- د. فايز أبو شمالة
ذبحت القيادة الفلسطينية انتفاضة الأقصى سنة 2005، ومنذ ذاك التاريخ وحتى يومنا هذا والعدو الإسرائيلي يعيش شهر عسل من الأمن والهناء على أرض الضفة الغربية ـ وباستثناء المقاومة في غزة، وبعض عمليات المقاومة الفردية في الضفة ـ فقد بدا المشهد الميداني مطمئناً للاحتلال، ومشجعاً له كي يتطلع بعيداً، ويوسع من مدى أطماعه في كل المنطقة، ليجرجر بقية بلاد العرب من خشمها، ويجبرها على الدوران في فلك أطماعه أينما دار.
وللتأكيد على ما سبق، فإن اطمئنان العدو الإسرائيلي للأمن والاستقرار في الضفة الغربية كان المحفز له للبحث عن مواقع أخرى في بلاد العرب، بلاد جاهزة للحراثة، وغرس بذور الصهيونية في مفاصلها، وقد شكل هذا الغرس الإسرائيلي حافزاً للتطرف، وشجع على انزياح المجتمع الإسرائيلي باتجاه اليمين، وهذا ما أظهرته نتائج الانتخابات الإسرائيلية في ثلاث جولات سابقة، حيث فازت الأحزاب الأكثر تطرفاً، ولمزيد من التدقيق، فإن الفوز في كل مرة كان من نصيب الأجنحة الأكثر تطرفاً، وقبل أيام أعطت استطلاعات الرأي لحزب يمينا ـ الأكثر تطرفاً من حزب الليكود ـ أعطته المزيد من المؤيدين، على قاعدة التنافس في التطرف، فمدرسة نتانياهو في التطبيع مع بعض العرب انجبت أفواجاً من الساسة الإسرائيليين الذين يتنافسون فيما بينهم على التطرف.
لقد تجاوزت الاطماع الإسرائيلية أرض فلسطين منذ زمن بعيد، ولكن الفترة الأخيرة تميزت بالانفتاح والارتياح للأذرع الأمنية الإسرائيلية، والتي صارت تعبث في ديار العرب وفق هواها، وقد أسهم في هذا العبث الأمني والسياسي والاقتصادي خلو المنطقة العربية من قيادة موحدة، تعمل بشكل جماعي على التصدي لهذه الهجمة الإسرائيلية المنظمة، والتي لم تبدأ من دولة الإمارات والبحرين كما يظن البعض، ولن تقف عند حدود السودان مع فوز جو بايدن.
الشعوب العربية التي أرهقها الاحتلال الإسرائيلي بالتفرقة والتمزق والديكتاتوريات، الشعوب العربية بحاجة إلى قيادة عربية موحدة، تقود مرحلة التحرر من الاحتلال الإسرائيلي المباشر وغير المباشر، فالبلاد العربية كلها تعاني اختلالاً في موازين البقاء، والشعوب العربية كلها تعاني من فايروس القمع والتسلط نفسه، وتشكو وجع الفقر والبطالة نفسه، وتنزف دم الحرية النابض بالأمل، الشعوب العربية بحاجة إلى وحدة موقف مقاوم لوحدة الحال البائس.
ما أحوج البلاد العربية إلى النهوض، ومواجهة العدوان! ما أحوج العرب إلى قيادة وطنية موحدة! تقود انتفاضة جماهيرية، تعمل على التخلص من الاحتلالات الإسرائيلية!
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت