- عماد عفانة
تعتبر الدول المانحة هي الداعم الأساسي لخزينة رواتب الموظفين في فلسطين المحتلة، سواء كانت رواتب موظفي السلطة الفلسطينية في رام الله وفي غزة، أو رواتب "أونروا" أكبر منظمة دولية حاصلة على تفويض من الأمم المتحدة، وتشغل نحو 30 ألف موظف في مناطق عملياتها الخمس، لإغاثة وتشغيل أكثر من خمسة ملايين لاجئ فلسطيني.
الدولة المانحة باتت لا تملك خيار الامتناع عن دعم موازنة دفع الرواتب لعشرات آلاف الموظفين الفلسطينيين، لأن النتيجة الحتمية تقول، أن الامتناع عن دفع رواتب الموظفين، يعني دفع المنطقة نحو مزيد من الفوضى، الأمر الذي سيضر حتما بمصالحهم في المنطقة.
ومن المتوقع أن تواصل الدول المانحة الوفاء بالتزاماتها سواء حيال دعم موازنة السلطة، أو حيال دعم موازنة الأونروا، وهذا الوفاء لن يكون نابعا على الأغلب من دوافع انسانية، بل نابع من دوافع أمنية، للحفاظ على أمن واستقرار "اسرائيل" القاعدة العسكرية الغربية المتقدمة في منطقة الشرق الأوسط.
ما تدفعه الدول المانحة للشعب الفلسطيني ليس منةً أو تفضلاً، بل هو واجب للتكفير عن خطيئة العالم الذي صمت في العام عام 1948 عن تشريد شعب لصالح احلال شعب آخر على أرض وطن ليس لهم.
ما تدفعه الدول المانحة للشعب الفلسطيني من أموال، يعتبر مجرد فتات قياسا بالثروات التي تواصل الدول الغربية نهبها من الدول العربية.
لغة الطلب والاستجداء من الدول المانحة لدفع ما عليها من مستحقات مالية لشعبنا لم تعد تجدي، وبات على الفلسطينيين رفع نبرتهم بما يهدد أمن واستقرارا مصالحهم ومصالح قاعدتهم العسكرية الفاشية على أرض فلسطين.
ليس على شعبنا البقاء في مربع المعاناة، جراء تأخر الأونروا في تقديم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أونروا" خدماتها للاجئين التي باتت تشهد حملة تقليصات غير مسبوقة تضر بمسؤولية ووظيفة الأونروا وببعدها السياسي.
أزمات "أونروا" المفتعلة وصلت مرحلة من الخطورة- لتعلقها بحياة ملايين اللاجئين الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية والقدس ومخيمات الشتات الذين يعتمدون بشكلٍ كلي على ما تقدمه الوكالة من خدمات صحية وإغاثية وتعليمية واجتماعية- درجة بات معها الصمت تواطؤ وخيانة.
حالة الشعور بعدم الأمن والاستقرار التي تعاني منها عشرات آلاف الأسر الفلسطينية في المدن والمخيمات الفلسطينية، يجب أن تنعكس على شعور انعدام الأمن والاستقرار لدى سكان مدن وقرى العدو في فلسطين المحتلة.
بات عار علينا أن نسمح بأن يجوع شعبنا بينما يشبع عدونا.
يجب أن نقول للعالم وبكل اللغات الشفوية والعملية أنّ المساس بالخدمات المُقدمة للاجئين له آثار خطيرة وانعكاسات كبيرة على سلامة وأمن الاحتلال.
وأن المساس باستمرار حياة اللاجئين، يعني بالضرورة المساس بحياة العدو الصهيوني.
وأن المحافظة على عمل أونروا بشكلٍ طبيعي ومنتظم، وتمكينها بحسب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة من أداء مهامها، حيث فُوضت للعمل في المناطق التي فيها اللاجئين، هو ضمانة استقرار في المنطقة.
يجب أن يفهم العالم أن أمن واستقرار المنطقة مرتبط حتما بأمن واستقرار الشعب الفلسطيني، وفي مقدمتهم ملايين اللاجئين.
وأن على العالم ألا يربط استقرار واستمرار عمل الأونروا بهوية وشخصية رئيس البيت الأبيض.
فإما أن يستجيب العالم ّ لنداءات استغاثة "أونروا" لتوفير 70 مليون دولار، لدفع رواتب موظفيها لشهري تشرين الثاني/ نوفمبر الحالي، وكانون الأول/ ديسمبر المقبل، اضافة لسد العجز المالي لمواصلة تقديم خدماتها لنحو ستة لاجئ فلسطيني، وإما أن تعاني ربيبتهم المفضلة "اسرائيل".
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت