مراقبون فلسطينيون يعتبرون زيارة بومبيو إلى مستوطنة في الضفة الغربية "تكريس الاعتراف بشرعية المستوطنات"

وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو يتحدث خلال مؤتمر صحفي في واشنطن العاصمة، الولايات المتحدة، في 5 مارس 2020.(شينخوا)

يرى مراقبون ومحللون فلسطينيون أن الزيارة التي من المقرر أن يقوم بها وزير الخارجية الأمريكية مايك بومبيو إلى مستوطنة مقامة على أرض فلسطينية في الضفة الغربية، بمثابة "تكريس الاعتراف الأمريكي بشرعية المستوطنات".

--"حالة من الغضب"

وسادت حالة من الغضب والتنديد من الأوساط الفلسطينية بهذا الشأن، حيث نددت الرئاسة الفلسطينية في بيان بالزيارة واعتبرتها "خطوة استفزازية للشعب الفلسطيني وقيادته".

وقال المتحدث باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة، إن الزيارة "سابقة خطيرة تؤكد تحدي هذه الإدارة للقرارات الدولية، التي أدانت الاستيطان بموافقة الإدارات الأمريكية السابقة".

وأضاف أن هذه الزيارة تعني أن "الإدارة الأمريكية هذه أصبحت شريكا أساسيا في احتلال الأراضي الفلسطينية"، مؤكدا أنه لا يمكن لهذه الزيارة أو أي دعم أمريكي للاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية أن يعطيه شرعية أو يغير من حقيقة أنه إلى زوال.

ويرى مراقبون فلسطينيون أن إسرائيل تسعى بشتى الطرق "الاستفادة من الدعم اللا محدود الذي تقدمه الإدارة الأمريكية من أجل التوسع الاستيطاني والاستيلاء على مزيد من الأراضي الفلسطينية.

ويعتزم بومبيو القيام بزيارة استثنائية لمصنع نبيذ في مستوطنة (بساغوت) قرب رام الله في الضفة الغربية، قبل أن يزور مناطق محتلة في الجولان السوري ليصبح بذلك أول وزير خارجية أمريكي يقوم بهذه الخطوة، الذي اعترف الرئيس دونالد ترامب بضمه للسيادة الإسرائيلية في مارس 2019، قبل أيام من الانتخابات الإسرائيلية.

وأكدت وزارة الخارجية الأمريكية اعتزام بومبيو القيام بزيارة لإسرائيل يلتقي خلالها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لكنها لم توضح إذا ما كان جدوله يشمل زيارة مستوطنة بساغوت والجولان السوري.

وقالت صحيفة يديعوت العبرية إن صاحب مصنع النبيذ في مستوطنة بساغوت أطلق منتجا للمصنع من النبيذ يحمل اسم "بومبيو" تكريما لموقف وزير الخارجية، ومن غير المعروف إذا ما كانت الزيارة رسمية أو أنها ستكون خاطفة.

-- "تنكر للقانون الدولي"

ويقول المحلل السياسي في رام الله غسان الخطيب، إن الإدارة الأمريكية الحالية "تصر على إنهاء ولايتها بموقف ومسلك يعبر عن حقيقة تنكرها للقانون الدولي".

ويضيف الخطيب، أن زيارة بومبيو للمستوطنات في الضفة الغربية المحتلة من قبل إسرائيل "تكريس للاحتلال وتشجيع واضح وصريح للمخالفات الإسرائيلية للقانون الدولي".

ويرى الخطيب، أن الزيارة من شأنها "تأجيج المشاعر الفلسطينية ضد الإدارة الأمريكية وزيادة العداء لها بنسبة كبيرة من قبل شعوب العالم".

واحتلت إسرائيل الضفة الغربية في العام 1967 وأقامت عليها العديد من المستوطنات، التي تعتبر مخالفة للقانون الدولي، لكن بومبيو، أعلن قبل نحو عام أن المستوطنات لا تنافي القانون الدولي في خطوة مثيرة للجدل قوبلت برفض فلسطيني قاطع.

--"إسرائيل تسابق الزمن"

وبحسب مصادر فلسطينية فإن، الحكومة الإسرائيلية تسابق الزمن لاستغلال الأسابيع المتبقية للإدارة الأمريكية الحالية لإتمام أمور هامة أولها بناء استيطاني توسعي في مدينة القدس، وترتيب مناقصات جديدة لبناء استيطاني في مناطق الضفة الغربية كانت الإدارات الأمريكية السابقة تعارضها.

وأشارت المصادر لوكالة أنباء (شينخوا)، إن الحكومة الإسرائيلية تسعى كذلك إلى إتمام مشاريع هندسية لشوارع وطرق ضخمة تمر في الضفة الغربية وحول مناطق الخليل ونابلس ورام الله.

ويعد ملف الاستيطان أبرز أوجه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وأحد الأسباب الرئيسية لتوقف آخر مفاوضات للسلام بين الجانبين قبل منتصف العام 2014.

وسبق أن اعتبرت كل الإدارات الأمريكية قبل تولي الرئيس دونالد ترامب الحكم، سيطرة إسرائيل على الجولان السوري المحتل وبناء مستوطنات في الضفة الغربية، أمرين غير شرعيين.

--"مصلحة شخصية"

ويقول الكاتب والمحلل السياسي من رام الله أحمد رفيق عوض إن زيارة بومبيو فيها معاندة لكل شيء للقانون الدولي والفلسطينيين والعرب، معتبرا أنه يكمل مسيرته السابقة كونه الأسوأ على الإطلاق، على حد قوله.

ويضيف عوض، أن الزيارة "زائدة عن الحاجة فالرجل لا يحتاج مثل هذه الزيارات لتأكيد انحياز الإدارة الأمريكية لإسرائيل"، معتبرا أن الخطوة هي استفزازية للشعب الفلسطيني وأرضه وقضيته.

ويرى عوض، أنه على الرغم من أن زيارة المسئول الأمريكي "مخالفة قانونية دولية وجريمة بحق القانون الدولي والشعوب فهي أيضا تأتي كمصلحة شخصية من أجل مستقبله الشخصي لقادم السنوات في حال ترشح لمنصب الرئاسة الأمريكية وإظهار دعمه لإسرائيل التي تعتبر مسألة مهمة للحصول على تأييد الناخبين المسيحيين الانجيليين للحزب الجمهوري".

واعترف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل في ديسمبر عام 2017، واتخذ سلسلة خطوات مناهضة للفلسطينيين مثل وقف المساعدات المالية عنهم وإغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن.

وفي يناير الماضي أطلق ترامب خطة سلام مثيرة للجدل معروفة إعلاميا باسم "صفقة القرن" رحبت بها إسرائيل، فيما رفضها الفلسطينيون بشدة وأعلنوا مقاطعة واشنطن بسبب ما اعتبروه تعديا كبيرا على الحد الأدنى من حقوقهم.

المصدر: وكالة قدس نت للأنباء - رام الله (شينخوا)