائيلي بارتكاب جرائم حرب ضد الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية، وهو ما قاد إلى انتقادات حادة من قبل الحكومة الإسرائيلية اليمينية.

ورفض مواقف إسرائيلية وغربية بأن حركة "حماس"إرهابية ويصر على أنها حركة تحرر وطني فلسطينية، وأن "الاحتلال الإسرائيلي هو مستنقع الشرور في المنطقة".

ويصر في لقاءاته مع الإسرائيليين والأجانب على أن الحل هو بإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية على حدود 1967 مع إيجاد حل عادل لقضية اللاجئين الفلسطينيين يستند إلى قرار الأمم المتحدة 194 وهو ما رفضته إسرائيل.

ومؤخرا، عارض عريقات بشدة، تطبيع الإمارات والبحرين علاقاتهما مع إسرائيل.

وقال بعد توقيع اتفاقي التطبيع بواشنطن في 15 سبتمبر/أيلول، إنه لو قبل بما قبلت به الإمارات والبحرين، لوقع اتفاقا مع إسرائيل خلال ساعات.

ورد عريقات، على مغردين انتقدوا سنوات التفاوض الفلسطينية الطويلة مع إسرائيل، فقال "أنا قبضت على الجمر، ولم أقبل أن تكون القدس بما فيها المسجد الأقصى وكنيسة القيامة عاصمة لإسرائيل"، في إشارة لقبول الدولتين بذلك.

المصدر: وكالة قدس نت للأنباء - رام الله