- وسام زغبر
- عضو اللجنة المركزية للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- ومسؤول المكتب الصحفي للجبهة بقطاع غزة
لا شك أن هزيمة ترامب شكلت انتصاراً للمجتمع الدولي الذي عانى طوال أربع سنوات عجاف من سياساته وحروبه العدوانية في العالم وخاصة في منطقة الشرق الأوسط، وتحديه للقوانين وقرارات الشرعية الدولية، فهو الرئيس الأسوأ للولايات المتحدة وللعالم أجمع.
مع مجيء ترامب إلى البيت الأبيض ورئاسة الولايات المتحدة الأميركية أشعل حروباً وانقلابات في عديد دول العالم، ونسف قرارات الشرعية الدولية لتحل محلها قرارات تبرئ إسرائيل من جرائمها وخاصة ضد الشعب الفلسطيني متبعاً سياسة عدوانية ضد القضية الفلسطينية والحقوق الوطنية، وقدم هدايا ثمينة لإسرائيل لم يقدمها أي رئيس للولايات المتحدة، حيث اعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل والسيادة الإسرائيلية على الجولان، وتجاهل قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2334 الذي أدان الاستيطان وتعريف الضفة الفلسطينية والقدس المحتلة أرضاً محتلة، بمنح الشرعية للاستيطان وشرعنة الضم الإسرائيلي للضفة الفلسطينية بما فيها القدس المحتلة، وأعلن حربه العدوانية على السلطة الفلسطينية ووكالة الأونروا في إطار رؤية أطلق عليها اسمه لا ترى سوى المصالح الإسرائيلية ومصالح إدارة ترامب دون إعطاء الفلسطينيين الحد الأدنى من حقوقهم المشروعة.
يدفعنا التساؤل بعد فوز بايدن في الانتخابات، هل نحن أمام سياسة أميركية جديدة وما هي حدود التغيير فيها عن سابقتها، وهل سينعكس التغيير على القضية والحقوق الوطنية الفلسطينية، وما خيارات الفلسطينيين من فوز بايدن؟
وهذا التساؤل يعيدنا إلى الماضي القريب في رهان القيادة الفلسطينية على الساكن الجديد في البيت الأبيض بعد انقضاء فترتين رئاسيتين لأوباما رغم تقديمه هدية ثمينة للفلسطينيين قبيل رحيله، ومنها امتناع الولايات المتحدة عن التصويت في مجلس الأمن ضد قرار رقم 2334 الذين يدين الاستيطان ويعترف بالضفة والقدس أراضٍ محتلة، لتتفاجأ بوصول ترامب ممثلاً عن الحزب الجمهوري إلى البيت الأبيض، رغم حالة التفاؤل التي سادت لدى القيادة الفلسطينية وخصوصاً بعد اللقاء الحميم بين ترامب والرئيس أبو مازن في بيت لحم في (23/5/2017) مرتهناً لشروط غرنبيلات مبعوث ترامب، للعودة للمفاوضات الثنائية.
السياسة الانتظارية الفاشلة التي اتبعتها القيادة الفلسطينية في الرهان على الرؤية الأميركية الجديدة للسلام في المنطقة، التي سيقدمها الساكن الجديد في البيت الأبيض، ولكن تلك السياسة اصطدمت بصفعة تلقتها القيادة الفلسطينية في 26/12/2017 أطلق عليها ترامب زوراً وبهتاناً «صفقة القرن» وهي «رؤية ترامب» والتي تضمنت اعترافاً بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارة الولايات المتحدة من تل أبيب إلى القدس الشرقية وإعلان الحرب على السلطة الفلسطينية ووكالة الأونروا ومجموعة من القرارات التي تتجاهل كامل الحقوق الوطنية الفلسطينية التي كفلتها قرارات الشرعية الدولية وانحازت بشكل كامل نحو رؤية نتنياهو في إقامة «إسرائيل الكبرى».
لذلك يتوجب علينا أن ندرك أن رحيل ترامب ووصول بايدن إلى البيت الأبيض لا يعني بالمطلق توقف نتنياهو عن تطبيق رؤيته في ضم أوسع الأراضي في الضفة الفلسطينية بما فيها القدس المحتلة، ولا يعني تخلي نتنياهو عن خطة الضم التي أقرها في الكنيست في 17/5/2020 وتبنتها حكومة الثنائي نتنياهو- غانتس، ولا يعني أيضاً أن إدارة بايدن ستنجح في إرغام نتنياهو على وقف أو تجميد الاستيطان لصالح استئناف المفاوضات الثنائية، كما جرى في إدارة أوباما.
لذا نعتقد أن إدارة بايدن قد تقدم على خطوات تنفيذية ومنها إعادة فتح مكتب مفوضية فلسطين في واشنطن، واستئناف الالتزام المالي للسلطة الفلسطينية ووكالة الأونروا والتراجع عن قرارات أخرى اتخذها ترامب. فالمعيار الفلسطيني من إدارة بايدن يجب ان يكون واضحاً وشفافاً، من خلال موقفها من الحقوق الوطنية الفلسطينية كما رسمتها وأقرتها وكفلتها قرارات الشرعية الدولية وترجمها البرنامج المرحلي لـ م.ت.ف، والمتمثلة في دولة فلسطينية مستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس على حدود 4 حزيران (يونيو) 67، وحل قضية اللاجئين الفلسطينيين بموجب القرار 194، الذي يكفل لهم حق العودة إلى الديار والممتلكات التي هجروا منها منذ العام 1948، وبما يضمن رحيل الاحتلال، وتفكيك الاستيطان، وإلغاء سياسات الضم.
وأمام تلك المعطيات فلا بد من التأكيد أن كافة القرارات التي تبنتها المؤسسة الفلسطينية سواء في المجلس الوطني (2018) أو في المجالس المركزية (2015 + 2018) أو نتائج اجتماع الأمناء العامين في (3/9/2020) وتفاهمات إسطنبول، لا تقبل التأجيل وخاصة بعد نتائج الانتخابات الأميركية، وهي قرارات ملزمة للجنة التنفيذية في م.ت.ف وللسلطة الفلسطينية، وأي تراجع عن قرارات 19/5 سيلحق الضرر بالحالة الوطنية الفلسطينية لأنها عناصر الإستراتيجية الوطنية والتي أعلنت إنهاء العمل بالمرحلة الانتقالية لاتفاق أوسلو والتزاماتها، وإعادة الاعتبار للبرنامج المرحلي برنامج النضال في مرحلة التحرر الوطني، وهو ما ترجمت بعضاً من قراراته نتائج اجتماع الأمناء العامين حين أقرت تشكيل القيادة الوطنية الموحدة للمقاومة الشعبية وتشكيل الهيئة الوطنية المعنية بإعداد البرنامج الوطني الاستراتيجي لإنهاء الانقسام وتحقيق الشراكة، والتوافق على إعادة تشكيل اللجنة التنفيذية والمجلس المركزي في م.ت.ف، الإطار الجامع لكل القوى دون استثناء، بما في ذلك تشكيل حكومة جديدة للسلطة الفلسطينية، تتولى توفير عناصر الصمود والثبات للمجتمع الفلسطيني في خوضه غمار حرب الاستقلال والعودة ■
ملاحظة: مداخلة قدمت للمركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الإستراتيجية «مسارات» في جلسة عصف ذهني بعنوان «الخيارات الفلسطينية ما بعد فوز بايدن» يوم السبت (14/11/2020) عبر تقنية «ZOOM».
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت